موقع أميركي: لا نهاية تلوح في الأفق لأزمة لبنان

ميدان - ثار شباب لبنان قبل اليوم ومرارا انتصارا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين الإنسانية والشرعية في لبنان، ثم ثاروا انتصارا لحقوق اللاجئين السوريين الإنسانية والشرعية في لبنان
المحتجون اللبنانيون ظلوا يتظاهرون في الساحات من شمال البلاد إلى جنوبها وينسقون فعالياتهم عبر تطبيق واتساب (رويترز)

نشر موقع لوب لوغ الأميركي مقالا للباحث في المركز العربي بواشنطن جو معكرون، قال فيه إنه رغم مرور أكثر من شهر على الانتفاضة الشعبية في لبنان، فإنه ليس ثمة مؤشرات توحي أن "حكومة الأقلية" على استعداد لتقديم تنازلات ملموسة لتخليها عن السلطة.

ويضيف الكاتب أنه يبدو أن الطبقة السياسية متوافقة فيما بينها لكسب الوقت والصمود في وجه عاصفة الغضب الشعبي، وتسعى في الأثناء لتفريق المتظاهرين وشق صفوفهم وإحباط قضيتهم.

ويرى معكرون أن لبنان على شفا الانهيار الاقتصادي، دون أن تلوح في الأفق نهاية لأزمة انعدام ثقة الشعب في النظام السياسي السائد في البلاد.

وإنه من أن المدهش في هذه التطورات غير المسبوقة في لبنان-بتعبير الكاتب- تلك الوحدة بين الطوائف وسط المحتجين والطبقة السياسية على حد سواء. فالمحتجون ظلوا يتظاهرون في الساحات من شمال البلاد إلى جنوبها، وينسقون فعالياتهم عبر تطبيق واتساب.

وعي مدني
ويضيف الكاتب أن هذا الوعي المدني اللافت يدل على إحساس جديد بالانتماء، إذ يشعر المواطنون بأن لهم مصلحة في الحكم دون اللجوء لأقلية في طائفتهم لكي تقودهم.

غير أن الاحتجاجات في الريف والحضر لم تترجم بعد هذه القوة الجماعية الجديدة إلى منصة سياسية وعملية لرسم السياسات، وقد بدأ لبنان يشهد خلال العقد الماضي فقط بروز حركات مجتمع مدني وأحزاب سياسية جديدة تسعى لتكون بديلا لنظيراتها التقليدية.

لكن الطريق لا يزال طويلا، بحسب معكرون، فلبنان بحاجة إلى إصلاحات دستورية واقتصادية شاملة، وهي مهمة لن تتحقق بين عشية وضحاها.

ثم إن أفراد الأقلية الحاكمة متشبثون ببعضهم بعضا ويستخدمون الأساليب نفسها لقمع الانتفاضة الشعبية. وانتقد كاتب المقال تلك الأقلية وقال إنها تسعى لاستمالة عامة الجمهور لصالحها، وتحذر من أن استمرار الاحتجاجات تنذر بانهيار اقتصادي وتردٍّ أمني.

عناصر أساسية
ويخلص معكرون الحاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة سيتي في نيويورك، إلى أن ثمة ثلاث عناصر أساسية ستقرر الكيفية التي ستؤول إليها الأزمة الراهنة بلبنان، تلك العناصر هي الأمن والسياسة والقضاء والاقتصاد.

وقد ظل إغلاق الطرقات من قبل المحتجين نقطة خلافية بين جمهور اللبنانيين، حيث يرى بعضهم أنها جزء من عصيان مدني، بينما يعتبرها آخرون انتهاكا لحق المواطنين الأساسي في حرية الحركة.

ووفقا لمقال لوب بلوغ، حدث تحول جوهري في ديناميكيات السياسة اللبنانية منذ بدء الانتفاضة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فقد أخفقت الصفقة الرئاسية 2016 بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري تحت وطأة الضغط الشعبي، لكنها لم تتداع بعد.

وقد سعت الأقلية الحاكمة للتوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة جديدة عوضا عن الإصغاء إلى مطالب المحتجين. فالحريري، الذي استقال من منصبه لكنه يتوق على ما يبدو للعودة إلى السلطة، يضع شروطا مسبقة ليرأس حكومة تكنوقراط (فنيين) صرفة.

يد الحريري
وفي الوقت نفسه، لا يريد ميشال عون وحزب الله الداعم له أن تُطلق يد الحريري في قيادة حكومة تكنوقراط، ويصرون على أن تكون خليطا من كفاءات فنية وسياسيين لا تثير أسماؤهم رد فعل سلبيا من المحتجين.

ويعتقد جو معكرون أن الحريري سيخسر ما تبقى من رصيده السياسي إذا بقي خارج السلطة أو إذا لم يكن له على الأقل تأثير كبير في اختيار مرشحين للوزارة الجديدة، بينما يحتاج عون وحزب الله لدعم المجتمع الدولي حتى يتمكن الحريري من اجتياز الأزمة الاقتصادية الحالية وتفادي عقوبات أميركية أخرى.

إن التحدي الماثل الآن -بحسب معكرون- هو أن التوصل إلى صفقة بين الطبقة السياسية الحاكمة لم يعد كافيا، طالما أن أي اتفاق يبرمونه لابد أن يلبي سقف المطالب العالية للانتفاضة الشعبية التي تفتقر للقيادة.

ولعل الوضع الأكثر إلحاحا يتمثل في خطر الانهيار الاقتصادي المحدق في ظل وجود مؤشرات متزايدة توحي بذلك في كلا القطاعين العام والخاص. فلبنان هو أحد البلدان التي ترزح تحت وطأة ديون هي الأعلى قيمة في العالم إذ يتوقع أن تصل إلى نسبة 155% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية هذا العام.

قيمة الليرة
ومن وجهة نظر الباحث معكرون فإن تخفيض قيمة الليرة اللبنانية قد يكون أمرا حتميا طالما أن ذلك حاصل بالفعل في السوق السوداء. وربما لن تكون هناك كمية من الدولارات في السوق اللبنانية تكفي لسد الحاجة إليها.

ومع انهيار اقتصادي وشيك وأزمة سياسية عميقة، يحتاج لبنان إلى تنفيذ عاجل لإصلاحات حقيقية وتحول جوهري في شكل الحكم.

وفي غضون ذلك، تكتنف السياسة الأميركية في لبنان الغموض، ويتجلى ذلك في حجبها المساعدات عن الجيش اللبناني وتركيزها في بياناتها على حزب الله بدلا من الأزمة اللبنانية في نطاقها الأوسع.

ويقترح الكاتب على واشنطن أن توعز إلى سفارتها في بيروت لتستحث كل المسؤولين اللبنانيين -على انفراد- على الإقرار بخطورة الأزمة الراهنة وبضرورة الاستماع إلى أصوات المحتجين وتشجيع الجيش على البقاء على الحياد.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية