ليبراسيون.. هكذا كشف الربيع العراقي عجز النخبة السياسية الحاكمة

An Iraqi demonstrator gestures during the ongoing anti-government protests in Najaf, Iraq November 18, 2019. REUTERS/Alaa al-Marjani
وعود الحكومة لا تلقى آذانا مصغية من المتظاهرين بل تزيدهم إصرارا على التمسك بمطالبهم (رويترز)

تناولت صحيفة ليبراسيون الفرنسية المظاهرات المستمرة في العراق ضد الحكومة والفساد والوضع السياسي والاقتصادي بالبلاد، وقالت إن الحكومة العراقية تبدو عاجزة عن الاستجابة للمطالب الاجتماعية المستعجلة وللضغط الدولي في هذا الشأن.

وقالت الكاتبة هالة قضماني -في مقال لها بالصحيفة- إن وعود رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لا تلقى آذانا مصغية من المتظاهرين بل تزيدهم إصرارا على التمسك بمطالبهم.

فعبد المهدي لم يفهم المطالب حاله حال سائر المسؤولين الفاسدين، كما يقول خالد وهو متظاهر يبلغ من العمر 22 عاما من مدينة الناصرية جنوب العراق.

ويضرب خالد مثالا لتعاطي الحكومة العراقية مع تزايد حالات الانتحار بين الشباب التي وصلت إلى أرقام مفزعة خلال العامين الماضيين من خلال حل مبتكر في العديد من مدن الجنوب يتمثل بإقامة حواجز إسمنتية عالية على طرفي نهر الفرات لمنع الشبان من رمي أنفسهم في النهر.

ممارسة السلطات العراقية ضد المحتجين قوبلت بإدانة دولية (رويترز)
ممارسة السلطات العراقية ضد المحتجين قوبلت بإدانة دولية (رويترز)

مماطلة الحكومة
وأضافت الكاتبة أنه منذ بداية الاحتجاجات المطالبة بإصلاح جذري في النظام السياسي، تماطل الحكومة العراقية في الاستجابة للمطالب، حيث كان أول قراراتها لتهدئة غضب الشارع التعهد بخلق وظائف وزيادة الرواتب وفتح تحقيقات في ملفات الفساد.

وتابعت أنه على الرغم من أن البعض وصف هذه القرارات بأنها مجرد إجراءات عرجاء، فإنها جاءت بعد أن اقتنعت السلطات بأن سياسة القمع والقتل ضد المحتجين السلميين لم تتسبب سوى في تأجيج المظاهرات، وواجهها العالم بالإدانة خاصة من طرف الولايات المتحدة التي تمتلك تأثيرا هائلا في العراق منذ غزوها لهذا البلد والإطاحة بصدام حسين عام 2003.

وقالت إن البيت الأبيض أصدر بيانا طلب فيه من بغداد إيقاف "الهجمات ضد المتظاهرين والناشطين ووسائل الإعلام، ورفع القيود عن خدمات الإنترنت"، بالإضافة إلى إجراء انتخابات مبكرة.

وذكّرت الكاتبة بأن واشنطن لم تكتفِ بذلك فحسب، بل أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اتصالا هاتفيا مع عبد المهدي، جاء في شكل تحذير جديد لحكومة بغداد. وخلال هذه المكالمة، استنكر الوزير الأميركي أعمال العنف ودعا إلى محاكمة المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات.

بلاسخارت قدمت خطة للخروج من الأزمة في العراق (الصحافة العراقية)
بلاسخارت قدمت خطة للخروج من الأزمة في العراق (الصحافة العراقية)

حسن النوايا
ونوهت الكاتبة بأن السلطات العراقية واجهت أيضا ضغوطا مارستها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جانين هينيس بلاسخارت. وعرضت المسؤولة الأممية خطة للخروج من الأزمة تتضمن إصلاحا انتخابيا وإجراءات ناجعة لمحاربة الفساد، بالإضافة إلى تعديلات على الدستور يليها برنامج مفصل لتطوير البنى التحتية وتحسين الخدمات العامة.

كما قدمت بلاسخارت بادرة خارجة عن المألوف، حيث طلبت تأييد المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لهذه الخطة الدولية، باعتبار أنه يتمتع بمنصب ديني رفيع، كما أنه عنصر فاعل في السياسة العراقية. وخلال المقابلة شكك السيستاني في "جدية" السلطات العراقية في تطبيق إصلاحات. بعد ذلك، عرضت بلاسخارت خطتها على الحكومة والبرلمان.

وقالت الكاتبة إن السلطات العراقية عملت على إبراز حسن نواياها علنا، ولكنها لم تنجح في إقناع المحتجين. وبعد استقباله لبعثة من الاتحاد الأوروبي، وعد عبد المهدي بفتح تحقيق حول الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين. وسخر المواطن خالد من هذه الوعود، ويرد متهكما "يتحدث عبد المهدي وكأن قوات الأمن لا تخضع لأوامره".

وأشارت الكاتبة إلى أن قوات الأمن شيدت جدارا من كتل الكونكريت (الخرسانة) يبلغ ارتفاعه عشرين مترا أقيم على الجسر بهدف الفصل بين مقار المؤسسات الحكومية وساحات المتظاهرين.

المصدر : ليبراسيون