رغم "فيتو" الغنوشي.. "قلب تونس" حاضر في مفاوضات تشكيل الحكومة

كشف رئيس الحكومة التونسي المكلف الحبيب الجملي، في حوار خاص مع الجزيرة نت عن أولويات عمله خلال الفترة المقبلة، وعن ملامح تشكيلة حكومته الجديدة، كما رد على حملة التشكيك في استقلاليته وكفاءته في علاقة بإدارة المرحلة القادمة، وتحدياتها الاقتصادية خصوصا.
الحبيب الجملي بدأ سلسلة لقاءات تشاورية لتشكيل الحكومة (مواقع التواصل)

آمال الهلالي-تونس 

انطلق رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي اليوم الثلاثاء في مشاورات تشكيل الحكومة، بعد لقاء تشاوري جمعه أمس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، وسط مواقف متضاربة وأخرى ضبابية لقيادات حزبية بشأن دخولها مفاوضات تشكيل الحكومة من عدمها.

وكان رئيس الحكومة المكلف قد أكد في حوار خاص للجزيرة نت على أن مشاوراته لتشكيل الحكومة سوف لن تستثني أي حزب أو منظمة وطنية، وأن اختيار أعضاء حكومته سيبنى على أساس الكفاءة والنزاهة.

اللقاء مع "قلب تونس"
وثمن القيادي في "قلب تونس" حاتم المليكي الدعوة التي وجهها رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي إلى الحزب للتشاور بشأن تشكيل الحكومة، مؤكدا للجزيرة نت أن اللقاء الذي جمعهم اليوم كان إيجابيا، وتم خلاله تبادل وجهات النظر حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن.

وشدد على أن استجابتهم لدعوة الجملي لا تعني بالضرورة انخراط "قلب تونس" فعليا في مشاورات تشكيل الحكومة بقدر ما هو لقاء تشاوري ستتلوه لقاءات أخرى، لتبادل وجهات النظر في مسائل تقنية وسياسية تهم المسار الحكومي، حسب قوله.

وأكد القيادي في "قلب تونس" مطالبتهم رئيس الحكومة بتحييد وزارات السيادة، والابتعاد عن المحاصصة الحزبية في عملية اختيار أعضاء الحكومة المقبلة. 

وبشأن موقف حزبه من تصريحات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بضرورة استبعادهم من مفاوضات تشكيل الحكومة، قال المليكي إن حزبه " يتعاطى مع المواقف الرسمية للحركة وليس مع تصريحات أشخاص"، مؤكدا أن رئيس الحكومة المكلف هو المخول لإدارة الحوار دون غيره.

راشد الغنوشي سيترأس وفد حزبه في مشاورات تشكيل الحكومة (الأناضول)
راشد الغنوشي سيترأس وفد حزبه في مشاورات تشكيل الحكومة (الأناضول)

وفاء لوعد
وسبق أن أكد رئيس البرلمان راشد الغنوشي على أن حركة النهضة ستستبعد حزب "قلب تونس" صاحب المرتبة الثانية في التمثيل البرلماني بـ38 مقعدا من مشاورات تشكيل الحكومة، في خطوة قال إنها "وفاء بوعد قطعته على الحركة على نفسها".

وأوضح الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري للجزيرة نت أن راشد الغنوشي سيكون ضمن على رأس وفد الحركة في أولى مشاورات تشكيل الحكومة التي دعا لها الحبيب الجملي.

وبخصوص مشاركة حزب قلب تونس في هذه المشاورات رغم "الفيتو" الذي رفعه ضده الغنوشي، اعتبر الخميري أن رئيس الحكومة المكلف له الحق في أن يختار طريقة مفاوضاته، ويدعو لها من يشاء.

وتابع "لنا في الحركة سياساتنا ومواقفنا من الحكومة القادمة، والتفاوض بيننا وبين رئيس الحكومة والأطراف السياسية هو الذي سيفضي في الأخير إلى الحكومة التي يريدها الشعب التونسي".

ورفض الخميري توصيف ما حدث خلال الجلسة الأولى في البرلمان بين "النهضة" و"قلب تونس" بالتحالف، مؤكدا أنها "مجرد تفاهمات محدودة في زمانها ومكانها لتسيير العمل البرلماني".

مناورة جديدة
وبشأن اتهامات رئيس النهضة بازدواجية الخطاب فيما يتعلق بوعود أطلقها إبان الحملة الانتخابية وإعلانه القطعي عدم التحالف مع قلب تونس، جدد الخميري التزام حزبهم بهذا الوعد.

وكانت قيادات محسوبة على قوى الثورة مثل حركة الشعب والتيار الديمقراطي وصفت تصريحات الغنوشي بالمناورة الجديدة بعد "مناورة تشكيل البرلمان" التي شهدت تحالفا بين النهضة وقلب تونس وانتهت بانتخاب الغنوشي رئيسا للبرلمان، وسميرة الشواشي عن "قلب تونس" نائبة أولى له.

على صعيد آخر، أبدى حزب التيار الديمقراطي مرونة غير مسبوقة -بحسب مراقبين-  في موقفه من الدخول بمفاوضات تشكيل الحكومة، حيث قبل اليوم الدعوة التي وجهها له رئيس الحكومة الحبيب الجملي بحسب ما أكده القيادي في الحزب محمد الحامدي للجزيرة نت.

وفي هذا السياق، أكد على ما وصفها بـ"إيجابية" حزبه في الاستماع لتصورات رئيس الحكومة في علاقة بأوليات برنامج حكمه، لكنه شدد مقابل ذلك على تمسكهم بالشروط التي حددت سابقا والمتعلقة بنيل حقائب وزارية بعينها، الداخلية والعدل والإصلاح الإداري.

وعبر الحامدي عن أمله ألا يكون موقف رئيس حركة النهضة من عدم إشراك حزب "قلب تونس" في مفاوضات تشكيل الحكومة مجرد تقسيم أدوار بينه وبين رئيس الحكومة، في علاقة بمناورة سياسية جديدة، مجددا تمسك حزبهم بعدم المشاركة في حكومة جنبا إلى جنب مع "قلب تونس".

وكان أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي قد صرح بأن رئيس الحكومة المكلف لم يوجه إلى حزبه الدعوة لحضور المشاورات، مثل التيار، وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وحركة النهضة، في حين أكد القيادي بالحزب خالد الكريشي للجزيرة نت أن حزبه منفتح على جميع المشاورات التي يقوم بها الجملي وبانتظار دعوته.

ويخشى كثيرون من سيناريو تعثر مشاورات تشكيل الحكومة في آجالها الدستورية، في ظل حالة من التعنت بالمواقف السياسية التي أبدتها بعض الأحزاب فيما يتعلق بشروط دخولها الحكومة.

العد التنازلي لتشكيل الحكومة
وكان رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد قد كلف رسميا الحبيب الجملي في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بتشكيل الحكومة، بعد ترشيحه من قبل حركة النهضة لهذا المنصب باعتبارها الحزب الحائز على أكبر المقاعد في البرلمان (52 من أصل 217).

ويواجه رئيس الحكومة المكلف -بحسب مقتضيات الفصل 89 من الدستور- تحديا زمنيا بشهرين من تاريخ تكليفه، لإعلان تشكيلة حكومته الجديدة، وإذا فشلت في ذلك أو لم تنل حكومته ثقة البرلمان يتسلم رئيس الجمهورية زمام المبادرة ويعين الشخصية الأقدر لتولي هذا المنصب.

وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة يحق لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه 45 يوما وأقصاه تسعون يوما.

المصدر : الجزيرة