العالم يدير ظهره للانتهاكات ضد المتظاهرين في العراق
المطالبة بتغييرات
منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خرج العراقيون إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي تتمثل بمياه نظيفة وكهرباء على مدار الساعة، وتعليم للجميع وفرص للتوظيف، ووضع حد للفساد. ومنذ ذلك الحين، تطورت الاحتجاجات إلى دعوات لتغيير سياسي شامل، بما في ذلك حل البرلمان وإصلاح دستوري وانتخابات عامة تجرى تحت إشراف الأمم المتحدة.
وبدلا من الاستجابة لمطالب المحتجين، وقعت انتهاكات صارخة لحقوق المتظاهرين. وانتشر القناصة واستخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين وطواقم الإسعاف، وألقيت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بكميات كبيرة. ونتيجة لذلك، قُتل أكثر من 320 شخصا وأصيب الآلاف.
وحسب ما تفيد به التقارير، فإن السلطات العراقية اعتقلت مئات المتظاهرين من المصابين الموجودين في المستشفيات، بينما أجبرت آخرين على التوقيع على تعهدات بالتوقف عن المشاركة في مظاهرات أخرى وذلك قبل إطلاق سراحهم.
وورد أيضا أن السلطات العراقية رفضت تسليم جثث القتلى إلا في حال توقيع ذويهم على إفادات تفيد بأن وفاتهم كانت عرضية. وجرى اختطاف آخرين ولم يظهروا منذ ذلك الحين.
وأشارت المقالة إلى أن القمع العنيف للاحتجاجات اقترن بحملة قمع شنتها الحكومة ضد أي محاولات لإيصال هذه الوحشية إلى العالم. ففي بداية المظاهرات، هاجم مسلحون المنابر الإعلامية ودمروا معداتهم من أجل وقف البث. كما فرضت السلطات العراقية حجبا على شبكة الإنترنت ومنعت موظفي المستشفيات وأجهزة الدولة من الإبلاغ عن أعداد القتلى والجرحى.
لحظة حاسمة
ولفتت المقالة إلى أن مراجعة سجلات حقوق الإنسان في العراق أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لم تحدث في الوقت المناسب. فقد كانت جزءا من عملية المراجعة الدورية، التي يجرى فيها فحص سجلات حقوق الإنسان الخاصة بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة كل أربع سنوات.
خلال مراجعة سجلات حقوق الإنسان بالعراق، اتخذت دول بما في ذلك بريطانيا وسلوفينيا وألمانيا موقفا حازما ضد الانتهاكات المرتكبة في سياق المظاهرات، داعية السلطات العراقية إلى إجراء تحقيقات فورية وشاملة ونزيهة فيما يتعلق بقضية مقتل المتظاهرين.
كما حثت دول أخرى، بينها السويد وسلوفاكيا والأرجنتين، السلطات العراقية على دعم الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وذلك من خلال وقف الترهيب وتهديد وسائل الإعلام.
من جهتها، حثت الولايات المتحدة السلطات العراقية على وقف الاستخدام المفرط للعنف، في حين دعت فرنسا وإستونيا إلى رفع القيود المفروضة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
كما تناولت دول أخرى القضايا التي أدت إلى خروج المتظاهرين إلى الشوارع، وحثت السلطات العراقية على مكافحة الفساد والحد من الفقر ووقف عمليات الإعدام ووضع حد للتمييز الذي تواجهه الأسر للاشتباه في انتماء أفرادها لتنظيم الدولة الإسلامية.
تفشي الفساد
لا يطالب العراقيون بالحد من الفقر أو الفساد فحسب، بل يريدون إحداث إصلاح شامل وجذري في صلب نظام المحاصصة الطائفي وتعديل في الدستور، الذي وضع خلال الاحتلال الأميركي الذي بدأ عام 2003.
من جانب آخر، لم يساهم هذا النظام في تفشي الفساد فقط في البلاد من خلال تقاسم السلطة وموارد الدولة بين طوائفه الرئيسية الثلاث (الشيعة والسنة والأكراد)، بل تسبب كذلك في تأجيج العنف الطائفي وفسح المجال للقوى الإقليمية والغربية للتدخل في الشؤون العراقية الداخلية.
وتوضح رغبة العراقيين في الحصول على السيادة وإجراء إصلاحات شاملة للنظام السياسي سبب رفض المتظاهرين الدعوات الأميركية لإجراء انتخابات بصفة مبكرة.
وبينت المقالة أن إيران تجنبت التطرق إلى موضوع المظاهرات، داعية السلطات العراقية إلى "مواصلة حماية سكانها ضد الإرهاب". قد لا يكون ذلك مفاجئا، نظرا لدور المليشيات المدعومة من قبل طهران في حملة القمع التي يشنها العراق ضد الاحتجاجات المندلعة في البلاد.