بن قرينة للجزيرة نت: لا مرشح للجيش الجزائري في الرئاسيات

بن قرينة الفساد هرب 200 مليار دولار وأقترح التفاوض القانوني لإسترجاعها
بن قرينة: الفساد هرب 200 مليار دولار وأقترح التفاوض القانوني لاسترجاعها (الجزيرة)

حاوره/عبد الحكيم حذاقة-الجزائر

أبدى مرشح الانتخابات الرئاسية في الجزائر عبد القادر بن قرينة تخوفه من بقايا النظام السابق، وكشف أن حجم الأموال المنهوبة في حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بلغ 200 مليار دولار، مقترحا التفاوض لاسترجاعها.

وأكد أن الجيش لا يدعم أي متسابق نحو قصر المرادية، فهو يقف على مسافة واحدة من الجميع في لعبة مفتوحة، مستبعدا أي تأثير محتمل لعواصم الثورات المضادة في الشأن الجزائري.

وقال بن قرينة في حوار مع الجزيرة نت إن ملايين الجزائريين يؤيدون الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي لتنفيذ مطالب الحراك، معربا عن رفضه الاعتقال بسبب الرأي والموقف السياسي.

وأضاف أن الأزمة مع المغرب قابلة للحل في إطار الحوار، أما مع فرنسا "فلا مستقبل للعلاقات دون طي صفحات الماضي".

وتاليا نص الحوار:

بداية كيف تسوغون ترشحكم لانتخابات يرفضها ويشكك في شرعيتها الملايين من أبناء الحراك الذين ثاروا على نظام بوتفليقة؟
نحن من أبناء الحـراك الشعبي ورجاله منذ بدايته في 22 فبراير/شباط في كافة المحافظات، وتحققت معظم مطالب الحراك الأساسية وبقي لها الترسيم الشرعي عن طريق الانتخابات حيث للصندوق كلمته.

أما قصة الملايين التي ترفضها فالأمر يحتاج إلى تأمل ومراجعة، لأن الحراك بدأ بالملايين منذ أشهر، والآن تطالب الملايين بتسريع الانتخابات، والتجاوب مع جمع التوقيعات للانتخابات الرئاسية دليل على ذلك.

لكن العديد من رموز الحراك ومن مختلف الأطياف ومنهم شخصيات وطنية بارزة معتقلون اليوم، ناهيك عن عشرات الشباب المسجونين بتهمة الراية الأمازيغية، ما موقفكم كمرشح من هذه الاعتقالات؟
نرفض الاعتقال بسبب الرأي والموقف السياسي جملة وتفصيلا، قبل وبعد الترشح، ومثل هذه التصرفات تتنافى والعمل الديمقراطي الحقيقي.

نحن طالبنا بإطلاق المجاهد لخضر بورقعة، وبتسريع فرز القضاء مختلف الملفات، ومواقفنا واضحة في ضرورة حماية مكتسبات الحراك من أخطاء السلطة ومن أخطاء الأحزاب.
 
راهنتم على حيادية الجيش في الاستحقاق الرئاسي ونزاهته، فهل لديكم ضمانات سياسية بذلك؟
هناك تيار في الجزائر كان يركب على ظهر الدبابة لضرب الشعب، واليوم فشل أمام تماسك الجيش مع الشعب، وهو يثير الإشاعات حول مصداقية الانتخابات، ونحن نؤكد أن الجيش ليس له مرشح، وهذا يعني أن الانتخابات ستكون مفتوحة.

على أي أساس تؤكدون عدم وجود مرشح للجيش؟
الجيش صرح مرارا وتكرارا بأن عهد صناعات الرؤساء قد انتهى، وما تحقق من إجراءات غير مسبوقة هو أحسن الضمانات، كتخليص الانتخابات من سيطرة وزارة الداخلية بكل مستوياتها، وإنشاء السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، وهي من أهم الضمانات في شفافية الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ما هو موقفكم من تدخل المؤسسة العسكرية في السياسة ضمن السياق القائم؟
الدستور الجزائري فصّل مهام وأدوار الجيش، غير أن الجزائر تعيش حالة استثنائيه راقية جدا تتمثل في الحراك الشعبي، وبالتالي جاء تدخل الجيش في المسار السياسي نتيجة شعار "الشعب والجيش خاوة خاوة"، وهو ما يعني مطالبة الشعب للجيش بحماية الحراك من العصابة السابقة، ورفع الغبن السياسي والاقتصادي، وتمكينه من حقه في اختيار سيد عبر انتخابات شفافة.

حذرتم مرارا من بقايا نظام بوتفليقة، لكن ظهر الآن أن المجلس الدستوري الموروث عن عهده هو المخول بالنظر في الطعون وإعلان النتائج النهائية للانتخابات، وليس السلطة المستقلة، هل يثير الأمر مخاوفكم؟
بقايا نظام بوتفليقة في الإدارة والمال والمجتمع المدني لا تزال موجودة، واليقظة في أوساط الشعب والشباب خصوصا كفيلة بحماية الحراك، وإعطاء الفرصة لمؤسسات الدولة ومنها القضاء لأن يأخذ مجراه بعدما قضى على مركز العصابة، وحرر مؤسسات الدولة من ضغط وهيمنة حكم العائلة.

اليوم تنظم السلطة المستقلة وتشرف على الانتخابات، وقد وقفنا على ذلك ميدانيا أثناء عملية الترشح وجمع التوقيعات، ورغم بعض النقص أو العطب فإنه لا بد من جهة تفصل وتعالج الطعون المقدمة ضد السلطة المستقلة، ولا نجد أحسن من المجلس الدستوري حاليا.  

نحن لسنا مع تعطيل الدولة، ونريد إعادة بناء المؤسسات على قاعدة شرعية انطلاقا من انتخاب رئيس شرعي للجمهورية لإنهاء حالة الفراغ المعوض برئيس دولة لا شرعية كاملة له.

أما الوضع الحالي فلا يزال يحكمه دستور نريد تغييره بعد الانتخابات، ونحن مع حلول ضمن إطار الدستور تجنبا للانزلاق الذي تدفع إليه أجندات إقليمية مضادة لحرية الشعوب.

الشارع يرى أن الفرسان الخمسة -بمن فيهم بن قرينة- لهم سوابق مع نظام بوتفليقة، مما دفعه إلى التشبث برفض الانتخابات، فعلى أي شيء يبني بن قرينة مصداقيتها؟
في الحقيقة هذا أمر تروج له أطراف محسوبة على العصابة لتشويه الانتخابات، أو تعطيل الدخول في الشرعية في أقرب الآجال، رجال السياسية والأحزاب وكثير من الإعلاميين يعلمون أن المرشح عبد القادر بن قرينة رجل دولة لم يكن من اختيار بوتفليقة ولا مسانديه، أما التسويق لرفض الانتخابات والتهويل فيه فهو نوع من المبالغة وعدم الإنصاف.

هل تعتقدون بوجود مرشح فعلي ويمثل حكم بوتفليقة المنتهي؟
أنا لا أستهين بأي منافس وأتنافس بشرف، لكنني طالبت بالتحقيق في استمارات توقيعات اتهمت بعض الأطراف بالتلاعب فيها، وطالبت بمناظرات مع المرشحين لكن لم أتلق أي إجابة.

من تتهم؟ ولصالح من كانت التوقيعات المزورة؟
التوقيعات المزورة هي توقيعات تقاطعت مع توقيعاتنا، لأن توقيعاتنا صحيحة، وعلى السلطة أن تحقق في هوية السارق من أحد الطرفين، وستعرف ذلك ببساطة عن طريق البصمات.

ألستم متخوفين في هذه الحالة من دخول المال السياسي حلبة المنافسة، وربما حتى تدخل عواصم خليجية من عرابي الثورات المضادة؟
الشعب الجزائري واعٍ جدا، وأعول على الشباب الرافضين لتدخل المال الفاسد، وأي جهة تتلاعب بالفعل الانتخابي ستتحمل مسؤوليتها المستقبلية عن ممارساتها.

أما الثورات المضادة فليس لها حظ في الجزائر، لأن القوى الحية متفقة على الهوية والحرية، والشعب والجيش في خندق واحد، والتيار المعزول عن الشعب لا يخيفنا.

هل ترون أن القبول بفوز رئيس إسلامي ممكن في ظل الوضع الإقليمي والدولي الحالي، خاصة أنكم عايشتم عن قرب تجربة الراحل محفوظ نحناح في 1995؟ 
عام 1995 كان وزير الدفاع مرشحا ورئيس دولة مرشحا، وإرهاب يضغط وأزمة حادة، حيث الوضع مختلف تماما عن الانتخابات الحالية، لأن الجيش ليس له مرشح الآن، بل إن التيار الاسلامي المعتدل ينجح في تونس والمغرب، وستلحق بهما الجزائر بعد شهر، وأنتم ترون رئيس برلمان إسلامي في الجزائر يعرف جيدا متطلبات الوطن والدولة، وينقل ثقافتها من النظري إلى التطبيق دون أي اختلالات.

وأعتقد أن القوى الدولية تراجع مواقفها تجاه الاسلام السياسي، لإدراكها الفرق بين ضرورة الاعتدال في المشهد وضرورة التمثيل الشعبي، لأن الرهان على أقليات معزولة عن شعبها فاته القطار.

طرحتم مقاربة "المصالحة الاقتصادية" مع المتابعين في قضايا الفساد مقابل استرجاع الأموال المنهوبة، هل لديكم معلومات موثوقة بحقيقة هذه المبالغ، وكيف ستجسدون الفكرة؟
نعم لدينا معلومات كبيرة والمؤسسات الدولية نشرت أرقاما مخيفة تتطلب التحقيق، وأنا حريص على استرداد هذه الأموال، غير أن الجانب المهم في العملية هو كيف يسترجع الشعب أمواله الضخمة، لهذا طرحنا مقاربة ترافق الإجراءات القانونية، حيث يمكن الدخول مع المعنيين في تفاوض لاسترجاع الأموال الموجودة في الداخل وفي الخارج.

من أين جئتم برقم 200 مليار دولار كحصيلة للأموال المنهوبة؟
بحساب بسيط وإسقاط واقعي لأرقام ونسب المؤسسات الدولية التي لم تكتبها مؤسسات الدولة.

تعهدتم في حال فوزكم بمراجعة الصلاحيات الملكية لرئيس الجمهورية، ما هي الأولوية في هذا الاتجاه؟
الأولوية لحوار وطني واسع وتعديل دستوري عميق يعيد التوازن للمؤسسات، ثم لإعادة بناء مؤسسات الدولة المنتخبة على أسس شرعية حقيقية، وتسكين آلام احتياجات شعبنا العاجلة اقتصاديا واجتماعيا.

على صعيد السياسة الخارجية، هل يشكل ملف إحياء الاتحاد المغاربي رهانا مستعجلا لديكم؟ وما موقع القضية الصحراوية من ذلك؟
نعم، رهان المغرب العربي إستراتيجي للتوازن القائم بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي، أما قضية الصحراء فهي على مكتب الأمم المتحدة، ونحن ندعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وندعم الشرعية الدولية في تصفية آخر استعمار، سواء في الصحراء الغربية أو في فلسطين.

هل يمكن برأيكم طي الخلافات السياسية مع الجارة الغربية، وأي شروط ترونها ضرورية؟
لكل أزمة حل، وسنجد بالحوار حلولا للملفات العالقة بيننا، وهي ملفات مهمة وأساسية نعلمها كما يعلمها إخواننا في المغرب، ومصالح البلدين أكبر من مشاكلهما.

الأصداء تؤكد أن العلاقات الجزائرية الفرنسية مهتزة منذ اندلاع الحراك، ما هو تصوركم لبناء المستقبل مع المستعمر القديم؟
فرنسا في ظل الحكم والسياسة السابقة غير فرنسا ما بعد الحراك الشعبي، ولذلك فإن جزائر ما بعد الحراك لا تقبل إلا بالندية والمعاملة بالمثل وفق ما يحقق مصالح الشعب الجزائري.

وعليه، لن تكون علاقاتنا مع فرنسا عادية حتى نطوي الملفات العالقة تاريخيا ومتوسطيا وحتى ما تعلق بالمهاجرين، وفرنسا دولة لها مصالح وعليها أن تعيد مراجعة كيفية حفظ مصالحها في إطار الاحترام المتبادل، لأننا نريد حماية مصالحنا أيضا.

لو فزتم بالرئاسة، هل تجرمون الاستعمار الفرنسي والتطبيع مع الكيان الصهيوني؟
طبعا، لأن الاستعمار الصهيوني مثل الاستعمار الفرنسي جريمة في نظر الأديان والقانون والأعراف.

الكثير من الخبراء ينتقدون تسرع الجزائر في شراكتها مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية، هل ستعيدون النظر في الخيارين؟
الجزائر الجديدة ستعيد قراءة المستقبل في ظل احترام مواثيقها وعهودها وفي ظل المصالح المتبادلة، وتحرص على مغرب عربي متضامن تجاه المنظمات الدولية والقوى الإقليمية. 

المصدر : الجزيرة