بعد إطاحته ببوتفليقة.. لماذا يرفض حراك الجزائر الانتخابات؟

إسلام عبد الحي.الجزائر العاصمة.ساحة البريد المركزي. مسيرات شعبية تطالب برحيل رموز النظام السابق وتدعو لمقاطعة الانتخابات 2
مظاهرة أمام ساحة البريد المركزي بالعاصمة تطالب برحيل رموز النظام السابق ومقاطعة الانتخابات (الجزيرة نت)

إسلام عبد الحي-الجزائر

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، يتصاعد منحى نشاط الحراك الشعبي بشكل متسارع رفضا لإجراء الانتخابات.

ويتزامن ذلك مع توسع المسيرات الداعية للمشاركة في الرئاسيات ودعمها لدور مؤسسة الجيش في المشهد السياسي الراهن.  

كما تسعى فعاليات من المجتمع المدني لتشكيل تكتلات واسعة لدعم مرشحين يعبّرون عن تطلعاتها، في ظل غياب أحزاب الموالاة السابقة عن المشهد الانتخابي، وعزوف كبرى التشكيلات الإسلامية عن دخول السباق.

أزمة ثقة
الحراك الشعبي بحسب محللين سياسيين -وإن كان يبدو ككتلة واحدة في مسألة رفض الانتخابات بصيغتها الحالية ويعبر عن ذلك بشعار "لا انتخابات مع العصابات"- فهو يحتوي على أيديولوجيات متناقضة جمعها هدف إسقاط النظام السابق وفرقتها الانتخابات.

عزوف الحراك الشعبي عن الانخراط بالعملية الانتخابية أو تقديم مرشح توافقي، يرجعه ناشطون تحدثت معهم الجزيرة نت إلى عدم ثقتهم في آليات تنظيم وإجراء العملية الانتخابية.

ويرى الناشط السياسي إسلام عطية أن "مسألة إقناع الحراك بالانخراط في الانتخابات الرئاسية القادمة ككتلة ناخبة لاستمرار النظام صعبة للغاية، نظرا لمسار العملية الانتخابية من الدعوة لها من داخل ثكنة عسكرية إلى تعيين أعضاء لجنة تنظيمها وقانونها الأساسي بعيدا عن الشعب ونخبه وأحزابه في الغرف المظلمة وهي نفسها التي كانت تفبرك الانتخابات سابقا".

‪أحد شوارع العاصمة الجزائر‬ (رويترز)
‪أحد شوارع العاصمة الجزائر‬ (رويترز)

رفض الآليات
وفي السياق نفسه، يعتقد الحقوقي والناشط السياسي طارق مراح أن "أي عملية انتخابية يقترحها أو يشرف عليها النظام يراها الحراك أنها عملية مزورة".

أما سيد علي وهو طالب جامعي من منظمي حراك الطلبة فأشار إلى أن "الحراك لا يرفض الانتخابات كعملية للخروج من الأزمة وإنما يرفض آليات إجرائها، وهذا ما يعبرون عنه برفض شعار (لا انتخابات مع العصابات) وبعد إعلان أسماء المرشحين المحسوبين على النظام السابق".

ويفسر أستاذ علم الاجتماع السياسي نوري دريس رفض جزء من الجزائريين لإجراء الانتخابات إلى اعتقادهم أن قواعد اللعبة السياسية لم تتغير، وأوضح "الحراك قوة ضغط وطنية من أجل فرض قواعد جديدة للعبة السياسية يوافق عليها الجميع، وليس على أساس شروط وحكم السلطة الذي يحسم النتيجة لصالحه".

مناورة
ورغم تأكيد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بخطابه الأخير أن الجزائر ماضية في إنجاح هذه المحطة، ومع تصريحات قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح التي تؤكد مضي السلطة في ترتيب الانتخابات بموعدها وأنها الحل الوحيد للخروج من الأزمة متوعدا كل مرة من يقف في طريقها بنيل جزائه ومحاسبته، تستمر المسيرات الرافضة لتنظيم الانتخابات من طرف من أسماهم المحتجون "بقايا رموز النظام".

ويشير دريس إلى أن السلطة "ناورت وحاولت خداع الجزائريين، فالبعض سار في ركبها والبعض الآخر يرى أن قواعد اللعبة لم تتغير، وفي الميدان نجد أن السلطة عازمة على الذهاب للانتخابات والحراك عازم على رفض هذه العملية".

ويعتقد إسلام أن "قائمة المرشحين للانتخابات عملية تجميلية للنظام الذي يريد فرض الانتخابات ونتائجها، لكن الحراك بذكائه استبق الأمور وكان متأكدا من هذه النتائج" ويوضح أن "الحراك جاء بفكرة القطيعة مع النظام السابق والذهاب إلى نظام حكم جديد يضمن الحريات ونزاهة العمل السياسي ومدنية الدولة" لكن اليوم "السلطة الفعلية ذهبت في اتجاه واحد وما يسمى محاربة الفساد، واختارت بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق ولها ملفات فساد وزجت بها في السجن".

ويُقسم الناشط السياسي عبد الوكيل بلام الشارع المطالب بالتغيير إلى توجهين: براغماتي قَبِل بما هو موجود ويتطلع لتحقيق باقي مطالبه مستقبلا، ومن يرى أن الضمانات غير كافية لإجراء الانتخابات، ورغم هذا الاختلاف في الآراء فإنه يؤكد ضرورة احترام القناعات، ولا يجب أن تولد الخصومة بين المواطنين. 

بن صالح أكد أن الجزائر ماضية في إنجاح العملية الانتخابية (وكالة الأناضول)
بن صالح أكد أن الجزائر ماضية في إنجاح العملية الانتخابية (وكالة الأناضول)

سيناريوهات الانتخابات
قبل أسبوع عن انطلاق الحملة الانتخابية وإصرار السلطة على إجرائها بموعدها، يُجمع ناشطون على استمرار الحراك الشعبي الثلاثاء والجمعة. أما العائق الكبير أمام المتسابقين فهو كيفية إقناع الجزائريين بالتوجه لصناديق الاقتراع في ظل هاجس العزوف الانتخابي.

ويعتقد مراح أن تشهد الجزائر تصعيدا في الإضرابات والمسيرات السلمية المستمرة يوميا خاصة الأسبوع الذي يسبق الانتخابات، لكن دريس يتوقع إجراء حملات انتخابية في قاعات مغلقة ونسبة إقبال ضعيفة على انتخابات بدون شرعية شعبية.

ومن خلال هذه المعطيات، يعود بلام لتوضيح أن الانتخابات ستفرز رئيسا منقوصا بشرعيته، وهذا ما سيضعه تحت ضغط كبير بين الشعب والجهة التي أتت به، ولن يتخلص منه إلا باستجابة لمطالب الحراك مباشرة بعد انتخابه وفتح حوار مع ممثلي الحراك.

ويتوقع بلام بروز شخصيات من الحراك لكن ليس في الوقت الراهن، وهو ما يؤمن به سيد علي حيث يرى أن الوقت حان لتعيين ممثلين للحراك شرط توفر النية الصادقة للسلطة في إجراء حوار.

المصدر : الجزيرة