الطائفية والفساد والبطالة.. قواسم مشتركة بين المظاهرات في العراق ولبنان

A general view of Tahrir square as demonstrators take part during the ongoing anti-government protests in Baghdad, Iraq November 5, 2019. REUTERS/Ahmed Jadallah TPX IMAGES OF THE DAY
حشود ضخمة غير مسبوقة للمحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد شهدتها الأيام الماضية (رويترز)
يبدو أن موجة ثانية من الربيع العربي اجتاحت المنطقة العربية ووصل مداها هذه المرة إلى العراق ولبنان، حيث خرج مئات الآلاف من الشباب إلى الشوارع والساحات رافعين شعارات تدعو إلى تغيير الأنظمة الحاكمة. 
 
وأشارت صحيفة "إكسبرت" الروسية إلى أن هناك قواسم مشتركة بين الاحتجاجات في العراق ولبنان تختلف عن ثورات الربيع العربي السابقة، حيث إن البلدين يعانيان من الانقسام المجتمعي وعانيا من حرب أهلية وصراعات طائفية، كما أن لدى البلدين دستورا يقسم السلطة بين مختلف المجموعات الطائفية والعرقية. 
عشرات الألوف من اللبنانين طالبوا باستبعاد كل المسؤولين الحاليين عن المشهد السياسي (الأوروبية)
عشرات الألوف من اللبنانين طالبوا باستبعاد كل المسؤولين الحاليين عن المشهد السياسي (الأوروبية)

التدخل الإيراني
ومن النقاط الأخرى التي يشترك فيها العراق ولبنان التدخل الإيراني في شؤونهما، وتوضح الصحيفة أنه في لبنان تدعم طهران حزب الله ماليا وعسكريا وسياسيا، أما في العراق فتقدم الدعم لمجموعة واسعة من القوى السياسية، مثل حزب الدعوة والحشد الشعبي.

وتذكر الصحيفة أنه في المرحلة الأولى من حركة الاحتجاجات في العراق التي انطلقت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان هنالك قناصة يرتدون اللون الأسود يعتقد أنهم من إيران أو منتمون للمليشيات التابعة لها، وقد أطلقوا النار على المتظاهرين من أسطح المنازل في بغداد.

وفي لبنان أيضا كان هنالك أشخاص ملثمون ومجهولون يشتبه في أنهم منتمون لحزب الله وقد مزقوا خيام المتظاهرين وهاجموهم في شوارع بيروت.

وتشير الصحيفة إلى أن المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي كان قد علق على الأحداث في العراق ولبنان.

السلطات العراقية واجهت الاحتجاجات بعنف فسقط عشرات القتلى وآلاف الجرحى (الجزيرة)
السلطات العراقية واجهت الاحتجاجات بعنف فسقط عشرات القتلى وآلاف الجرحى (الجزيرة)

ثورات الربيع
وتقول الصحيفة إن المتظاهرين في لبنان والعراق تعلموا الدروس من ثورات الربيع العربي الأولى، حيث اعتمدوا على كثرة عددهم، ووضعوا حواجز في ساحة التحرير ببغداد وساحة الشهداء في بيروت.

كما كثف المحتجون استغلال شبكات التواصل الاجتماعي من أجل جذب انتباه المجتمع الدولي نحو تحركاتهم، وحتى عندما عطلت الحكومة العراقية خدمة الإنترنت سارع المتظاهرون إلى إيجاد وسائل بديلة لإيصال المعلومات إلى خارج البلاد.

وفي الاحتجاجات بالعراق ولبنان رفعت شعارات اعتبرت الطائفية سبب كل البلاء، وأكد المتظاهرون على استقلاليتهم وعدم تبعيتهم لأي جهة خارجية.

ولفتت الصحيفة إلى أن المتظاهرين في البلدين يطالبون بتغيير النظام السياسي الحالي، معتبرين أنه يعتمد على المحاصصة الطائفية، وهو ما يؤدي إلى تفشي الفساد واتخاذ قرارات غير فاعلة.

طرابلس من بين أبرز المدن اللبنانية التي شهدت احتجاجات حاشدة (رويترز)
طرابلس من بين أبرز المدن اللبنانية التي شهدت احتجاجات حاشدة (رويترز)

توفير الخدمات
وأشارت الصحيفة إلى أن المتظاهرين الشبان الذين هم عماد الحراك في البلدين يركزون على ضرورة قيام الحكومة بدورها، بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإنفاق الأموال العامة بشكل مسؤول، وإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية.

وذكرت الصحيفة أن الشبان العراقيين يصعب عليهم الحصول على فرص عمل، أما بالنسبة للبنانيين -الذين تصل نسبة البطالة في صفوفهم إلى 40%- فإنهم يشعرون بأنه لا حل أمامهم سوى مغادرة البلاد.

ورغم أن لدى العراق ميزة اقتصادية مهمة حيث إنه جنى نحو 65 مليار دولارا من مبيعات النفط خلال العام الماضي فإن السلطات لا تزال عاجزة حتى عن توفير المياه النظيفة في محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط.

وتذكر الصحيفة أنه تماما كما في الموجة الأولى من الربيع العربي، فإن اللبنانيين والعراقيين يعتبرون أن الفساد هو أحد أكبر أسباب البلاء في البلاد.

ورجحت الصحيفة أن النخب الحاكمة في البلدين ستقف بقوة في وجه تغيير النظام السياسي الطائفي الذي أوصلها إلى الحكم، وهو ما قد يسير بالأمور نحو مجهول أسوأ.

المصدر : الصحافة الروسية