بذكرى ثورة التحرير.. صدى "المجاهدين" يلهم محتجي الجزائر

المتظاهرون اعتبروا ذكرى اندلاع ثورة التّحرير فرصة للوقوف في وجه الانتخابات الجزيرة نت
المتظاهرون اعتبروا ذكرى اندلاع ثورة التحرير فرصة للوقوف في وجه الانتخابات (الجزيرة)

فاطمة حمدي-الجزائر

"يا علي.. باعوها يا علي".. يصرخ الشاب إسلام (29 عاما) وسط شارع ديدوش مراد في العاصمة الجزائرية بصوت منهك بسبب الهتاف ورفع الشعار مرارا وتكرارا، يردّد سائر المتظاهرين بعده باسم الشهيد في زمن ثورة الجزائر، المعروف بـ"علي لابوانت".

اسم الشهيد علي لابوانت كان الحاضر الأبرز في الجمعة الـ37 من عمر الحراك، التي ضرب فيها مئات الآلاف موعدا في شارع الشهيد ديدوش مراد وساحة البريد المركزي وشارع الشهيدة حسيبة بن بوعلي التي امتلأت عن آخرها.

ويعد علي لابوانت أشهر شهداء الثورة الجزائرية الذين شاركوا في عدة هجمات فدائية ضد المستعمر الفرنسي، واستشهد عام 1957 بعد نسف المنزل الذي كان يقيم فيه رفقة مجاهدين آخرين.

بعيون أحاط بها سواد هالات التعب وابتسامة الأمل، يروي أسامة (24 عاما) من ولاية سكيكدة (600 كلم) شرق العاصمة، الطريق الذي سلكه للوصول إلى العاصمة للاحتفال بذكرى الفاتح نوفمبر (ذكرى اندلاع الثورة) والمشاركة في المليونية الرافضة لإجراء الانتخابات.

"كانت جمعة مليونية هدية للمليون ونصف المليون شهيد"، يقول أسامة للجزيرة نت وهو يتظاهر وسط الحشود. يصرخ تارة وتسبقه دموعه طورا، يقول "ما زلنا نحمل الرسالة ذاتها التي خرج من أجلها الشهيد علي لابوانت ورفاقه، مع اختلاف الظروف".

‪أحد الشعارات التي رفعها المحتجون اليوم (الجزيرة‬ )
‪أحد الشعارات التي رفعها المحتجون اليوم (الجزيرة‬ )

يومان في العراء، هكذا أرادها الشاب أسامة وآلاف الشباب الذين قدموا للعاصمة من مختلف المناطق، خرجوا للشارع، مرددين "الشعب يريد الاستقلال"، حمل الجميع العلم وسط تعزيزات أمنية مشددة مرددين "سلمية .. حتى نربح القضية".

شعارات عديدة
لم تكن جمعة الفاتح من نوفمبر مثل سائر الجمعات الـ36 الماضية، بل اكتنفتها روح ثورية أجمع المشاركون فيها على شعار "يتنحاو قاع" (فليتنحّوا جميعهم)، غزا مئات الآلاف الشوارع الرئيسة للعاصمة قادمين من كل حدب وصوب، "معولين على الفاتح من نوفمبر للتغيير".

ويرى المشاركون في حراك الجزائر اليوم، أن العيد الـ65 لاندلاع الثورة، هو أكبر فرصة للحراك في أخذ النفس الجديد. ويعوّل أسامة ورفاقه والمئات ممن خرجوا اليوم للتظاهر على موعدهم الـ37 للوقوف في وجه ما وصفوه بـ"الانتخابات المفروضة على الإرادة الشعبية".

نادى هؤلاء بإطلاق سراح نشطاء الحراك، رافعين الأقنعة التي رسمت عليها صور المجاهد لخضر بورقعة الذي يقبع في المعتقل منذ يونيو/حزيران الماضي. ويرى المحتجّون أن رحيل حكومة بدوي وما وصفوه برفع الحظر عن الإعلام وحرية التعبير شروطا أساسية.

‪طفل بين مئات الآلاف ممن ملؤوا شوارع العاصمة‬ (الجزيرة)
‪طفل بين مئات الآلاف ممن ملؤوا شوارع العاصمة‬ (الجزيرة)

"أول نوفمبر والله أكبر".. "ثورة جديدة 2019".. وغيرها من الشعارات ملأت شوارع قلب العاصمة. يصرخ الجميع في سبيل "ألّا يمر ميلاد الثورة في عامه الـ65، دون أن يسجّل المحتجّون موقفهم من الوضع الذي تمر به بلادهم منذ الـ22 من فبراير الماضي".

تغيير مأمول
ويعتقد الجزائريون المشاركون في المسيرات الشعبية اليوم أن الحراك مرّ بعديد المنعرجات من بينها المسيرة التي أطاحت بالرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة والاحتجاجات التي ألغت انتخابات 4 يوليو/تموز الماضي.

ويعوّل الشباب المتظاهرون الذين قضوا ليلة بيضاء أمس، على التشابه بين الاحتجاجات القوية التي عاشتها بلادهم وكانت تتقدم بالحراك خطوة إضافية نحو أهدافه، وهي رحيل جميع رموز النظام "البوتفليقي"، على حد تعبير بعض المشاركين في المسيرة.

ويأمل المتظاهرون في أن يلغي الحراك تناقض السلمية مع الفعل الثوري، لأن الذاكرة الجزائرية الجماعية -حسب قولهم- تحمل من التجارب ما يكفيها للعبور نحو المرحلة المقبلة في هدوء.

المصدر : الجزيرة