تخطط لكسب الرئاسيات بالجزائر.. تكتلات الحراك هل تكون بديلا لتحالفات الأحزاب؟

Demonstrators carry flags and banners during a protest demanding the removal of the ruling elite in Algiers, Algeria September 10, 2019. REUTERS/Abdelaziz Boumzar
مظاهرة بالجزائر العاصمة للمطالبة بإزاحة النخبة الحاكمة (رويترز)

عبد الحكيم حذاقة-الجزائر

مع انطلاق العدّ التنازلي لفترة الترشيحات الرئاسية في الجزائر، كثفت فعاليات الحراك الشعبي مبادراتها ومشاوراتها في كافة الاتجاهات، سعيًا منها لبناء تكتلات واسعة وتقديم مرشحين عنها، أو دعم فرسان يعبرون عن تطلعاتها، حتى أن شخصيات ظهرت للتداول الإعلامي باسمها.

يحدث ذلك في وقت لم يبرز فيه أيّ تحالف حزبي حتى الآن، بل ومن دون أن يعلن أي فصيل سياسي مساندة أيّ مرشح.

غياب أحزاب الموالاة السابقة بالكامل عن المشهد الانتخابي، بعدما شكلت قاطرة شعبية في الاستحقاقات الماضية منذ 1999، وكذلك عزوف كبرى التشكيلات الإسلامية عن دخول السباق؛ زادا فرص التحرك للفعاليات المدنيّة المستقلة، مما عزّز آمالها في إمكانية حسم الاستحقاق الرئاسي، رغم المخاوف من ظهور سيناريو مرشح السلطة الفعليّة في آخر لحظة.

وأثار بروز تلك التكتلات المستقلة على حساب التحالفات الحزبية التقليدية تساؤل المراقبين حول الدوافع الكامنة وراءها، وهل في مقدورها صناعة الرئيس المقبل للجزائر، بل إن البعض يشكّك في أن تكون حركتها مهندسة من داخل النظام نفسه، لإيجاد قاعدة شعبية بديلة عن هياكل حزبية "مهترئة ومنبوذة".

‪الهادي جاب الله: أجرينا مشاورات موسعة لتقريب وجهات النظر بين فعاليات حراكية وشخصيات وطنية‬ (الجزيرة نت)
‪الهادي جاب الله: أجرينا مشاورات موسعة لتقريب وجهات النظر بين فعاليات حراكية وشخصيات وطنية‬ (الجزيرة نت)

مرشح توافقي
وقال الهادي جاب الله -من التيار الأصيل- "إن منسوبي التيار قاموا بمشاورات موسعة لتقريب وجهات النظر بين فعاليات حراكيّة وشخصيات وطنية وهيئات جمعوية متعددة".

وأضاف أن ذلك جرى "للمساهمة في تحقيق أهداف الحراك، من خلال مبادرات نوعية تقدم حلولا آمنة عبر كامل المحطات، وآخرها محاولة تقديم مرشح توافقي مستقل بفريق قوي وبرنامج رائد".

وكشف للجزيرة نت عن أن المسعى يهدف إلى اختيار شخصية مخضرمة، لها رصيد وتجربة، ولكن ذلك قوبل بالرفض، وعليه تقرر ترشيح كفاءات شابة تتمتع بأكبر قدر من التوافق.

وفي هذا الإطار، أشار جاب الله إلى بروز اسم الخبير الدولي في الإدارة والحوكمة والمستثمر في مجال الإعلام والتربية فيصل بلجيلالي، بين عدد من الأسماء المقترحة.

من جانبه، أكد يحيى جعفري القيادي في "تكتل مشروع أنصار التيار الوطني" أن رهانات المرحلة في الجزائر تتطلب "إنجاز تحالفات واسعة، لتنفيذ مهمتين: إقناع الشعب بالمشاركة في الانتخابات، والدفع بمرشح توافقي مع فعاليات الحراك والأحزاب ولا يتصادم مع الجيش".

وأوضح للجزيرة نت أن ذلك يستوجب "صناعة جبهة واعية من الوطنيين والإسلاميين لحسم معركة الرئاسيات، وهو ما نسعى إليه من أجل مرشح توافقي لنصرة خيارات الشعب".

وبخصوص التوصل إلى شخصية وطنية توافقية، قال إن "الخيار ما زال قيد التشاور، سواء ممن ترشحوا أو ممن لم يعلنوا ترشحهم بعدُ، مستبعدًا إقصاء أي مرشح ينتمي للحراك".

وكشف عن أن "الإعلان عن الشخصية التوافقية للتكتل بات وشيكا".

سرعة الحراك
ويفسر المحلل عبد الرحمن سعيدي ظاهرة بروز التكتلات المستقلة بكون "الحراك الشعبي استطاع أن يحقق ما عسر على الأحزاب السياسية تحقيقه، وهو إسقاط العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظامه وعصابته وتحرير الساحة السياسية"، وفق تعبيره.

وتابع "لقد تجاوز الحراك بتفاعلاته طيلة أشهر الأحزاب الكلاسيكية ومختلف الفعاليات النقابية والجمعوية، فواجهت الأخيرة صعوبات على مستوى التجاوب والتبنّي والمبادرات السياسية في استدراك السرعة السياسية للحراك".

وأوضح للجزيرة نت أنه "مع اقتراب موعد الانتخابات ظهر عند المرشحين منحى الانتساب للحراك الشعبي، مما دفع مختلف الفعاليات فيه للتكتل وقطع الطريق على فرص انتهاز الانتساب السياسي".

وذلك ما أوجد -حسب سعيدي- تدافعًا لمختلف التوجهات الحراكية للمشاركة في الانتخابات بعيدا عن الغطاءات الحزبية، مما قد يجعل الجزائر أمام مفاجأة الدور الثاني لأول مرة في تاريخ الانتخابات الجزائرية، خاصة بعد تصريح المؤسسة العسكرية بأنها لا تدعم أي مرشح.

‪عبد الرحمن سعيدي: سرعة الحراك تجاوزت الأحزاب والفعاليات النقابية‬ (الجزيرة نت)
‪عبد الرحمن سعيدي: سرعة الحراك تجاوزت الأحزاب والفعاليات النقابية‬ (الجزيرة نت)

مهمة صعبة
غير أن الأستاذ الجامعي جمال ضو يعتقد أنه "في ظل حالة التجريف السياسي التي شهدتها الجزائر على مدى ثلاثين سنة، فإنه من الصعب بمكان أن تنجح هذه التكتلات في صناعة الرئيس المقبل، بعدما باءت كل محاولاتها في إقناع بعض الأسماء الثقيلة والنظيفة بالترشح بالفشل".

وقال للجزيرة نت "الحقيقة التي تدركها الشخصيات الناضجة داخل هذه التكتلات هي أنه من الخطأ تقديم رئيس قادم، بعيدا عن أي عملية توافق مع القيادة العسكرية، لأنه سيكون رئيسا من دون أي أدوات".

وأردف "لا توجد أي مؤشرات أو معلومات متوفرة عن أي دور يمكن أن توكله السلطة الفعلية لبعض هذه التكتلات، بحيث تكون رافعة شعبية لمرشحها".

وتابع "لهذا، فإن أي شخصية تدفع بها لن تعدو كونها تجربة، هدفها إحداث حراك سياسي، وبناء قواعد شعبية قد تؤسس لمرحلة تدافع سياسي لما بعد الرئاسيات".

المصدر : الجزيرة