بعد نفوذ ابنيه في المخابرات والرقابة الإدارية.. السيسي يستخدم شقيقه للسيطرة على القضاء
خاص-القاهرة
في أول ظهور له كمرشح رئاسي، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن وظائف أبنائه في المخابرات العامة والرقابة الإدارية والبترول، وعندما لمح في عيون المذيعين تساؤلات حول دور الواسطة، رد بأنه يكره الواسطة والمحسوبية، وفي لقاء آخر قال جملته الشهيرة "أنا موتي وسمي الواسطة".
لكن مع توالي سنوات رئاسة السيسي، بدأ المصريون يتهامسون حول انتشار وسيطرة عائلة السيسي في جهات حكومية مهمة، ومع تصاعد الاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية، تحول الهمس إلى ضجيج حول دور نجله الأكبر محمود في المخابرات العامة وسيطرته على الأجهزة الأمنية، وبالتالي سيطرته على الحياة السياسية في مصر التي تدار عبر تلك الأجهزة.
لكن ليس محمود وحده هو من يتحدث عنه المصريون حاليا، فهناك شقيق السيسي المستشار أحمد السيسي الذي يقول مراقبون إنه تعبير عن استنساخ الرئيس لتجربة تصعيد نجله محمود في المخابرات ونجله مصطفى في الرقابة الإدارية، حيث يطبقها أيضا في القضاء مما يهدد استقلاليته.
وزادت المصادر أن عبد اللطيف -الذي كان ينتظر حينها الحصول على منصب وزير العدل خلفا للزند- راهن على شقيق الرئيس لاعتلاء منصب أرفع بالمضي قدما لإحباط تحركات النادي ضد قرار إقالة الزند.
وتوالت هيمنة شقيق الرئيس على المشهد القضائي خلال أزمة التعديلات التي أدخلت على قانون السلطة القضائية، وجرد بموجبه مجلس القضاء الأعلى من حقه في اختيار رئيسه ورئيس محكمة النقض بالأقدمية المطلقة، وحولها إلى تفويض الرئيس في اختيار واحد من أقدم سبعة نواب لمحكمة النقض رئيسا للمحكمة، وبالتالي رئيسا لمجلس القضاء الأعلى.
وجرت هذه التغييرات رغم أن رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار ممتاز متولي رفض خلال حكم الرئيس الراحل محمد مرسي أي حلول وسط فيما يتعلق بتسمية أكثر من مرشح لمنصب النائب العام، وذلك بعد إقالة مرسي لعبد المجيد محمود من منصب النائب العام، وتعيين المستشار طلعت عبد الله.
كان المستشار أحمد السيسي حجر الزاوية أيضا في إحباط تحركات القضاة لعقد جمعية عمومية لرفض تعديل قانون السلطة القضائية خلال عهد رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار مصطفى شفيق، إذ أوعز إلى شفيق -وفق المصادر- برفض كافة المحاولات لعقد جمعية عمومية ترفض التعديلات التي تعزز نفوذ السلطة التنفيذية على القضاء، والتعلل بعدم موافقة الأمن على عقد الجمعية العمومية.
وتصاعد دور شقيق السيسي المهيمن في الساحة القضائية خلال الفترة الحالية، وظهر بوضوح شديد في اختيار النائب العام الحالي المستشار حمادة الصاوي.
ووفقا لمصادر قضائية رفيعة المستوى، فإن كلمة المستشار السيسي ودعمه للمستشار الصاوي كانت حاسمة في اختياره لهذا المنصب، رغم افتقاد الأخير لأي إنجاز في المشهد القضائي، إلا قربه من الأجهزة الأمنية.
وتدخل المستشار السيسي ليحبط قرارا لوزير العدل حسام عبد الرحيم بتكليف قاضي الإعدامات شيرين فهمي بمنصب النائب العام، لأنه -بحسب مصادر مطلعة- لم يظهر ولاء كاملا لشقيق السيسي في سيطرته على القضاء.
ووقع اختيار شقيق السيسي على الصاوي بعد فحص ملفات عدد من القضاة المرشحين لهذا المنصب، في مقدمتهم الأمين العام السابق لمجلس القضاء الأعلى المستشار محمد عيد محجوب، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، والنائب العام المساعد رئيس التفتيش القضائي المستشار مصطفى سليمان الذي استقال من منصبه في النيابة، وطلب العودة إلى منصة القضاء بعد استبعاده من شغل المنصب، فضلا عن رئيس المكتب الفني للنائب العام السابق المستشار هشام سمير.
وبرز ذلك بشكل لافت خلال اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي رئيس محكمة النقض المستشار عبد الله عصر، حيث كان السادس في قائمة المرشحين للمنصب، واختير عبر لجنة ثلاثية ضمت وزير العدل وشقيق السيسي ومندوبا من الرقابة الإدارية، في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء المصري بعدما خضع القضاة لما يشبه كشف الهيئة.
وأفادت مصادر قضائية بأن المستشار أحمد السيسي كان له دور بارز في استبعاد المرشحين الخمسة الآخرين بحجج مختلفة.
وكشفت المصادر أن شقيق السيسي وقف وراء تأجيل الحركة القضائية العام الماضي لأكثر من ستة أشهر، لاستبعاد حوالي 450 معاونا للنيابة من التعيين، بعد إرسال أوراقهم والموافقة عليهم من قبل مجلس القضاء الأعلى، في سابقة هي الأولى من نوعها، كما جرى إخضاع المعينين لاختبارات نفسية لتحمل الضغوط.
وبحسب مصادر، رفض المستشار السيسي مساعي مجلس القضاء الأعلى لإدخال زيادة ثانية في رواتب القضاة وتدخل لدى الرئيس للإشارة إلى طلب الزيادة باعتباره مطلبا فئويا مرفوضا بشكل أغضب القضاة.
وجرى تعيين عبد الرحمن في دفعة 2015 قضائية، في حين جرت العادة داخل القضاء على ضرورة مرور 8 سنوات على الأقل قبل الحصول على مرتبة رئيس نيابة.
واعتبرت المصادر أن تعيين المستشار حمادة الصاوي لنجل شقيق رئيس الجمهورية، جاء ردا لجميل تعيينه نائبا عاما، متجاوزا العديد من الأسماء الأكثر شهرة في الساحة القضائية.
ويتيح التعيين في نيابة أمن الدولة العليا الحصول على امتيازات مالية ومهنية مضاعفة عن النيابات الأخرى، والتعامل مع قضايا ذات طابع سياسي تؤمن حظوة لدى الأجهزة السيادية.
أما هاجر أحمد سعيد السيسي، فجرى تعيينها عام 2014 معاونة جديدة في النيابة الإدارية، وسط اعتراضات على كونها حاصلة -كما ردد الغاضبون وقتها- على تقدير مقبول، في حين كان شرط الحصول على تقدير جيد أساسيا في التعيين.