واقع مرير وضنك عيش وعطش مستمر دفع بسكان مناطق في سيدي بوزيد وسط تونس إلى الاحتجاج وإعلان مقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة الخريف المقبل.
وينتظر نواب سيدي بوزيد المرتقبين عديد الملفات الساخنة التي فشل نواب الفترة النيابية الأولى (2014-2019) في حلها وعلى رأسها نسبة البطالة التي بلغت 15% خلال السنة الحالية وفق آخر إحصائيات رسمية.
ويعد التشغيل المطلب الرئيس لشباب سيدي بوزيد حيث كان من أبرز شعارات الثورة، والذي علت به حناجر الشباب الثائر "شغل، حرية، كرامة وطنية"، فدخل العاطلون عن العمل في هذه المنطقة في عديد التحركات الاحتجاجية، وأبرزهم مجموعة تخوض منذ 2017 "اعتصام ضاع العمر".
ويقول ممثل الاعتصام جعفر عوني للجزيرة نت، إنهم تقدموا في العمر وفاقت سنوات بطالتهم كأصحاب شهائد عليا الـ15 عاما وهم يخوضون معركة مع السلطات الجهوية والوطنية لانتدابهم في الوظيفة العمومية.
ما زالت تعاني
كما تحدث عن تجربة أقرانه من العاطلين، مع برلمانيي سيدي بوزيد الذين امتنعوا عن لقائهم طيلة مدة مكوث مجموعة الاعتصام في تونس العاصمة خلال أربعة أشهر، وتهربهم من مسؤولياته، حسب قوله.
وتمنى على أبناء سيدي بوزيد عدم تكرار الأخطاء ذاتها بانتخاب الوجوه نفسها، مؤكدا أن "المحافظة التي قدمت فرصة ذهبية لتونس وهي الحرية، ما زالت تعاني من التهميش والإقصاء".
تنمية عادلة
وشدد الجلالي بحديثه للجزيرة نت على أن سكان سيدي بوزيد ينتظرون من ممثليهم في البرلمان مقاومة مظاهر الفساد وحث الدولة على إصلاح البنية التحتية وإقامة مشروع سوق الإنتاج الكبرى بالمحافظة المعطل منذ سنة 2012.
وأضاف أن أهالي المحافظة التي أسقطت الدكتاتورية لم تر من برامج النواب السابقين تطبيقا على أرض الواقع وأنهم متخوفون من أن تتكرر الممارسة من النواب الجدد، قائلا إن "النواب يبرزون خلال الحملات الانتخابية ثم يختفون".
في السياق، يرى المحلل السياسي فتحي الزغل أنه رغم المكانة الخاصة لمحافظة سيدي بوزيد في تونس ما بعد الثورة، فإنها لم تحظ بها فعلا طيلة السنوات التي تلتها حيث لم يتحقّق فيها الكمّ الهائل من تلك الوعود التي ضُربت سابقا قبل الفترة النيابية الماضية.
سمسرة واحتكار
ويضيف الزغل أن الشغل والتعليم العادل والمشاريع التنموية هي أولويات شباب سيدي بوزيد التي تجعله يستثمر وقته ويطمئن على مستقبله، لافتا إلى ضرورة وضع كل المترشحين للتشريعية الحالية نصب أعينهم الانطلاق في يومهم الأوّل بالعمل في خدمة جهتهم والابتعاد عن "مصالح المستكرشين فيها" (المنتفعين دون وجه حق).
وأضاف أن أهالي سيدي بوزيد ينتظرون من نوابهم أن ينقلوا حاجتهم للتنمية إلى قبّة البرلمان ليصدر تشريعات توافق ما يجب أن يُفعلَ فيها.
وختم الزغل بأنه "لمس غيابا واضحا لوعود أو لبرامج دقيقة محدّدة متوجّهة لشريحة الشباب في سيدي بوزيد، في مقابل وعود تخصّ شرائح اجتماعية أو اقتصادية وليست عمريّة"، داعيا إلى تحويل خطاب السياسيين هناك إلى واقع عملي ليمحّص الشباب هناك وعودهم وبرامجهم.