هل يفعلها بولتون ويشهد ضد ترامب؟

National Security Adviser John Bolton listens to U.S. President Donald Trump's statement on Syria at the White House in Washington, U.S., April 13, 2018. Picture taken April 13, 2018. REUTERS/Yuri Gripas
بولتون انتقد سياسات ترامب الخارجية بعد مغادرة منصبه في سبتمبر/أيلول الماضي (رويترز)

محمد المنشاوي-واشنطن

بعد شهرين على انطلاق تحقيقات مجلس النواب الأميركي الساعية لبدء إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب، تترقب الدوائر الأميركية حسم قضية استدعاء مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون للإدلاء بشهادته في جلسة سرية أمام لجان المجلس.

وحتى الآن لم يتأكد إدلاء بولتون بشهادته، خاصة بعدما رفض مسؤول ملف أوكرانيا السابق في مجلس الأمن القومي تشارلز كوبرمان الإدلاء بشهادته إلا بعد الحصول على إذن قضائي.

ويرتبط بولتون بعلاقات قوية مع كوبرمان، مما دفعهما للاستعانة بنفس شركة المحاماة التي يرأسها صديقهما المقرب تشاركز كوبر.

وبرر كوبرمان طلبه بأنه يواجه معضلة كبيرة، إذ يرفض البيت الأبيض أن يدلي بشهادته في وقت يطالبه الكونغرس بالمثول أمام اللجنة القضائية للإدلاء بشهادته.

الجدير بالذكر أن كوبرمان كان بجانب الرئيس ترامب أثناء محادثته الهاتفية مع الرئيس الأوكراني يوم 25 يوليو/تموز الماضي.

ويدور التحقيق حول تلك المكالمة الهاتفية وهل ربط ترامب خلالها تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا بفتحها تحقيقات فساد تتعلق بهانتر بايدن، وهو نجل الديمقراطي جو بايدن المنافس المحتمل لترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كيف أصبح بولتون أمل الديمقراطيين؟
يرغب الديمقراطيون في استدعاء مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون للإدلاء بشهادته، خاصة بعدما أشارت تقارير صحفية إلى غضبه ورفضه لمحتوى المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع الرئيس الأوكراني.

كما أشارت التقارير إلى انزعاج بولتون من الدور الكبير الذي منحه ترامب لمحاميه الخاص رودي جولياني في التخطيط لدفع أوكرانيا إلى بدء تحقيقات حول بايدن.

وخلال المرة الوحيدة التي تحدث فيها بعد مغادرته منصبه الشهر الماضي، هاجم بولتون سياسة ترامب الخارجية، وهاجم بشدة الديمقراطيين في الوقت ذاته.

وتقليديا يرى الديمقراطيون بولتون داعية للحروب وشخصا شديد التطرف، إلا أنه أصبح يمثل أملهم الأكبر في توفير معلومات تضر بموقف ترامب.

وتشير نتائج التحقيقات حتى اليوم إلى أن بولتون عارض أي تأجيل في منح أوكرانيا المساعدات العسكرية رغم محاولات ترامب ومحاميه جولياني تأجيلها.

ويعتبر بولتون على معرفة قوية بدهاليز البيروقراطية السياسية الأميركية بحكم خلفيته كدارس للقانون في جامعة ييل العريقة، وعمله السابق بوزارة العدل أثناء حكم الرئيس رونالد ريغان، وانضمامه إلى وزارة الخارجية في عهد جورج بوش الابن. وفي الوقت ذاته، يمثل ولاؤه الراسخ للجمهوريين نقطة يصعب معها توقع ما سيقدم عليه.

 

مهمة شديدة الصعوبة
يعتمد دفاع البيت الأبيض على "عدم شرعية" إجراء التحقيقات الساعية لعزل الرئيس على أساس عدم تصويت مجلس النواب على بدء هذه القرارات.

ويقول البيت الأبيض إن رئيسة المجلس الديمقراطية نانسي بيلوسي وحدها اتخذت هذا القرار.

ويقف البيت الأبيض معارضا لإدلاء بولتون بشهادته اعتمادا على حماية "سلطات الرئيس التنفيذية" التي على رأسها سرية أحاديثه مع كبار مساعديه.

ويدفع بأن شهادة بولتون ستضر بسلطات الرئيس الحالية والمستقبلية، خاصة عند اتخاذ قرارات السياسة الخارجية.

ويمثل اللجوء إلى القضاء لإلزام الشهود بالمثول أمام لجان الكونغرس مخاطرة كبيرة. ويُعقد هذا الموقف من مهمة الديمقراطيين لأنه غير مضمون العواقب.

وترفض بيلوسي حتى الآن التصويت على بدء إجراءات العزل، كما ترفض رفع السرية عن جلسات الشهود أمام لجان مجلس النواب، وتجريها وراء أبواب مغلقة.

من ناحية أخرى، يحق للرئيس الأميركي أن يحتفظ بسرية نقاشاته مع كبار مستشاريه وأن لا يُطلع الكونغرس عليها، كما يحق له أن يطلب من أعضاء إدارته ومساعديه أن لا يتحدثوا للكونغرس.

ويعتقد عدد من الأعضاء الديمقراطيين أن بحوزتهم بالفعل أدلة تسمح ببدء الإجراءات الرسمية لعزل الرئيس، خاصة بعد الشهادة التي أدلى بها الدبلوماسي وليام تايلور وأشار فيها إلى ربط ترامب المساعدات بفتح أوكرانيا التحقيق حول بايدن.

وأكد تايلور لمجلس النواب أنه اعترض على هذا الربط، إلا أن جوردون سوندلاند السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي وصديق ترامب الشخصي، أخبره أن تقديم المساعدات لا يرتبط بفتح أوكرانيا التحقيق حول بايدن.

ويرفض الجمهوريون خلاصة شهادة تايلور، إذ يرونه بعيدا عن أي تواصل مباشر مع الرئيس، وأن مصادر معلوماته غير مباشرة من البيت الأبيض، ويقولون إنه لم يحضر المكالمة الهاتفية بين الرئيسين.

هذا الوضع يضاعف من أهمية شهادة بولتون وشهادة مساعده لشؤون أوكرانيا.

دور القضاء وغياب السوابق
يشير تطور الأحداث وتسارعها إلى زيادة دور القضاء في تحقيقات عزل ترامب. وقد أمرت قاضية اتحادية وزارة العدل بتسليم أدلة لجنة المحلفين الكبرى التي تم حجبها في تقرير المحقق الخاص روبرت مولر إلى اللجنة القضائية في مجلس النواب، وحددت تاريخ تسليم المعلومات بحلول 30 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

ومثل هذا القرار خطوة هامة في تحقيقات مجلس النواب الهادفة إلى عزل الرئيس.

ويترقب صدور قرار قضائي حول شهادة كوبرمان الذي غاب عن جلسة استدعائه إلى اللجنة القضائية اليوم الاثنين.

ومن شأن طبيعة هذا القرار أن تترك آثارا كبيرة على مثول بقية كبار مساعدي ترامب أمام لجان التحقيق في الكونغرس، وخاصة جون بولتون.

وربما تأخذ المحكمة شهورا قبل الخروج بقرار حاسم في هذا الموضوع، وربما يلجأ الطرف المتضرر إلى الاستئناف وإيصال القضية إلى المحكمة الدستورية العليا، وهو ما سيطيل من فترة الانتظار.

ولا توفر الأعراف القانونية الأميركية أي إشارات على وجهة قرار المحكمة في هذه الحالات، فلم تحصل حالات مشابهة في إجراءات عزل الرئيس نيكسون أو محاولة عزل الرئيس كلينتون.

المصدر : الجزيرة