محمد علي في لوموند: نجحت لأني واحد من المصريين وأتحدث مثلهم

محمد علي- الفيديو التاسع: "استناني ياسيسي"
لوموند: محمد علي الذي أثرى بفضل العمل مع السيسي والجيش أصبح فجأة العدو الأول للنظام (مواقع التواصل الاجتماعي)

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن رجل الأعمال المصري محمد علي الذي اعتبره الملايين بطلا شعبيا في مصر بسبب مقاطع الفيديو التي ينشرها على حسابه "أسرار محمد علي"، تنظر إليه السلطة باعتباره عدوا ومصدر تهديد بينما تنظر إليه المعارضة بعين الشك والفضول.

وأكدت الصحيفة أن الرجل الذي أثرى بفضل الصفقات مع الجيش والرئاسة في مصر وضع حياته في حالة تأهب ومطاردة، بنشره سلسلة من مقاطع الفيديو يفضح فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي وجنرالاته الفاسدين، وتحول فجأة إلى العدو الأول للنظام والقائد غير المتوقع لحركة احتجاج ضد السلطة.

ويعترف محمد علي (45 عاما) في هدوء ظاهري قائلا "أنا في حالة صدمة، أنا لا أفهم ما يحدث لي، لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد"، مفسرا نجاحه ببساطة قائلا "أنا واحد منهم، وأنا أتحدث مثلهم".

ويقول الرجل الذي يعيش مختبئا مع بعض الأقارب، إنه الآن لم يعد وحيدا، "كنت أفكر وحدي، أما الآن فأنا محاط بأعضاء من المعارضة من جميع الأطراف، العلمانية واليسارية والليبرالية والإسلامية والإخوان المسلمين، وسنفعل شيئًا آخر غير المظاهرات إنه سر، سترون المفاجأة قريبا".

فطنة لا تصدق
ووصفت صحيفة لوموند الرجل بعد إعطاء صورة عن مظهره وهيئته، بأنه بسيط ومندفع، ويتحدث بلهجة مصرية دون خطاب سياسي كبير، ولكن لديه فطنة لا تصدق وعشرات القصص المتعلقة بالفساد وبمشاريع الجيش وقصور وفيلات الرئيس عبد الفتاح السيسي والمشاريع الفندقية لأعوانه من قادة الجيش.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاتهامات لا يعضدها أي مستند، ولكن صاحبها يقول "أدلتي الوحيدة هي كلامي والمشاريع القائمة التي يستطيع الجميع رؤيتها بأعينهم".

ومع أن محمد علي ولد في أسرة "عادية" في حي العجوزة بالقاهرة، واضطر باعتباره أكبر أبناء الأسرة لترك الدراسة في الخامسة عشرة لمساعدة والده، وتنقل بين مهن صغيرة، فقد انضم إلى نجل جنرال بارز في مشاريع عقارية لشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية المملوكة للدولة.

ويقول هذا المقاول (محمد علي) إنه كان يدفع أحيانا عمولات تصل إلى 50% عن كل مشروع يحصل عليه من الجيش، مدعيا أنه دفع عام 2012 رشوة بقيمة خمسة ملايين جنيه، وهو ما يعادل في ذلك الوقت مليون يورو، حسب الصحيفة لبناء فيلا لوزير الدفاع الجديد آنذاك عبد الفتاح السيسي.

"فساد بلا حدود"
ومنذ الدخول في هذا المشروع -كما يقول محمد علي- ابتليت ببغض السيسي، فهو يأتي إلى موقع العمل "وبدلا من إيقاف حمام الدم الجاري في البلد، يبدي القلق بشأن حماماته ومطبخه المستقبلي".

وينتقد محمد علي -كما تقول الصحيفة- بصورة لاذعة الفخامة المبالغ فيها التي يطلبها كبار الضباط في مختلف المشاريع التي قام بها، قائلا "الناس ليس لديهم ما يكفي من الطعام وهم يقومون بطلبات مجنونة تماما".

ويدعي هذا المقاول أنه شهد تحت رئاسة السيسي فسادا "لا حدود له" مقارنة مع سنوات الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومبالغة في تنفيذ مشاريع "لا طائل من ورائها" يقوم بها جنرالات، يتنافسون في التقرب للرئيس والثراء، ويضيف عليك أن تفعل كل ما يحلمون به وما يريدونه، ولا تتحدث عن الأمر ولا تلتقط صورة وإلا فأنت ميت.

وتقول الصحيفة إن هذا المقاول عاش حياة صاخبة، وانطلق في التمثيل، مستندة إلى قوله "لقد خرجت كثيرا وشربت كثيرا ومثلت للسينما"، حتى أن فيلم "الأرض الأخرى" الذي أنتجه ولعب فيه دورا حقق بعض النجاح، وقد فاز في يونيو/حزيران 2019 بجائزة السلام في لوكسمبورغ.

غير أن هذه الحياة الصاخبة لم ترق لكبار ضباط الجيش الذين يطلبون من محمد علي العودة إلى الصف، كما أن انتقاداته العلنية المتزايدة للمؤسسة وإصراره على الحصول على مستحقاته، قد أدخلته في مشاكل، غير أن الصحيفة تلاحظ أنه لم يتحدث بوضوح عن السبب المباشر لقراره الذهاب إلى المنفى.

فضح الفساد
ويؤكد محمد علي أن هدفه من سرد ​​مزاعم الفساد ضد السيسي والجيش، ليس استرداد مبلغ 220 مليون جنيه (12 مليون يورو) الذي يدينون له به، بل هو كشف الحقيقة للشعب، مضيفا "لو أردت استرداد أموالي، لواصلت العمل معهم ولجعلوا مني أميرا، أما الآن وقد تحدثت فأنا ميت".

وقال الممثل المقاول إن السلطات المصرية اتصلت به بعد الفيديو الأول لإقناعه بالتوقف وإيجاد حل وسط، ولكن بعد كل فيديو يتضاعف الضغط وتتعدد التهديدات بالقتل، وقد تم اختراق حساباته على الشبكات الاجتماعية، واعتقال موظفيه السابقين وإلغاء جواز سفره.

ويقول محمد علي إنه دعا للاحتجاج على السلطة بدافع "الغضب" وإنه لا يعمل لصالح ضباط ولا لصالح جماعة الإخوان المسلمين، وقال ضاحكا إنه ليس "مطية للجيش ولا لجماعة الإخوان المسلمين"، مضيفا أيدني بعض الضباط لكنهم توقفوا عن الاتصال بعد الفيديو الأول.

اختراق حاسم
ويعتبر محمد علي أن دعوته للتظاهر في 20 سبتمبر/أيلول الماضي نجحت، بعد أن تحدى عدة آلاف من المصريين الخوف وتعرضوا للقمع واعتقل منهم أكثر من أربعة آلاف، وفقا للمنظمات غير الحكومية المصرية.

ويضيف المقاول إن الحل الذي يقدمه للسيسي، بسيط وهو أن تكون مصر مثل أوروبا حيث يوجد العلم والتعليم وحقوق الإنسان.

وحول فكرة أن يكون رئيسا، رد محمد علي ضاحكا "عندما ننشئ بنية لبلدنا، أريد أن أكون جزءا منها، ولكني أرغب في أن أكون ممثلا ورجل أعمال".

وترى الصحيفة أن عدم وجود اتصال بين محمد علي ومؤيديه من جهة وبين المعارضة في الداخل من جهة أخرى، يمكن أن يعرض فرصهم في النجاح للخطر.

لكن أحد أعضاء المعارضة المنفيين -طلب عدم الكشف عن هويته- يؤكد أن "لدينا جميعا عدوا مشتركا، لقد وجدنا في محمد علي شخصا يعرف كيف يتحدث للناس ويؤثر فيهم، ومع وجوده متحدثا وبأفكار المعارضة في المنفى، يمكننا أن ننشئ قوة جديدة وإدارة للبلد".

المصدر : لوموند