دينيس روس: تخلي ترامب عن التحالفات يجعل العالم مكانا أكثر خطورة

LAKE CHARLES, LOUISIANA - OCTOBER 11: U.S. President Donald Trump speaks during a campaign rally at Sudduth Coliseum on October 11, 2019 in Lake Charles, Louisiana. Matt Sullivan/Getty Images/AFP== FOR NEWSPAPERS, INTERNET, TELCOS & TELEVISION USE ONLY ==
هل أدى تخلي ترامب عن الأكراد إلى فقدان الحلفاء الثقة بالولايات المتحدة؟ (الفرنسية)

يقول المبعوث الأميركي السابق للسلام في الشرق الأوسط دينيس روس إن تخلي الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التحالفات يجعل العالم مكانا أكثر خطورة، وإن "خيانته" الأكراد أفقدت العالم الثقة بالأميركيين.

ويضيف روس -وهو زميل متميز لدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- أن ترامب لا يحب التحالفات، فهي تتطلب الالتزام، والالتزامات لا تتناسب مع فكرته عن المعاملات الضيقة التي تخدم مصالح الولايات المتحدة بشكل مؤقت.

ويقول إن ترامب مثل الانعزاليين في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لا يرى حاجة للحلفاء ولا يريد الاضطرار إلى الوفاء بالتزاماته.

ويوضح أن نظرة ترامب للعالم تتمثل في أنه يجب على الآخرين الاعتناء بأنفسهم، وهذا ينطبق حتى على قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد الذين خدموا مصالح الولايات المتحدة من خلال تحمل وطأة القتال والموت في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

 

دعهم يتقاتلون
ويقول روس إن ترامب يرى أنه قد تم إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة، وأن تركيا والأكراد "أعداء طبيعيون"، ولذلك فإن الخروج عن طريقهم وتركهم يتقاتلون هو مجرد أمر طبيعي.

ويضيف أن سجناء تنظيم الدولة يفرون الآن من السجون الكردية، وأن خلاياهم النائمة ستستغل الفوضى وتعاود الظهور كتهديد، مما يعني أن ترامب في الواقع يجعل العالم أكثر خطورة.

ومن خلال عدم الاهتمام بالفراغات التي تتشكل -خاصة في الشرق الأوسط- فإن ترامب لم يستطع أن يفهم أن أسوأ القوى هي التي تملأ هذه الفراغات.

ولا عجب إذًا أن روسيا وإيران والرئيس التركي رجب طيب أردوغان هم الذين يحاولون ملء هذه الفراغات الآن.

هدف مشترك
ويشير المقال إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يتشاركان في هدف واحد يتمثل في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة.

لكن الخطر ليس فقط أن خصوم الولايات المتحدة سيستفيدون من الفرص التي يخلقها انسحاب الأميركيين، بل إن هناك شيئا أكثر غدرا في المسرح، فحيث يصبح خصوم أميركا أكثر جرأة فإن أصدقاءها يشعرون بأنه يتعين عليهم استيعابهم.

ويوضح روس أنه ليس من المستغرب أن يكون بوتين قد زار السعودية والإمارات خلال الأسبوع الماضي، وحتى أنه نفى وجود أي دليل على أن الإيرانيين مسؤولون عن الهجوم على منشأة النفط السعودية أرامكو.

ويضيف "بل إن بوتين كان في زيارته أشبه بزعيم للمافيا، حيث عرض على السعودية بيعها صواريخ أس400، والتي إذا ما اشترتها فستصبح روسيا وليس الولايات المتحدة هي التي يمكن أن تجعل الإيرانيين يحدون من تهديداتهم".

ويشير إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا وقدرته على جعل الحياة صعبة بالنسبة للإيرانيين قد يضفيان مصداقية على رسالة بوتين، حتى لو كانت هناك علامات قليلة على أنه يريد بالفعل الحد من النفوذ الإيراني.

تحركات بوتين
أما بالنسبة لإدارة ترامب فإن السجل في هذه المرحلة يتحدث عن نفسه، فالهجمات بالوكالة الإيرانية أو الإيرانية على ناقلات النفط وعلى المجال الجوي السعودي الجوية السعودية والهجمات على القواعد الأميركية في العراق وإسقاط طائرة مسيرة أميركية وقصف منشأة نفط سعودية مسؤولة عن إنتاج 5.5% من النفط العالمي و50% من الإنتاج اليومي للسعوديين لم تؤدِ إلى أي استجابة أميركية مناسبة.

بل على العكس من ذلك، فقد أعلن الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة لا تحصل على النفط من الخليج، ولذلك فيجب أن يتحمل الآخرون مسؤولية الحفاظ على مضيق هرمز مفتوحا، وذلك على عكس سياسة أسلافه الديمقراطيين والجمهوريين.

وعلاوة على ذلك، فإن ترامب برر عدم الرد على هجوم أرامكو بقوله إن ذلك كان هجوما على السعودية ولم يكن هذا هجوما على الأميركيين.

ويضيف أنه بعد تخلي ترامب عن الأكراد فمن سيعتمد على الولايات المتحدة لتكون حليفته؟ ويقول إن صديقا عربيا أخبره أن الكثيرين في المنطقة يقولون الآن إنه "إذا كنت تعتمد على الغطاء الأميركي فأنت عارٍ".

حلفاء وخيانة
وينتقد الكاتب ترامب لعدم استجابته للهجوم الإيراني على أرامكو ولإعطائه الضوء الأخضر لأردوغان للتدخل في سوريا، ويقول إن العالم صار يعيش بلا قواعد دبلوماسية.

ويضيف أنه لا أحد يعلم إلى أين سيذهب عشرات الآلاف من الأكراد الموجودين بالمنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإقامتها في شمال سوريا، ولا أحد يعلم ما إذا كان الأكراد سيغادرون المنطقة في الوقت المحدد.

ويشير المقال إلى أن ترامب ترك مصير الأكراد لتركيا وروسيا وإيران والطاغية الأسد.

ويقول روسي إنه بما أن الأميركيين لا يستطيعون ملء الفراغات في العالم وحدهم فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى حلفاء وشركاء محليين، غير أن الأمر أصبح أكثر صعوبة لأن افتقار الأميركيين إلى الموثوقية يجعل الآخرين حذرين من التحالف معهم.

ويختتم روس بأنه إذا لم ترد الولايات المتحدة أن تقوم بدور شرطي العالم لمنع تشكل فراغات فإنه يجب عليها إيجاد طرق لتجنيد الحلفاء والشركاء الإقليميين الذين سيتقاسمون العبء معها، وذلك لا يتحقق إلا بوجود أصدقاء يعتقدون أنهم يستطيعون التحالف مع الأميركيين دون التعرض للخيانة.

المصدر : الجزيرة + هيل