نازحو شمال شرقي سوريا.. بين المدارس والعراء

تعمل المنظمات والجمعيات الأهلية في الحسكة على دعم الأسر النازحة في المدارس
مدارس مدينة الحسكة أصبحت ملاذا لمعظم النازحين (الجزيرة)

عمر يوسف-شمال سوريا

لجأت أسرة راشد عليان إلى إحدى مدارس الحسكة (شمال شرقي سوريا)، بعد نزوحها من مدينة رأس العين، جراء احتدام المعارك في محيطها بين القوات التركية وقوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا.

ومنذ بدء الاستعدادات للعملية العسكرية التركية "نبع السلام"، يقول عليان إن عشرات العائلات بمدينة رأس العين نزحت نحو الريف الجنوبي ومدينتي القامشلي ورميلان، هربا من المعارك.

ولم يرغب عليان -في بادئ الأمر- النزوح مع أسرته، لكن أصوات الانفجارات والمدافع التي اقتربت من منزله دفعته للخروج بأسرع وقت ممكن، دون حمل الحاجات الضرورية والأمتعة، كما يقول.

وبعد رحلة شاقة ومضنية من رأس العين إلى الحسكة، انتهى المطاف بالأسرة النازحة في صف مدرسي، قبل أن تحصل على بطانيات وسلة غذاء طارئة.

‪بعض الأسر لم تجد مأوى في ريف الرقة وترحل من مكان لآخر‬ (الجزيرة)
‪بعض الأسر لم تجد مأوى في ريف الرقة وترحل من مكان لآخر‬ (الجزيرة)

في العراء
وإن حالف الحظ أسرة عليان، فإن أسرة محمد التدمري تفترش الأرض وتلتحف السماء على أعتاب مدينة الرقة (وسط سوريا)، بعد أن أخرجت قوات سوريا الديمقراطية عائلات من مخيم عين عيسى (شمالي الرقة)، جراء اشتباكات بين عائلات عناصر سابقين بتنظيم الدولة الإسلامية ومدنيين، وفق التدمري.

وبعد الخروج، باتت الأسرة المؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال تواجه المجهول؛ فالدخول إلى مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية يحتاج إلى كفيل، وإن حالف الأسرة الحظ بالدخول فلا تملك المال الكافي لاستئجار منزل.

ويؤكد التدمري أنه لم يتلق أي مساعدة منذ مغادرة المخيم، في الوقت الذي ترفض فيه الأسرة العودة إلى مدينة تدمر بريف حمص خشية الاعتقال من قوات النظام السوري، التي تسيطر على المدينة؛ مما جعل خيارات البقاء على قيد الحياة صعبة.

‪تقدم‬ الجمعيات تقدم الخدمات الأساسية من الماء والسلال الغذائية للنازحين (الجزيرة)
‪تقدم‬ الجمعيات تقدم الخدمات الأساسية من الماء والسلال الغذائية للنازحين (الجزيرة)

مخاوف مستقبلية
ورغم الاتفاق التركي الأميركي على وقف الهجوم التركي لمدة خمسة أيام، إلى حين انسحاب المقاتلين الأكراد من "المنطقة الآمنة"؛ فإن التهديدات بالتصعيد العسكري وعودة القتال ما تزال تهدد بتدفق نازحين جدد.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 150 ألف مدني على الأقل تركوا منازلهم، وقدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عدد الأطفال الذين نزحوا بنحو سبعين ألف طفل.

وقالت منظمة الهلال الأحمر الكردية إن عددا من المنظمات غير الحكومية اضطر منذ بداية المعارك إلى إجلاء كوادره الأجانب من المنطقة؛ جراء الوضع المتدهور هناك.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتوفير "طريق إمدادات إنسانية مستدام وآمن للمدنيين"، بحيث يُسمح للمنظمات الإنسانية بالاستمرار في عملها.

في الأثناء، تقوم جمعيات أهلية محلية بدعم النازحين، لا سيما في محافظة الحسكة، ويقول مدير جمعية قناديل الأمل شيخو حسن إن عدد النازحين يقدر بأكثر من 11 ألف نازح، يتم إيواء معظمهم في 38 مدرسة.

ويرجح حسن أن يتضاعف عدد النازحين إذا استمر الوضع بهذا الشكل، مضيفا أن للجمعية خطة طوارئ لاستقبال عدد أكبر من النازحين وتأمين المستلزمات الأساسية لهم.

المصدر : الجزيرة