نيويورك تايمز: أربعة أسئلة ملحة حول مستقبل سوريا بعد عملية تركيا

الأبعاد السياسية "لنبع السلام".. هل تستمر العملية وسط تفاهمات دولية ضمنية؟
نيويورك تايمز: بعد دخول القوات التركية شمالي سوريا لن يستمر أي وجود لقوات أميركية في المنطقة (الجزيرة)

تقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن الانسحاب الأميركي المفاجئ من أجزاء في سوريا، أعاد تشكيل التحالفات القديمة وأطلق مرحلة جديدة من الحرب في البلاد، ولا يوجد ما يؤكد شكل المستقبل هناك. ومع ذلك، قالت الصحيفة إن هناك أربعة أسئلة ملحة من شأن الإجابة عليها تشكيل مستقبل سوريا:

1- لمن ستكون السيطرة على شمالي البلاد؟
تتنافس تركيا مع الحكومة السورية للسيطرة على المنطقة، لكن خبراء ومراقبين على الأرض يعتقدون أن روسيا التي تدعم دمشق لديها اتفاق مع تركيا على توزيع أجزاء المنطقة، رغم أن الطرفين يدعمان أطرافا متعارضة.

وبدخول القوات التركية شمالي سوريا لن يكون استمرار أي وجود للقوات الأميركية ممكنا، بسبب قطع خطوط الإمداد والقضاء على ثقة المواطنين المحليين في الولايات المتحدة. ويقول خبراء إنه بسماح أميركا لتركيا بدخول المنطقة تكون قد أنهت عمليا حمايتها العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية.

ولذلك فإن مصير أربعة ملايين سوري كانوا يعيشون تحت حكم قوات سوريا الديمقراطية بعيدا عن قمع النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية، سيكون في خطر.

ومن أجل تغلغلها داخل العمق السوري، ستدعم تركيا مقاتلي المعارضة السورية الذين تتشكل غالبيتهم من العرب والتركمان، الأمر الذي يهدد باحتمال نشوب صراع عرقي في المنطقة.

2- كيف سيكون وضع الأكراد؟
بدون دعم واشنطن سيكون أمل الأكراد في الحفاظ على قدر من الحكم الذاتي قد تعرض لضربة قوية، ويكون نفوذهم للتوصل إلى أي صفقة مع أنقرة أو دمشق قد تلاشى.

خبراء:
بسماح أميركا لتركيا بدخول شمالي سوريا تكون قد أنهت عمليا حمايتها العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية

وكانت الحكومة السورية قد أعلنت من قبل رغبتها في أن تحل قوات سوريا الديمقراطية نفسها وتضع مقاتليها تحت تصرف التشكيلات التي تديرها روسيا، مثل الفرقة الخامسة التي امتصت مقاتلي المعارضة السورية المستسلمين من مناطق أخرى في البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن قادة الأكراد الذين لم يسبق أن وثقوا ثقة كاملة في الولايات المتحدة، حافظوا على قناة اتصال مفتوحة مع كل من موسكو ودمشق. لكنّ لدمشق تاريخا طويلا في قمع الأكراد، كما أن حكومة الأسد لم يُعرف عنها أنها تعقد صفقات. ففي المناطق التي استعادتها أصرت على استسلام المعارضين التام بدون أي تنازلات منها، كما عاقبت من تحداها بالتجنيد الإجباري والقضاء على من سعوا إلى الحكم الذاتي.

ويعتقد البعض أن وضع الأكراد سيتحسن. أما المناطق التي يكون فيها العرب أغلبية، فإن الخوف هو سيد الموقف، الأمر الذي يفتح الطريق أمام عودة المعارضة المسلحة بما فيها المعارضة "المتطرفة".

3- كيف أثرت هذه الأحداث على المدنيين؟ 
نزح حتى أمس الثلاثاء قرابة 160 ألف مدني من المنطقة الحدودية التي هاجمتها تركيا، أغلبهم نزحوا عدة مرات من عدة مناطق، والطرق الخارجة من المدن الكبيرة تعاني اختناقات حادة، وقالت الأسر القابعة داخل السيارات على هذه الطرق للصحفيين إنها لا تدري إلى أين تذهب، والطرق إلى تركيا مغلقة. 

ويحاول بعض المدنيين الهروب إلى كردستان العراق، وآخرون إلى المناطق التي توجد بها قوات سوريا الديمقراطية في الجنوب، حيث تقول هذه المليشيات إنها تعيد موضعة بعض مخيمات اللاجئين. وهاتان المنطقتان اُستنزفتا ودُمرتا عقب سنوات من الحرب على تنظيم الدولة وليس بهما ما تقدمانه للاجئين.

وهناك مدنيون تعرضوا لإصابات جراء القصف التركي، كما قُتل آخرون داخل تركيا بسبب القصف الكردي من وراء الحدود. وهناك خطر آخر -وهو التعرض للنيران من الأطراف المتحاربة- سيحل بالمدنيين إذا قررت قوات سوريا الديمقراطية الاختباء وسطهم وتنفيذ حملة تمرد ضد الأتراك.

وتقول تركيا إنها تحاول دفع كثير من اللاجئين السوريين داخلها والبالغ عددهم 3.6 ملايين لدخول سوريا والاستقرار في المنطقة الآمنة التي تحاول إقامتها هناك. وتقول الصحيفة إن هذه الخطوة تنتهك القانون الدولي، مشيرة إلى أن هذه المنطقة التي يغلب عليها الريف لا تستطيع استيعاب هذا العدد الهائل من اللاجئين الذين يأتون من كل أنحاء سوريا.

4- هل يعود تنظيم الدولة؟
فتحت الفوضى التي بدأت الأسبوع الماضي الباب أمام خطرين من تنظيم الدولة: هروب مقاتليه السابقين المدانين من سجون قوات سوريا الديمقراطية (عددهم بضعة آلاف بينهم ألفان على الأقل من الأجانب الذين رفضت بلدانهم رجوعهم)، وإعادة نشاط الخلايا النائمة في التنظيم. وقد هرب بعض مقاتلي تنظيم الدولة من السجون، ولم تستطع القوات الأميركية أخذ عشرات منهم من ذوي القيمة الاستخباراتية العالية بالنسبة لها.

المصدر : نيويورك تايمز