التحالف الحكومي بالسودان.. تململ وانسحابات على وقع الاحتجاجات

أحمد بابكر نهار رئيس حزب الأمة الفدرالي
رئيس حزب الأمة الفدرالي أحمد بابكر نهار آخر المنسحبين من حكومة الوفاق الوطني (الجزيرة نت)

لكن درجة الترقب ترتفع بعد هذه الانسحابات انتظارا لما ستسفر عنه مواقف أحزاب أخرى مشاركة في الحكومة، وفي مقدمتها حزبا الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني وحزب المؤتمر الشعبي لمؤسسه الراحل حسن الترابي اللذان يعانيان ضغوطا هائلة من قواعدهما في اتجاه الانسحاب من الحكومة.

آخر المنسحبين كان حزب الأمة الفدرالي بقيادة أحمد بابكر نهار، ولفتت الخطوة الانتباه إلى حجم المشاركة الكبير نسبيا للحزب في البرلمان عن طريق انتخابات أبريل/نيسان 2015.

والأمة الفدرالي هو ضمن ستة كيانات منشقة من حزب الأمة القومي المعارض بقيادة الصادق المهدي، لكنه قطعا أكثر المنشقين تأثيرا من واقع بعده الجماهيري المعتمد على الجانب العقدي لطائفة الأنصار والبعد الإثني في شمال دارفور، وفق مراقبين سياسيين.

‪غازي صلاح الدين أعلن انسحاب حركته
‪غازي صلاح الدين أعلن انسحاب حركته "الإصلاح الآن" من الحكومة تضامنا مع المحتجين‬ (الجزيرة-أرشيف) 

تشكيلة الحزب
وزير اتحادي وثلاثة وزراء في ولايات جنوب دارفور وغرب كردفان وسنار وثمانية نواب في غرفتي البرلمان "المجلس الوطني ومجلس الولايات" و15 نائبا في المجالس التشريعية للولايات هم حصيلة مشاركة الأمة الفدرالي في حكومة الوفاق.

وتظهر أهمية الحزب في أنه أكثر أحزاب الأمة تمثيلا في البرلمان استنادا إلى نتائج الانتخابات في 2015، ويقول الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل للجزيرة نت إن "ما يميز حزب نهار أن لديه شعبيه ببعدين -حزبي وإثني- مكنته من دخول البرلمان رغم أن قائده ليس من آل المهدي".

ويقود الصادق المهدي حزب الأمة القومي، ومبارك الفاضل المهدي حزب الأمة، والصادق الهادي المهدي حزب الأمة القيادة الجماعية.

وبحسب الفاضل الذي كان قريبا في السابق لحزب الأمة الفدرالي، فإن قواعده تتمركز في ولاية شمال دارفور إلى جانب مهاجرين إلى القضارف، ومنطقة كنابي بولاية الجزيرة.

وتسبب قرار الحزب الانسحاب من الحكومة بما يشبه انشقاقا داخله بعدما تشبث مقرر المكتب القيادي في الحزب وزير الثقافة والسياحة والآثار عمر سليمان بمنصبه في الحكومة.

ويقيّم الجميل موقف تنفيذ انسحاب حزب الأمة الفدرالي من الحكومة بنسبة 50% في الجانب التشريعي لجهة أن نهار ونائبتين في البرلمان التزموا بالاستقالة إلى جانب نصف نواب المجالس التشريعية، في حين آثر الوزير الاتحادي وثلاثة وزراء ولائيين التشبث بمناصبهم.

ومن أهم الأحزاب المكونة للجبهة الوطنية للتغيير حركة الإصلاح الآن بزعامة غازي صلاح الدين التي انشقت في وقت سابق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وآثرت حركة الإصلاح الآن -طبقا للمتحدث باسمها صلاح حسن جمعة- المشاركة التشريعية لتكون بمثابة معارضة دستورية فكان من نصيبها نائبان شرسان بالبرلمان، هما حسن رزق وفتح الرحمن فضيل.

كما تحوز الحركة على مقعد في مجلس الولايات وثلاثة مقاعد في المجالس التشريعية بولايات البحر الأحمر ونهر النيل وشمال كردفان، وتنتظر "الإصلاح الآن" عودة البرلمان من عطلته للدفع باستقالات مسببة كما أفاد المتحدث باسم الحركة للجزيرة نت.

أول المغادرين
ويعتبر حزب الأمة بقيادة السياسي البارز مبارك الفاضل المهدي أول المبادرين في ديسمبر/كانون الأول الماضي بفض الشراكة في السلطة عبر استقالة وزير ولائي بالولاية الشمالية وثلاثة نواب برلمانيين.

وتعد موجة الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثاني الأوسع والأشرس التي تواجه الرئيس عمر البشير الذي وصل إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري في يونيو/حزيران 1989، وفاز بأغلبية مريحة في انتخابات 2010 و2015 لعدم وجود منافسين حقيقيين.

‪مبارك الفاضل المهدي أول من بادر بفض الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني‬ (الجزيرة نت)
‪مبارك الفاضل المهدي أول من بادر بفض الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني‬ (الجزيرة نت)

ضغوط الشارع
ويبدو حزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية الحاكمة في وضع مريح حتى الآن، فأكثر حزبين جماهيريين في الحكومة ما زالا صامدين على الرغم من ضغوط كوادرهما وقواعدهما للتبرؤ من السلطة.

وأعلن تشريعيون في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الاستقالة بسبب تزايد سقوط قتلى في الاحتجاجات، في حين لا تنقطع المذكرات داخل المؤتمر الشعبي للمطالبة بفض الشراكة، فضلا عن استقالة شباب من الحزب.

ويبدو المؤتمر الشعبي أكثر تماسكا، فقوائمه خلت من أي استقالات حتى الآن، حيث يحوز بالمستوى الاتحادي على وزير ووزير دولة، وولائيا على ثلاث وزارات بالخرطوم ونهر النيل والنيل الأبيض، فضلا عن سبعة نواب في غرفتي الهيئة التشريعية وآخرين في المجالس التشريعية للولايات.

لكن الاتحادي الأصل شهد تقديم استقالات لنائبين في البرلمان، هما علي عوض الله وسمية كمبال، وعضوين بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم، هما محمد هاشم عمر وإبراهيم علي.

ويقول محمد هاشم للجزيرة نت إنه على الرغم من حالة انعدام الوزن التي يعيشها حزبه جراء غياب المؤسسية لكنه حزب مهم في التحالف الحاكم بفضل تاريخه والقاعدة الجماهيرية للحزب الاتحادي المستندة إلى الطريقة الختمية، وهي واحدة من أكبر الطرق الصوفية في السودان.

الحزب الوصيف
ويعد الاتحادي الديمقراطي الأصل ثاني حزب من حيث المشاركة بعد حزب المؤتمر الوطني بوزيرين اتحاديين ورئيس مجلس أعلى و25 نائبا برلمانيا و50 نائبا في المجالس التشريعية بالولايات و6 وزراء ولائيين.

ويدعو محمد هاشم زعيم حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني الموجود في منفاه الاختياري بالقاهرة منذ عام 2013 للانحياز إلى الشارع وجماهير الحزب والطريقة الختمية التي ظلت ترفض المشاركة في السلطة.

وظلت العديد من كوادر الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل على الرغم من المشاركة في السلطة ضمن حراك الشارع، وهناك عدد من قيادات الحزب رهن الاعتقال، كما أن ثمة أعضاء في الحزب تحت لافتة التجمع الاتحادي المعارض ضمن الكيانات الداعية للاحتجاجات مع تجمع المهنيين.

المصدر : الجزيرة