في الذكرى الثامنة لثورة يناير.. أين رموز نظام مبارك؟

عبد الرحمن فتحي - مع براءتهما بأغلب القضايا التي تم محاكمتهما بها عقب الثورة لم يصف الجو بشكل كامل لنجلي مبارك - بعد 8 سنوات من ثورة يناير.. أين رموز نظام مبارك؟
جمال (يمين) وعلاء كانا ملء السمع والبصر في السنوات الأخيرة لحكم أبيهما مبارك (الجزيرة-أرشيف)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

ثمانية أعوام بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 كانت كفيلة بانتقال متأن ودون تعجل لرموز نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، الذي قامت عليه تلك الثورة، من إطار المجرم المتهم إلى أطر أخرى، تسمح لهم بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، لكن بشروط تحد من تطلعاتهم السياسية.

فمبارك رأس هذا النظام، الذي احتفلت مصر بخلعه كثمرة لثورة المصريين؛ بات شاهدا مسموع الكلمة في محاكمة رموز تلك الثورة، كما أن رموز نظامه الذين حملوا وصف فلول نظام مبارك، تحرر أغلبهم من أحكام متسارعة بعد الثورة، كان الهدف منها كبح جماح الشارع المصري وتسكين غضبه ودغدغة أمانيه.

لكن، رغم تلك الحرية المتمثلة في أحكام البراءات المتلاحقة لتلك الرموز، فإن النظام الحالي ورئيسه عبد الفتاح السيسي كانا شديدي الصرامة في أن تكون تلك الحرية محكومة بالتجرد من أي طموح أو تطلع للعودة إلى الحياة السياسية، ربما تشكل ضررا -ولو ضئيلا- على تفرد هذا النظام بالمشهد. 

علاء وجمال مبارك
مع براءتهما من أغلب القضايا، لم يصف الجو بشكل كامل لنجلي مبارك علاء وجمال؛ فبين الفينة والأخرى تجري مناكفتهما سياسيا أو إعلاميا، مما يعكس عدم اطمئنان كامل من قبل نظام السيسي تجاه نواياهما.

ويساعد على ذلك تقارير بالصحافة المحلية تتحدث عن نية لهما للعودة للمشهد السياسي بعد إزالة معوقات مباشرة حقوقهما السياسية، إضافة إلى حرصهما على الظهور في مناسبات مختلفة، ويظهران في بعضها بصورة منافسة للسيسي.

وبلغ الأمر مداه في سبتمبر/أيلول الماضي، حين أبدى ياسر رزق -الكاتب المقرب من السيسي- تخوفه من وجود صفقة بين جمال وعلاء مبارك وجماعة الإخوان المسلمين في مرحلة ما، وهو الأمر الذي استدعى في المقابل هجوما من علاء ردا على ذلك الاتهام. 

رئيس الوزراء نظيف
بهدوء، عاد نظيف (رئيس وزراء نظام مبارك قبل الثورة) إلى ممارسة حياته الطبيعية، حيث يمارس مهنة التدريس بكلية الهندسة جامعة القاهرة، كما كان قبل توليه منصب رئيس الوزراء، وذلك بعد تبرئته من القضايا التي اتهم بها بعد ثورة يناير.

وبين الفينة والأخرى، يظهر نظيف في أماكن عامة كمراكز التسوق والأندية، بينما كان ظهوره الأبرز في مارس/آذار 2018، حين أدلى بصوته في انتخابات الرئاسة، وحرص على دعوة المصريين للخروج والوقوف بقوة خلف من قرروا اختياره (في إشارة إلى السيسي).

رئيس البرلمان سرور
بعد سلسلة من المحاكمات التي لم تستمر طويلا، حصل أحمد فتحي سرور (رئيس مجلس البرلمان الأسبق) على البراءة من قضية "الكسب غير المشروع"، و"موقعة الجمل"، حيث هاجم مؤيدون لمبارك بالخيول والجمال ميدان التحرير في الثاني من فبراير/شباط 2011، لمحاولة فض الميدان، وهو ما أسفر عن قتلى وجرحى.

خرج سرور -الذي ظل رئيسا لمجلس الشعب 21 عاما- من محبسه، ليعود إلى ممارسة وظيفته الأصلية وهي المحاماة، حيث ارتدى الروب الأسود بمجرد إخلاء سبيله، وبات المدافع الرئيسي عن عدد من رموز نظام مبارك، كما أصبح ضيفا على ندوات ولقاءات عامة، ويلقي بها محاضرات قانونية.

رئيس الديوان زكريا عزمي
زكريا عزمي -رئيس ديوان مبارك وذراعه اليمنى كما كان يطلق عليه، والرجل صاحب النفوذ القوي والصلاحيات المطلقة- بات بريئا كغيره من رموز نظام مبارك.

آخر ما حصل عليه عزمي من أحكام البراءة كانت في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، حيث قضت محكمة النقض ببراءته من اتهامه بالحصول على كسب غير مشروع قيمته تجاوزت أربعين مليون جنيه، بعد إلغاء حكم سابق من محكمة جنايات القاهرة في 2012 بالسجن سبع سنوات وتغريمه نحو 36 مليونا و377 ألفا.

أمين الحزب الشريف
رغم مرور ثماني سنوات على الثورة، لايزال صفوت الشريف (رئيس مجلس الشورى السابق، وأمين عام الحزب الوطني الحاكم بنظام مبارك) يقف في ساحات المحاكم متهما في عدد من قضايا الكسب غير المشروع، كما أدين في عدد من تلك القضايا.

لكن الشريف الذي تجاوز عمره الثمانين يمارس حياته بصورة طبيعية، في حين يتابع سرور قضاياه أمام المحاكم، كما يتولى ابنه إدارة أعماله التجارية المختلفة. 

‪وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي‬ (رويترز)
‪وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي‬ (رويترز)

وزير الداخلية العادلي
كان العادلي رجل نظام مبارك القوي، وشغل منصب وزيد الداخلية لسنوات طوال حتى جاءت الثورة، فتم عزله وصدر قرار بمنعه من السفر وتجميد أمواله، لتبدأ محاكمته في عدد من القضايا، انتهى أغلبها بالبراءة، ولا يزال ينتظر الحكم في قضية فساد مالي، شارفت على الانتهاء.

وزير الدفاع طنطاوي
المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، الذي أُحيل للتقاعد بقرار رئاسي من محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب، في 12 أغسطس/آب 2012، ابتعد ظاهريا عن الحياه السياسية من حينها، إلا أنه عاد للظهور في المشهد بعد الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، حيث بدا الرجل داعما للسيسي، ومصاحبا له في مناسبات مختلفة.

طنطاوي من رموز مبارك، لكن مؤيدي مبارك يتهمونه بالتخلي عن رئيسه والانقلاب عليه. ورغم الاتهامات التي لاحقته بقتل المتظاهرين خلال الأحداث التي أعقب ثورة يناير كأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرهما، فإن الرجل لم يقدم لأي محاكمة، كما لم توجه له اتهامات رسمية. 

رئيس الأركان عنان
الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء إدارة المجلس شؤون البلاد عقب الثورة، لم تستقم له الأمور كما استقامت لرفيق دربه طنطاوي.

وبالرغم من أن إحالة عنان للتقاعد كانت متزامنة مع إحالة طنطاوي، فإن طموحه السياسي أورده طريق معاداة السيسي، حيث أعلن نيته الترشح للرئاسة في انتخابات 2014 قبل تراجعه، ثم عاود الكرة مرة أخرى في انتخابات 2018.

واعتقل عنان بتهمة التزوير في محررات رسمية ومخالفة القوانين العسكرية، رغم إعلانه أن ترشحه لن يتم إلا بعد استيفاء الشروط العسكرية، إلا أنه لا يزال قيد الحبس، ومع مرور الوقت انحسر تناول قضيته وضعفت متابعاتها الإعلامية، وبات رقما كغيره من المعتقلين السياسيين.

‪المشيرة طنطاوي‬ (يمين)(وسط)(غيتي)
‪المشيرة طنطاوي‬ (يمين)(وسط)(غيتي)

رئيس وزراء الثورة شفيق
إذا كان عنان أفل نجمه بعد الاعتقال رغم تاريخه العسكري، فإن نجم أحمد شفيق -الذي كان آخر رئيس وزراء لمبارك أثناء الثورة، والمرشح الرئاسي الوصيف بعد محمد مرسي- بات أكثر أفولا بعد وأد طموحه السياسي، وإثنائه عن الترشح للرئاسة أمام السيسي في الانتخابات الأخيرة، وترحيله قسرا من دولة الإمارات إلى القاهرة، حيث تقول تقارير إعلامية أنه محدد الإقامة.

وكغيره من رموز نظام مبارك، حظي شفيق بالبراءة من القضايا التي لاحقته عقب ثورة يناير.

المصدر : الجزيرة