واشنطن بوست: عالم عراقي ساعد تنظيم الدولة بتصنيع أسلحة كيميائية

Smoke rises after an airstrike, during the battle against Islamic State militants, at the district of al-Mamoun in Mosul, Iraq, March 1, 2017. REUTERS/Alaa Al-Marjani
واشنطن بوست: المعرفة والمهارات التي حصل عليها تنظيم الدولة من العفري وغيره لا تزال بحوزة التنظيم (رويترز)

ذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست أن تنظيم الدولة الإسلامية أنشأ صناعة لإنتاج أسلحة كيميائية بمساعدة خبراء عراقيين كانوا يعملون مع الحكومات العراقية المتعاقبة، ونسب التقرير إلى مسؤولين غربيين قولهم إن هذا الإنتاج فريد في تاريخ التنظيمات "الإرهابية الحديثة"، وإن تلك المعرفة والخبرات لا تزال بحوزة التنظيم.

وأوردت الصحيفة تلك المعلومات في تقرير حصري لها نقلا عن إفادات قالت إن عالما عراقيا كان من المسؤولين عن برنامج إنتاج الأسلحة الكيميائية للتنظيم، أدلى بها أثناء التحقيق معه من قبل المسؤولين عن مكافحة "الإرهاب" الأميركيين والأكراد.

وأضافت أن هذا العالم هو الخبير في الجيولوجيا سليمان العفري (52 عاما)، وهو معتقل في أربيل لدى قوات البشمركة الكردية منذ 2016، قبيل إعادة سيطرة الحكومة العراقية على مدينة الموصل، وهو الآن في انتظار تنفيذ حكم الإعدام عليه.

عرض مفاجئ
وبحسب تقرير واشنطن بوست، فقد حكى سليمان عن الكيفية التي انضم بها للتنظيم والعمل معه بإنتاج غاز الخردل، قائلا إنه كان يتمنى -لدى دخول تنظيم الدولة الموصل- مجرد الاحتفاظ بوظيفته في وزارة الصناعة والمعادن في الموصل، نظرا لاستحالة الحصول على وظيفة في العراق بعد فقدانها، لكنه فوجئ بعرض مبعوثي التنظيم وظيفة جديدة عليه وهي المساعدة في تصنيع أسلحة كيميائية.

ضابط من البشمركة الكردية يفتش إحدى المركبات في سنجار (غيتي إيميجز)
ضابط من البشمركة الكردية يفتش إحدى المركبات في سنجار (غيتي إيميجز)

وأكد أن مهمته مع التنظيم استمرت 15 شهرا، ظل خلالها يشرف على تصنيع غاز الخردل. وقالت واشنطن بوست إن سليمان العفري لطيف وأنيق ومرتب، وهو من القليلين الذين عُرفوا بمشاركتهم في برنامج إنتاج الأسلحة الكيميائية في تنظيم الدولة وقُبض عليهم أحياء.

وذكرت الصحيفة أن ما صرّح به العفري أكده مسؤولون أكراد وأميركيون شاركوا في مهمات لتدمير مصانع أسلحة التنظيم وقتل كبار قادته، كما أن هذه التصريحات تلقي ضوءا جديدا على البرنامج المعني ومن ذلك أن معامل جامعية ومرافق للتصنيع وكوادر من العلماء والفنيين قد شاركوا فيه.

بينما كان العفري يقود سيارته داخل أراضي "دولة الخلافة"، لاحظ في المرآة الخلفية للسيارة أربع مروحيات تقترب منه، بدأت اثنتان منها تلاحق سيارته على مستوى الأرض تقريبا مثيرتين الغبار وسحبا من الأوساخ، بينما ظلت الأخريان تحومان فوق السيارة

مسؤول إمدادات
ويقول العفري الذي كان مسؤولا عن الإمدادات في شعبة المعادن بوزارة الصناعة والمعادن العراقية -بحسب الصحيفة- إن شعبته اجتذبت اهتماما خاصا من مسؤولي تنظيم الدولة الذين زاروا مكتبه بعد أسابيع قليلة من سيطرتهم على الموصل، وطلبوا منه تولي مهمة جلب وتركيب معدات معدنية خاصة محددة في قائمة، تشمل صهاريج وأنابيب وصمامات، وجميعها من الصلب غير القابل للصدأ (ستينلس ستيل) ومقاومة للتآكل الكيميائي ودرجات الحرارة العالية.

واعترف العفري بأن دوره كان تنظيم إمدادات غاز الخردل بتجهيز مجموعة من المعامل والورشات الصغيرة المبثوثة ابتداء من جامعة الموصل وحتى ضواحي المدينة، معربا عن اعتقاده بأن الغاز الذي كانوا ينتجونه لا يمكن أن يوجد أخطر منه، وفق ما جاء في تقرير واشنطن بوست.

وأضافت الصحيفة أن من المؤكد أن المعرفة والمهارات التي حصل عليها تنظيم الدولة من العفري وغيره لا تزال بحوزة التنظيم مخبأة في الملفات وأجهزة الحفظ الإلكترونية، أو في ذاكرة المشاركين في البرنامج الذين لا يزالون على قيد الحياة وتشتتوا لدى انهيار "دولة الخلافة".

السلاح الأكثر فتكا
ونسبت إلى الخبير في الأسلحة الكيميائية بالجيش البريطاني وحلف الناتو هاميش دي بريتون غوردون، قوله إن هناك "جهاديين" في كل أنحاء العالم يمكنهم الحصول على هذه الخبرات والمعارف من الشبكة العنكبوتية السوداء، مضيفا أن هذا التنظيم لا يزال يتطلع لامتلاك أكثر الأسلحة فتكا في العالم.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن تنظيم الدولة شن 76 هجوما كيميائيا خلال ثلاث سنوات، وأن الهجمات التي نفذتها القوات الأميركية ضد مرافق إنتاج غاز الخردل في الموصل وهيت ابتداء من 2015، وقتلها لبعض خبراء التنظيم في البرنامج، أجبرت التنظيم على إعادة موضعة نقاط الإنتاج مطلع 2016 ووضع علمائه في أماكن خفية وخفض نشاط البرنامج، حيث كان التنظيم آنذاك في تراجع على عدة جبهات تحت القصف الجوي والهجمات البرية المستمرة على نطاق غربي العراق وشماليه.

كيفية القبض عليه
وعن الكيفية التي قُبض بها على العفري، قالت الصحيفة إنه كان متوجها من الموصل جنوبا بسيارته على طريق صحراوي سريع لزيارة والدته المريضة في تلعفر، وإن القوات الأميركية كانت تراقب جميع تحركاته وهاتفه النقال منذ مدة، وكانت تتطلع للقبض عليه حيا.

وبينما كان العفري يقود سيارته داخل أراضي "دولة الخلافة"، لاحظ في المرآة الخلفية للسيارة أربع مروحيات تقترب منه، بدأت اثنتان منها تلاحق سيارته على مستوى الأرض تقريبا مثيرتين الغبار وسحبا من الأوساخ، بينما ظلت الأخريان تحومان فوق السيارة.

بعد ذلك سمع العفري إطلاق رصاص على إطارات سيارته ومحركها، وتوقفت السيارة ليترجل منها وسط عاصفة من الغبار ويهجم عليه فجأة كلب ضخم من حيث لا يتوقع، ويعضه من ذراعه.

ثم أبرز أحد الجنود صورة من بطاقة الهوية الخاصة بالعفري في وجهه سائلا إياه عما إذا كانت بطاقته، ولدى إجابته بالإيجاب، تفاجأ العفري بإدخال رأسه ووجهه في حقيبة وجره للصعود في إحدى المروحيات، وفق ما جاء في تقرير الصحيفة.

المصدر : واشنطن بوست