هل ينسف البريكست حزب المحافظين البريطاني؟
حذر أستاذ إدارة الحكم في كلية لندن فيرنون بوغدانور من أن رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي قد تودي بحزب المحافظين الحاكم إلى غياهب المجهول السياسي، لو أخفقت في عقد صفقة مع الاتحاد الأوروبي تحظى بتأييد الغالبية.
وأشار بوغدانور -في مقال نشرته له مجلة فورين بوليسي الأميركية- إلى تصويت الشعب البريطاني بأغلبية 52% بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وقال إن التشنج قد أصبح سمة السياسة البريطانية منذ أن جرى هذا الاستفتاء في 23 يونيو/حزيران 2016.
ويرى الكاتب أن البرلمان البريطاني يصعب عليه حل هذه المسألة الأوروبية، وذلك لأن حكومة ماي تحتفظ بأقلية في مجلس العموم (البرلمان) تبلغ 317 مقاعدا من إجمالي 650 مقعدا للمعارضة.
استقطاب نواب
ويضيف الكاتب أن هذا يعني أن على الحكومة أن تستقطب نواب الحزب الاتحادي الديمقراطي الإيرلندي الشمالي العشرة المؤيدين للانسحاب، لضمان أغلبية ضئيلة في البرلمان.
ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن كلا من حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال المعارض منقسم على نفسه بين داعم للبقاء في الاتحاد الأوروبي ومؤيد للبريكست.
ويعكس هذا الخلاف -برأي بوغدانور- حالة من الانقسام الجغرافي والثقافي الذي تعاني منه البلاد.
وكانت المدن الكبيرة -التي تؤمن بمبدأ حرية التنقل الذي ينتهجه الاتحاد الأوروبي- صوتت لصالح البقاء في الاتحاد، بينما وقفت الصغيرة منها والمناطق الصناعية القديمة التي تعادي مفهوم العولمة وحرية التنقل، إلى جانب الخروج (البريكست).
صفقة حكومية
ويشير الكاتب إلى أن حكومة تيريزا ماي وافقت على الصفقة التي أبرمتها رئيسة الوزراء مع الاتحاد الأوروبي في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتشمل تلك الصفقة اتفاق خروج ملزما قانونيا ينص على فترة انتقالية حتى ديسمبر/كانون الأول 2020، تظل خلالها بريطانيا ملتزمة بقواعد وقوانين الاتحاد الأوروبي أثناء استغراقها في مفاوضات تحدد العلاقة النهائية بين الطرفين.
يُذكر أن حكومة ماي تكبدت هزيمة ساحقة في مجلس العموم الذي رفض الموافقة على الصفقة في 15 يناير/كانون الثاني الجاري، وذلك بأغلبية 432 نائبا، بينما وافق عليها 202 فقط.
وكان الأمل معقودا على اتفاق يوحد بين مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي ومعارضيه، غير أن ما حدث باعد الشقة بين الطرفين، بحسب بوغدانور.
خروج كارثي
وما لم يصادق البرلمان على تشريع جديد فيما تبقى من مدة تقل عن أربعين يوما من الموعد المحدد للخروج في 29 مارس/آذار المقبل -طبقا لكاتب المقال- فإن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
ويعتبر معظم المحللين هذا الخيار إذا ما حصل بمثابة الكارثة، إذ إنه سيعني أن الاتحاد الأوروبي سيفرض رسوما جمركية، والأنكى من ذلك إخضاع الصادرات البريطانية لحزمة من اللوائح التي يصفها بوغدانور بالمخيفة.
ويختتم الكاتب مقاله في مجلة فورين بوليسي بالتأكيد على أنه لن يكون سهلا على بريطانيا إرسال بضائع من لندن إلى باريس أو فرانكفورت.