نازحون سوريون يتحدثون عن قصصهم مع الموت والبرد

صورة للعائلة التي توفيت طفلتهم
نازحون السوريون أضافوا إلى عذاباتهم عذاب البرد والسيول (الجزيرة نت)

عدنان الحسين-شمال سوريا

"هل ترى هذا القماش البلاستيكي؟ هل برأيك يقي أفراد عائلتي هذا البرد، أم يستطيع أن يفصل بيننا وبين الثلوج والمياه التي تهاجمنا من كل الزوايا.. لا لن تكون كحائط منزلي الذي دمرته طائرات النظام السوري، ولا يمكن أن تحوي جدران هذه الخيمة أي دفء لأطفالي".
 
لا تزال الحسرة بادية على والدة الطفلة مريم التي فقدت حياتها في مخيم النصر ببلدة قاح بريف إدلب الشمالي قرب الحدود السورية التركية، بعد أن توفيت نتيجة البرد الشديد الذي ضرب مناطق شمال سوريا، وكان لمخيمات النازحين السوريين في بلدهم نصيب كبير من الألم الجسدي والمعنوي.

يقول ياسين الحسين في حديث للجزيرة نت إن طفلته الصغرى مريم ذات السبعة أشهر فارقت الحياة نتيجة موجة البرد القارس، بعد تدهور حالتها الصحية لكونها كانت مصابة بمرض سوء التغذية الذي سببه العيش في المخيمات المفتقرة إلى كل شي سوى البرد والموت.

مشاهد من مخيمات النازحين في شمالي سوريا (الجزيرة)  
مشاهد من مخيمات النازحين في شمالي سوريا (الجزيرة)  

لم تساعده جدران الخيمة المهترئة في حماية طفلته، وقلة حيلته وافتقاره إلى المال منعاه من شراء مدفأة لهذه الخيمة التي تضم عائلته المؤلفة من زوجته وتسعة أولاد آخرين.

وإزاء حال مخيم النصر، تحدّث الحسين عن غياب مقوِّمات الحياة في خيمته الصغيرة بجدران من قماش مهترئ لا يقي حر الصيف ولا برد الشتاء، بالإضافة إلى عدم تمكنه في العام الجاري من شراء وسيلة تدفئة تمنع عن عائلته برد الشتاء.

هذا الوضع خطف منهم الرضيعة مريم، فمعاناة هذه العائلة بدأت منذ حوالي العام، على خلفية قصف قوات النظام ومليشياته ثم سيطرتها على القرية الواقعة شرقي حماة، مما أجبره مع الكثير من العوائل على النزوح الفوري والهروب بأرواحهم إلى مخيمات الشمال السوري في منطقة "قاح" شمالي إدلب.

نازحة سورية أمام خيمتها التي غمرتها المياه (الجزيرة نت)
نازحة سورية أمام خيمتها التي غمرتها المياه (الجزيرة نت)

ويؤكد مدير مخيم "النصر" أبو العلاء أن خيمة والد مريم -كحال معظم خيم النازحين في هذا المخيم- تفتقر إلى مقومات العيش، وهي عبارة عن جحيم آخر للنازحين في الشمال السوري، وأوضاع القاطنين فيها مزرية للغاية، وزادت موجة البرد والسيول والأمطار من هذه المعاناة.

الطفلة مريم الحسين واحدة من ثلاث حالات وفاة لأطفال رضع توفوا في مخيمات النزوح في الشمال السوري نتيجة موجة البرد القارس, مما أثار ذلك موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي.

ودقت حالات وفاة هؤلاء الأطفال جرس الإنذار للمنظمات المحلية والحكومة السورية المؤقتة وعدد آخر من الهيئات والمؤسسات المدنية والمنظمات التركية والعالمية العاملة في الشمال السوري، وعقدت ظهر اليوم الأربعاء في مدينة إعزاز السورية اجتماعا لتقييم الوضع ومحاولة التدارك. 

أطفال النازحين بين البرد والوحل في مخيمات شمالي سوريا (الجزيرة نت)
أطفال النازحين بين البرد والوحل في مخيمات شمالي سوريا (الجزيرة نت)

تقول نيفين حوتري مديرة وحدة "دعم وتمكين المرأة" (منظمة محلية) والمشاركة في اجتماع حملة التضامن مع أهل المخيمات، إن الاجتماع طرح عددا من الحلول العاجلة لمساعدة مخيمات النازحين في الشمال السوري، كالاستفادة من أراضي الملك العام وضرورة خلق جو من التكافل بين السوريين أنفسهم للوصول إلى حل من الداخل والتركيز على المخيمات العشوائية.

وتضيف حوتري أن الاجتماع أكد على حق المهجرين في العودة إلى منازلهم بعد إيجاد حل سياسي، وتشكيل لجنة متابعة لشؤون المخيمات، وإطلاق حملة تكافل شعبي وإنشاء لجنة مركزية للتبرعات، وتخصيص صندوق إنساني، ونقل المخيمات العشوائية والقائمة على الأملاك الخاصة إلى أملاك عامة.

المصدر : الجزيرة