انفراجة للطلاب اليمنيين بعُمان بعد فرض رسوم دراسية

أحد الطلاب اليمنيين بعمان.الجزيرة
السلطات العمانية كانت قد فرضت رسوما تبلغ أكثر من 500 دولار على الطلاب الأجانب في المدارس الحكومية (الجزيرة نت)

مازن المحفوظي-مسقط

لم يكن يتوقع عبد الوهاب الجعفري يوما أن يصل به الحال إلى التفكير بمنع أولاده الستة من الذهاب إلى المدرسة، عندما بلغه قرار بفرض رسوم دراسية على أولاده، لكن هذا القرار سرعان ما وجد انفراجة بعد أن أعلنت سلطنة عمان إعفاء اليمنيين المقيمين على أراضيها من الرسوم ومعاملتهم معاملة أشقائهم العمانيين، وذلك في لقاء جمع السفير اليمني لدى السلطنة بوزيرة التربية والتعليم العمانية مديحة الشيبانية في مسقط.

يعيش الجعفري مع أفراد عائلته التسعة في الجنوب العماني بعد أن دفعتهم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في اليمن إلى الهجرة قبل خمسة أعوام. لم يتوقع الجعفري وآلاف اليمنيين هذا القرار، فكان مفاجأة وكأنها هدية السماء قد نزلت، يقول الجعفري بصوت مليء بالسعادة "لم أصدق هذا، أحسست بسعادة غامرة ملأت قلبي وعائلتي"، مقدرا للسلطنة جهودها الأخوية المستمرة تجاه اليمن.

وكانت سلطنة عمان قد أقرت لأول مرة مطلع العام الفائت فرض رسوم دراسية على الأجانب الذين يدرسون في المدارس الحكومية وسمتها "رسوم خدمات"، وتبلغ رسوم التسجيل نحو 130 دولار، أما بدل خدمات الطلبة فيبلغ نحو 389 دولارا.

جهود مستمرة
ولم يكن هذا الموقف الأول الذي تقدمه سلطنة عمان تجاه اليمن، بل سبقته جهود إنسانية كبيرة لتخفيف الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب اليمني نتيجة الحرب، حيث فتحت حدودها لعبور آلاف اليمنيين من مختلف التيارات والأحزاب والمذاهب عبر منافذها البرية والجوية، واستقبلت العديد من الجرحى للعلاج في مستشفياتها دون تفريق بينهم، فضلا عن توفير الاحتياجات الإنسانية والضرورية للمحتاجين في اليمن.

ويصف محمد بن حسن عوض -أحد اليمنيين المقيمين- جهود السلطنة بكلمات امتنان "لن تجد أي دولة تفعل ما فعلته عمان، نحن اليمنيين ندين للسلطنة وسلطانها بالكثير، فكانوا خير سند وملاذا آمنا لنا".

محمد الذي يعمل بأحد المطاعم اليمنية بالسلطنة يقول إنه لم يشعر بالغربة بين أشقائه العمانيين(الجزيرة نت)
محمد الذي يعمل بأحد المطاعم اليمنية بالسلطنة يقول إنه لم يشعر بالغربة بين أشقائه العمانيين(الجزيرة نت)

ويعمل محمد رفقة زملائه اليمنيين في مطعم للمأكولات اليمنية بمسقط، ويذكر أنه طيلة مدة عملهم في السلطنة لم يحسوا بالغربة لما وجدوه من حسن المعيشة وطيب الحياة مع أشقائهم العمانيين.

وتعزيزا للجهود التي تبذلها السلطنة تجاه اليمن، دعا وزير خارجتيها يوسف بن علوي في سبتمبر/أيلول الماضي الأمم المتحدة إلى تكثيف الجهود لمساعدة اليمنيين، وأن يتبنى المجتمع الدولي مشروعا إنسانيا يتيح وصول المساعدات الإغاثية الإنسانية للشعب اليمني في مختلف المحافظات، وتسهيل استخدام المطارات والموانئ.

وقد أكد بن علوي في كلمته أمام الأمم المتحدة أن التسهيلات والمساعدات الإنسانية من السلطنة للشعب اليمني مستمرة، وأن المنافذ البرية والبحرية والجوية بين السلطنة واليمن ستكون مفتوحة، وذلك من منطلق الأخوة وحسن الجوار وما يربط الشعبين من أواصر اجتماعية وتاريخية عميقة.

دبلوماسية السلام
وعرف عن سلطنة عمان دبلوماسيتها السلمية والمحايدة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، فهي لم تشارك في الحرب الدائرة في اليمن بقيادة التحالف السعودي الإماراتي، بل سعت جاهدة لإنهاء النزاع ورأب الصدع بين الأطراف المتنازعة فيها، "لا نريد أن يسجل التاريخ أن عمان اعتدت على اليمن، فهناك مشاعر قوية جياشة لدى العمانيين تجاه اليمن"، هذا ما عبر عنه وزير الخارجية لإذاعة "الوصال" المحلية.

واستضافت عمان العديد من اللقاءات المشتركة بين الأطراف المتنازعة بمسقط، في محاولة لتسوية الأزمة سلميا، كان أولها في أغسطس/آب 2015 بعد فشل مؤتمر جنيف، حيث وصف ذلك اللقاء بالإيجابي، وتوالت اللقاءات بعدها بمشاركة أممية ودولية.

المصدر : الجزيرة