لاجئ في بريطانيا.. قسوة الانتظار بأرض الأحلام المؤجلة

صورة حسن ابو ماهر المصدر - منظمة ريفجي أكشن
الفلسطيني حسن أبو ماهر يعيش ببريطانيا في حالة انتظار منذ 11 عاما (منظمة ريفيوجي أكشن)

طارق اللبان-لندن

أحد عشر عاما من الانتظار قضاها الفلسطيني حسن أبو ماهر في بريطانيا خلال رحلة بحث عن حق الحماية واللجوء. حسن الذي عاش سنوات حياته الأولى في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، دخل بريطانيا عام 2007 بصحبة ابنيه ماهر وباسم وهو في الأربعينيات من عمره، في رحلة مرت السنوات خلالها ببطء ولا يزال الانتظار عنوانها الرئيسي.

استطاع الولدان الالتحاق بالمدارس البريطانية بسهولة عقب دخولهم البلاد، لكن طلب اللجوء الذي قدمته الأسرة ذهب طي النسيان.

يتذكر حسن قائلا "لقد أجريت مقابلة في ديسمبر/كانون الأول 2007.. عندما وصلت اعتذر الموظفون عن إكمال المقابلة بسبب تعذر وجود مترجم"، ليظل حسن منتظرًا استكمال مقابلته التي تعد أحد الأركان الأساسية في إجراءات طلب اللجوء، لكن انتظاره دام سبع سنوات دون نتيجة.

ظروف قاسية
سنوات قضتها الأسرة تعيش على الدعم المقدم لطالبي اللجوء. يقول حسن "كنت أنفق كل دعم الأسرة على الغذاء فقط، وإذا احتاج أطفالي شراء ملابس كان علينا وضع خطة لذلك".

الفقر لم يكن المشكلة الوحيدة، فخلال سنوات الانتظار أصيب ماهر الابن الأكبر لحسن بمرض السرطان، لتدخل الأسرة دوامة أخرى من المعاناة تركت أثرها على أخيه باسم الذي عانى من مرض الاكتئاب.

وبعد صبر السنوات السبع فوجئت الأسرة برفض وزارة الداخلية طلب اللجوء، رفض تبعه قرار بطردهم من السكن المخصص لهم، دون مراعاة لحالتهم الحرجة. يقول حسن "كان لدي طفلان مريضان، ووزارة الداخلية قررت طردنا.. ليس إنسانًا من اتخذ هذا القرار".

بعض طالبي اللجوء في المملكة المتحدة مضطرون للانتظار فترات طويلة إلى حين الفصل في طلباتهم (مواقع التواصل)
بعض طالبي اللجوء في المملكة المتحدة مضطرون للانتظار فترات طويلة إلى حين الفصل في طلباتهم (مواقع التواصل)

منظمات حقوقية تتدخل
منظمات حقوقية بريطانية اعتبرت قرار الرفض غير قانوني بسبب عدم اكتمال كافة إجراءات طلب اللجوء، ودعت إلى تقديم مساعدة عاجلة للأسرة. كما قدمت بعض تلك المنظمات مساعدة قانونية لوقف قرار الطرد.

ونجح الضغط الحقوقي في إنهاء أزمة المأوى للأسرة من خلال موافقة وزارة الداخلية على إعادة النظر في القضية، لتدخل الأسرة مجددًا في طوابير الانتظار.

حالة حسن لم تكن الأسوأ بين ما كشفته صحيفة "الغارديان" البريطانية حول الوقت الطويل الذي تستغرقه وزارة الداخلية في عدد من الحالات لاتخاذ قرار أولي بشأن طلب اللجوء، حيث كشفت الصحيفة أن أربعة من طالبي اللجوء انتظروا رد الوزارة أكثر من 20 عامًا، في حين ضمت قائمة أخرى 17 شخصاً كان نصيبهم من الانتظار 15 عامًا. وكانت أسوأ حالة رصدتها الصحيفة لشخص طال انتظاره لأكثر من 26 عامًا كاملة.

تصريحات رسمية
وزارة الداخلية البريطانية أكدت في تصريحات رسمية أن موظفيها حريصون على الرد على طلبات اللجوء خلال فترة ستة أشهر في معظم القضايا، لكن المتحدث باسم الوزارة أكد أن بعض القضايا التي وصفها بالمعقدة قد تتأخر لأكثر من عام.

المحامي المتخصص في قضايا اللجوء ماكسويل براي أكد للجزيرة نت أن وزارة الداخلية غير ملزمة بالرد على طلبات اللجوء خلال مدة زمنية محددة، ونظراً لكثرة عدد طالبي اللجوء في المملكة المتحدة فإن الوزارة قد تؤجل عددا كبيرا من القضايا لفترات زمنية غير محددة، مما يعني أن فترة الانتظار قد تطول دون سقف زمني محدد.

لاجئون سوريون في مدينة غلاسكو بأسكتلندا (مواقع التواصل)
لاجئون سوريون في مدينة غلاسكو بأسكتلندا (مواقع التواصل)

تقديرات سنوية
وتشير تقديرات وزارة الداخلية إلى أن طلبات اللجوء في المملكة المتحدة بلغت في الفترة بين يونيو/حزيران 2017 ويونيو/حزيران 2018 قرابة 27 ألف طلب، كان نصيب منطقة الشرق الأوسط منها قرابة ستة آلاف. ويوزع اللاجئون على كافة المدن في المملكة المتحدة، بينما تعتبر أسكتلندا أكثر البلدان استقبالا للاجئين، خاصة السوريين منهم.

كما أظهرت الإحصاءات الرسمية أن 37% من طالبي اللجوء الذين رفضت الوزارة طلباتهم نجحوا في الحصول على حق اللجوء من خلال عملية الاستئناف في المحكمة، الأمر الذي دفع مجلس دعم اللاجئين في بريطانيا إلى اتهام الوزارة بالتعسف والرفض غير المبرر لطلبات اللجوء.

تشديد عقب البريكست
وبينما تنتظر المملكة المتحدة خروجاً مرتقباً من الاتحاد الأوروبي، ينظر طالبو اللجوء بعين الارتياب إلى ما يمكن أن يحمله ذلك الخروج من مصاعب جديدة لهم، حيث يُتوقع أن تشدد المملكة المتحدة من إجراءات الهجرة وقوانين اللجوء عقب البريكست، كما أن تصاعد اليمين المعادي للهجرة قد يعني مزيداً من الممارسات العنصرية تجاههم.

المصدر : الجزيرة