لماذا رفض الكنيست مناقشة بيع منظومات تجسس للسعودية؟

Israeli lawmakers attend a vote on a bill at the Knesset, the Israeli parliament, in Jerusalem February 6, 2017. REUTERS/Ammar Awad
الكنيست رفض مقترحا لمناقشة ما أثير حول بيع شركة إسرائيلية منظومة تجسس للرياض (رويترز-أرشيف)

محمد وتد-القدس

عكس قرار الكنيست رفض مناقشة ما كشفت عنه صحيفة واشنطن بوست الأميركية بأن حكومة بنيامين نتنياهو سمحت لشركة تجسس إلكتروني إسرائيلية "أن أو أس" بيع منظوماتها للسعودية، عمق العلاقات السياسية والاستخباراتية الخفية ما بين تل أبيب والرياض.

ورفضت رئاسة الكنيست هذا الأسبوع مقترحا لرئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة، إدراج طلب على جدول أعمال البرلمان لمناقشة ما أثير حول صفقة أسلحة بموجبها باعت الشركة الإسرائيلية "أن أو أس" منظومة تجسس إلكتروني للرياض التي استخدمتها في تعقب معارضين سياسيين واختراق هواتفهم الخليوية، ومنهم الصحفي جمال خاشقجي الذي اغتيل في قنصلية بلاده بإسطنبول.

وبحسب تقارير إسرائيلية، فقد شكل عام 2015 ومع تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مهامه، محطة فارقة في العلاقات الاستخباراتية بين الرياض وتل أبيب، وذلك عبر اتصالات مع مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي السعودي، الذي يشرف عليه سعود القحطاني، حيث أفضت هذه الاتصالات إلى اقتناء الرياض تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية "بيغاسوس".

وكشف المحلل الاقتصادي لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية "ذي ماركر" قبل أيام النقاب عن اتصال لرجل أعمال أجنبي، كان بالإمارات، برئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، خلال العام 2015، وقدم نفسه كوسيط يتحدث باسم محمد بن سلمان بغية إبرام صفقة وبيع أجهزة تجسس إلكترونية لشركات إسرائيلية للسعودية.

وحيال توالي النشر في وسائل الإعلام عن تزويد تل أبيب الرياض بمنظومات تجسس إلكترونية، وفي ظل الموقف الرافض لمناقشة القضية في الكنيست، يعكف النائب عودة على تقديم استئناف لرئاسة الكنسيت للموافقة على طلبه، وفي حال رفض ثانية سيلتمس للمحكمة العليا الإسرائيلية لحسم الموقف.

‪النائب أيمن عودة: العلاقات الاستخباراتية ومنظومات التجسس الإلكترونية تمهد لصفقة القرن‬ (الجزيرة نت)
‪النائب أيمن عودة: العلاقات الاستخباراتية ومنظومات التجسس الإلكترونية تمهد لصفقة القرن‬ (الجزيرة نت)

إماطة اللثام
وتعقيبا على ذلك، قال النائب عودة إن "الكنيست الإسرائيلي بموقفه هذا غير معني بالكشف عن علاقات إسرائيل والسعودية، فالبرلمان للحديث وطرح ومناقشة المواقف وإطلاع الجمهور على الحقائق وليس للتكتم ليكون على مقاس حكومة نتنياهو، فالقضية أعمق من تنسيق أمني وسياسي بين البلدين".

وشدد عودة في حديثه للجزيرة نت على حق الجمهور والرأي العام بمعرفة كواليس هذه العلاقات، مضيفا أن رفض الكنيست لطلبه بأمر أمني يشير إلى ضلوع الحكومة الإسرائيلية في قضية خاشقجي، لمجرد موافقتها على بيع منظومة التجسس الإسرائيلية التي استخدمتها السعودية أيضا في الحرب على اليمن.

وأوضح بأنه لولا وجود ما تخفيه الحكومة الإسرائيلية لم تكن رئاسة الكنيست لترفض الطلب وتمنع مناقشة قضية بيع تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية للسعودية، لافتا إلى أنهم "وجدوا مؤشرات على تعزيز العلاقات ما بين الحكومة الإسرائيلية اليمنية والنظام السعودي، مبينا أن العلاقات بين البلدين خرجت للعلن عبر الأسلحة وبيع برامج تكنولوجيا التجسس والتنسيق بين البلدين على مستوى إقليمي".

دور خطير
وعن دوافعه لتقديم مثل هذا الطلب لرئاسة الكنيست يقول عودة "واجبنا تجاه الشعوب العربية أن يعرفوا حقيقة التنسيق السعودي الإسرائيلي، خاصة أن العلاقة ما بين آل سعود والحركة الصهيونية بدأت قبل ثلاثة عقود من نكبة فلسطين، وفي هذه المرحلة السعودية تقوم بدور خطير للغاية باستغلال ظروف وقضايا إقليمية على حساب القضية الفلسطينية".

وعبر عن اعتقاده أن العلاقات الاستخباراتية وصفقات الأسلحة ومنظومات التجسس الإلكترونية تمهد لـ"صفقة القرن"، مؤكدا أن الواجب الوطني والأخلاقي يحتم على القيادات العربية والفلسطينية توحيدا في الداخل للتصدي لذلك وإحباط مشروع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفائه في الشرق الأوسط لتصفية القضية الفلسطينية وكذلك ضرب اليمن وسوريا.

وأكد عودة أن الشعوب العربية ومن ضمنهم الشعب السعودي الذين لهم انتماء وطني وقومي لقضايا الأمة والقضية الفلسطينية، لا يمكنهم القبول بأي مشروع، ولن يسمحوا بتمرير "صفقة القرن" ولا حتى لمشروع التطبيع على حساب القضية الفلسطينية.

‪أنطوان شلحت: موضوع العلاقات مع السعودية يبدو محسوما بالنسبة لإسرائيل وكذلك للرياض‬ (الجزيرة نت)
‪أنطوان شلحت: موضوع العلاقات مع السعودية يبدو محسوما بالنسبة لإسرائيل وكذلك للرياض‬ (الجزيرة نت)

ما خفي أعظم
من جانبه، يرى الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن قرار الكنيست هذا يدل على أمور واتجاهات عدة، أبرزها أن موضوع العلاقات مع السعودية يبدو محسوما بالنسبة لتل أبيب وكذلك للرياض، بينما الاتجاه الآخر هو التوافق على أن الموضوع يجب ألا يطرح للتداول العام ليستمر بظل التعتيم العام، حيث لن يسمح لأي طرف وضعه على جدول الأعمال للنقاش.

ويجزم شلحت في حديثه للجزيرة نت بأن تصريحات نتنياهو حول عمق العلاقات ما بين تل أبيب والدول العربية التي يصفها بـ"المعتدلة"، وعلى رأسها السعودية، تؤكد وتعزز عمق العلاقات الإستراتيجية على كافة الأصعدة بين إسرائيل والسعودية.

ووفقا للباحث فإن العلاقات بين إسرائيل والسعودية تسير إلى آفاق بعيدة المدى، لكن بسبب بعض الإكراهات لن تخرج العلاقات وطبيعتها في هذه المرحلة للعلن المطلق، لافتا إلى أن رفض مناقشة قضية من هذا القبيل في الكنيست الذي أضحى ذراعا ضاربة للحكومة بدلا من مراقبتها، يؤكد المصطلح الذي لطالما يستعمله نتنياهو في العلاقات مع دول عربية وإسلامية وهو "المخفي أعظم".

المصدر : الجزيرة