خطاب حاسم لماكرون.. هل يرقى لتطلعات السترات الصفراء؟

وقبيل ساعات من الخطاب المرتقب، التقى ماكرون صباح الاثنين في قصر الإليزيه بممثلي النقابات العمالية وأرباب الشركات، إضافة إلى قوى من المجتمع المدني، الذين جاؤوا لنقل مطالب المحتجين بعدما رفض ممثلو السترات الصفراء تلبية الدعوة.

وكانت قيادات في الحزب الحاكم بينها وزير الخارجية جان إيف لودريان -الذي يعتبر ضمن الدائرة الضيقة للرئيس ماكرون- قد اقترحت أمس الأحد على رئيس الجمهورية الإعلان عن "عقد اجتماعي جديد" مع الشعب الفرنسي. وأضاف لودريان "أعتقد أن الرئيس سيتخذ إجراءات قوية وعاجلة لكي يكون لها أثر فوري على المواطن الفرنسي".

 وعقب لقائه بعدد من المنتخبين المحليين في قصر الإليزيه قبل يومين، اعترف ماكرون بدفع المواطن الفرنسي الكثير من الضرائب، وبارتكاب الحكومة العديد من الأخطاء من خلال تمريرها عددا من القوانين غير الضرورية.

رحيل الحكومة
ويبدو أنه لا مناص للرئيس -الذي هوت شعبيته إلى مستوى قياسي- من تقديم تنازلات اقتصادية على شكل إجراءات عاجلة لتهدئة الشارع، ووضع حد لهذه الأزمة غير المسبوقة التي تعصف بالبلاد والتي باتت تهدد ولايته وشرعيته رئيسا منتخبا بعدما توالت المطالب سياسيا وشعبيا باستقالته وبرحيل حكومته.

في هذا السياق، اعتبرت ليلى الشايبي القيادية في حزب اليسار الراديكالي الذي يقوده جان لوك ميلونشون، أن الإجراء الوحيد الذي يجب على ماكرون اتخاذه هو حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وأضافت الشايبي للجزيرة نت أن الشعب الفرنسي لن يقبل بإجراءات على شكل مساحيق تجميلية لا تغني ولا تسمن من جوع، حسب وصفها.

بدوره، استهجن عضو مجلس الشيوخ الفرنسي والقيادي في الحزب الاشتراكي رشيد تمال دعوة وزيرة العمل الفرنسية الأحد الشركات الفرنسية إلى رفع معاشات ورواتب الموظفين والعمال الذين يعانون في صمت ولا يستطيعون توفير حياة كريمة لأولادهم رغم أن بعضهم يشتغل ساعات طوال كل يوم.

وقال تمال إن الحكومة يتملكها الخوف من عصيان مدني وبالتالي ترغب في تهدئة الشارع من خلال هذا النوع من التصريحات.

العدالة الاجتماعية
واعتبر أن الحل الوحيد لوقف الاحتجاجات يكمن في إعلان الرئيس ماكرون عن سياسة جديدة، تتمثل في  تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية عبر رفع الأجور لذوي الدخل المحدود، وإعادة فرض "ضريبة الثروة" على الطبقات الميسورة، وتخفيض مزيد من الضرائب بالنسبة للطبقات الفقيرة والمتوسطة، إضافة إلى قطع الرئيس ماكرون مع سياسة اقتصادية ليبرالية لا يستفيد منها إلا الأغنياء.

وعما إذا كان الرئيس مستعدا للتخلي عن رئيس الحكومة والتضحية به من أجل تهدئة الشارع، استبعد هذه الخطوة، أوضح أن إقالة إدوار فيليب لن يكون لها كبير الأثر على حركة السترات الصفراء إذا لم تتبعها إجراءات عملية تهدف إلى رفع القدرة الشرائية لملايين المواطنين الذين خرجوا منذ شهر في مظاهرات واحتجاجات.

 بلفلاح: ستضطر الحكومة لإيجاد موارد مالية جديدة للتعويض عن الكلفة التي ستترتب عن الإجراءات الجديدة (الجزيرة)
 بلفلاح: ستضطر الحكومة لإيجاد موارد مالية جديدة للتعويض عن الكلفة التي ستترتب عن الإجراءات الجديدة (الجزيرة)

 

إجراءات مكلفة
ويرى خبراء الاقتصاد أن سلسلة الإجراءات التي سيعلن عنها الرئيس ماكرون ستكلف الدولة عدة مليارات يورو من خزينة الدولة، الأمر الذي سيعمّق الدين العام.

وأوضح الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في فرنسا يونس بلفلاح أن الحكومة ستضطر لإيجاد موارد مالية جديدة للتعويض عن الكلفة التي ستترتب عن الإجراءات التي سيعلن عنها الرئيس ماكرون، وذلك من خلال فرض ضرائب على الشركات الكبرى، خصوصا الشركات العابرة للقوميات التي تستفيد من السوق الفرنسي والأوروبي مثل غوغل وآبل وفيسبوك وستاربكس وماكدونالدز.

وللخروج من الأزمة سيتعين على الحكومة -بحسب بلفلاح- إقامة برنامج إنقاذ وطني من خلاله تتم إقامة عدالة جبائية وجغرافية بين المراكز والجهات، وخفض بعض الضرائب على الفئات الهشة، وإعادة فرض "ضريبة الثورة" على الأغنياء في صيغة جديدة قد تشمل ضريبة على الممتلكات العقارية.

المصدر : الجزيرة