تستهوي عشاقها في المناسبات المختلفة.. "الدحة" الشعبية بالسعودية تراث ثقافي يأبى النسيان

الدحّة موروث شعبي في شمال السعودية تؤديه فرق متميزة يتراوح عدد أفرادها بين 20 و40 شخصا

تستخدم الدحة في كافة المناسبات الشعبية والوطنية (وكالة الأنباء السعودية)
رقصات "الدحة" تؤدى في المناسبات الشعبية والوطنية السعودية (وكالة الأنباء السعودية)

رغم اختلاف المتخصصين حول متى بدأت رقصة "الدحّة" الشعبية في السعودية، فإن ذلك التراث الشعبي لا يزال صامدا رغم مرور مئات السنين، خاصة في المناطق الشمالية في المملكة.

واسم "الدحّة" مأخوذ من صوت "الدّح" الصادر من الأشخاص والمتمثل في الصياح والتصفيق، وتنتشر الرقصة في الحدود الشمالية بالسعودية على وجه الخصوص، وتؤدى في المناسبات الاجتماعية والوطنية، وهي من الفنون الأدائية المكونة للثقافة الشعبية السعودية.

وتعد "الدحة" قديما من رقصات الحرب التي تتغنى بالبطولات وتمتاز بإيقاعاتها التي تبث الحماس، وتهدف إلى بث الرعب في قلوب الأعداء أو الاحتفال بالنصر بعد المعركة، وهي عبارة عن أهازيج وأصوات تشبه إلى حد كبير زئير الأسود أو هدير الجمال، ويشارك في أدائها الشباب وكبار السن بشكل جماعي.

الدحة تنتشر في مناطق شمال المملكة (وكالة الأنباء السعودية)
الدحّة تنتشر في مناطق شمال السعودية (وكالة الأنباء السعودية)

طريقة الأداء

يصطف الراقصون في "الدحة" صفا واحدا أو صفين متقابلين، ويغني الشاعر الموجود في منتصف أحد الصفين قصيدته المغناة، فيردد الصفان بالتناوب بيت الشعر بعده، وتتنوع معانيه بين المدح والفخر والغزل.

تأتي حركة "الدحّة" في نهاية الإنشاد الشعري، عن طريق قيام "الحاشي" أو "المحوشي" -أمام الصف أو بين الصفين- برقصة، سواء بالسيف أو العصا، مع ارتداء البشت، يلاعبه عادة شخص آخر، وتقوم الصفوف بالتصفيق بشكل إيقاعي حركي حماسي متناسق في أداء الصوت والحركة.

كما يطلق على الدحّة -في التراث الشعبي- اسم " أنفاس الفرسان" لأهمية التوفيق بين الحركة والنفس، كما أن لها حضورا فاعلا في كل المهرجانات الوطنية.

وأوضح مدير جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الحدود الشمالية بالسعودية، خلف القاران، أن "الدحّة موروث شمالي تؤديه فرق متميزة يتراوح عدد أفرادها بين 20 و40″، مشيرا إلى أن قسم الموروث بالجمعية يقوم باستقطاب الشباب من الجيل الجديد، لتدريبهم والاستفادة من المتميزين منهم في إحياء هذا اللون الجميل.

اختلاف حول النشأة

واختلف المختصون بشأن تاريخ ظهور هذا التراث الشعبي، فهناك من ربط هذه الرقصة بانتصار العرب على الفرس في معركة "ذي قار"، معتبرين أن "الدحة" بدأت منذ هذه المعركة، بينما يرى آخرون أن نشأتها تعود إلى قصة متداولة مفادها أن قافلة من قوافل الحجاج كان أهلها قلة وشعروا بلصوص يراقبونهم ليلا فأوجسوا منهم خيفة، واتفقوا أن يقوموا بالتصفيق ويصدروا أصواتا كهدير الجمال لإيهام اللصوص أنهم كثيرون فيخشونهم، وفعلا نجحوا في طردهم بهذه الطريقة، ومن ثم انتشرت "الدحة" وأصبحت رقصة شعبية.

ويرى عبد الله بن عبار، الباحث في التاريخ، أن ربط رقصة الدحّة بمعركة ذي قار رواية لم تثبت صحتها، وانتشرت في هذا العصر ورسخت في أذهان العوام، وهي "لا علاقة لها بالمعركة بتاتا".

وأضاف أن "الدحّة مجرد لعبة ليس لها أي تاريخ، وهي مثل القلطة والعرضة والدبكة، وليست مقتصرة على قبيلة معينة، بل تلعبها جميع قبائل الشمال وكذا في الأردن وفلسطين".

وأوضح ابن عبار أن معركة ذي قار شاركت فيها قبيلتان من ربيعة، وهما بكر بن وائل وعنزة بن أسد، و"ذلك بعد أن هاجمهم كسرى وقاتلوه وهزموا جيشه وانتصروا عليه، ليس برقصة الدحّة بل بالسيوف والرماح وعزائم الرجال وشجاعتهم".

المصدر : الجزيرة