كلمة "ألمان" أطلقها العمال الأتراك تندرا بالسلوك الصارم للشعب الألماني

كلمة "ألمان"صكها العمال الأتراك تندرا بالسلوك الصارم للشعب الألماني المصدر: dpa
من المعروف أن الشعب الألماني يتسم بالدقة البالغة ويثير ضجة إذا لم يصل أحد في الموعد المحدد (الألمانية)

إذا ذكرت كلمة "ألمان" (Alman) يتبادر إلى ذهن كل شخص على الفور أنهم قوم يتسمون بالدقة البالغة، ويثيرون ضجة إذا لم يصل أحد في الموعد المحدد، ويرتدون الجوارب مع الصنادل، وهي صفات شاعت عن الشعب الألماني.

وهذا ما تتضمنه كلمة "ألمان" من إيحاءات على أي حال، وأصبح العالم أيضا يعلم ذلك جيدا، وذلك بفضل التدوينات ورسائل الوسوم على المنصات الرقمية، والتي تسخر من أولئك القوم المتشددين المتمسكين بالأصول سواء في ارتداء الجوارب، أو الالتزام الصارم بالمواعيد.

وكلمة "ألمان" الشائعة في ألمانيا تركية الأصل، وهذا يقودنا إلى قصة أخرى لا تتعلق بالجوارب، وإنما بالتطورات المجتمعية والهوية. فالأتراك يمثلون أكبر مجموعة مهاجرة في ألمانيا، حيث يبلغ عددهم أكثر من 7 ملايين نسمة، وجاء الكثير منهم كـ "عمال ضيوف" خلال فترة الستينيات من القرن العشرين، نظرا لاحتياجات الشركات الألمانية للعمالة.

ومع ذلك فإن الوظائف ضئيلة الأجور، والمشاعر المعادية للمهاجرين في ألمانيا تعني أن الكثير منهم كانوا مهمشين، حيث وصف عدد من علماء الاجتماع ظاهرة وجود مجتمع مواز يعززه التمييز.

ما معنى كلمة ألمان؟

ويوضح جيهان سنان أوغلو الباحث في شؤون العنصرية، بالمركز الألماني لدراسات الاندماج والهجرة ببرلين، أنه في اللغة التركية تستخدم كلمة "ألمان" غالبا بشكل ساخر، لتصف الأشخاص الذين يعتبرون بشكل خاص منضبطين وصارمين في الالتزام بالمواعيد واللوائح، ومفرطين في التدقيق ومثيرين للملل، وهي صفات تعد "ألمانية" بما تحمله كل هذه الكلمة من معان في الحياة اليومية.

ويقول الباحث إنه بالإضافة إلى هذا الاستخدام الفكاهي للكلمة، فإن لها بعدا آخر.

ويضيف "استخدام هذا المصطلح يعد أيضا نوعا من التمكين الذاتي، بالنسبة للشباب المهاجر، فهم عن طريق استخدامه يعكسون عملية إضفاء نفس هذه الصفات عليهم، وإلا فإنهم سيوصفون بأنهم يشاركون الألمان في صفات معينة بدون تفرقة بينهم".

ومنذ ذلك الحين انتشر استخدام كلمة "ألمان" لتتجاوز الأشخاص الذين يعتبرون مهاجرين في ألمانيا، وليصبح كل شخص يتحدث عن "الألمان" يعني هذه الكلمة بكل ما تحمله من إيحاءات، بحسب تقرير نشرته "الألمانية".

فهناك الممثل الكوميدي فيل لاوده، الذي خصص أغنية كاملة للألمان عام 2019، وقد عبرت كلمات أغنيته عن حبه للالتزام بمواعيد تناول الوجبات، وكراهيته لتأخر القطارات عن مواعيدها.

بل إن هذا المصطلح وصل إلى متاجر السوبرماركت، فمثلا طرحت العلامة التجارية آكسي لمستحضرات العناية الشخصية ابتكارا جديدا لرذاذ إزالة رائحة العرق، وكذلك صناعة صابون سائل للاستحمام، أطلقت عليهما اسم "طريقة ألمان المنعشة" وصاحب المنتج إعلان للدعاية يقول "هل تحب أن تقرأ الحروف متناهية الصغر في النشرة التوضيحية المرفقة مع المنتج، ثم تظل هادئ الأعصاب ومنتعشا؟ هذا المنتج هو العطر المنعش الخاص بك الذي سيجعلك مسترخيا".

كلمة "ألمان"صكها العمال الأتراك تندرا بالسلوك الصارم للشعب الألماني المصدر: dpa
إذا ذكر أحد كلمة "ألمان" يتبادر للذهن على الفور أن الألمان يرتدون الجوارب مع الصنادل (الألمانية)

كلمة "ألمان" في الثقافة الشعبية الألمانية

ويرحب سنان أوغلو بحقيقة أن الجميع تقبل كلمة "ألمان" التي ترسخت الآن في الثقافة الشعبية الألمانية.

ويقول "المصطلح يستخدم بطريقة تتسم بالدعابة، وهذا يؤدي إلى تخفيف حدة المناقشات الحادة الخاصة بالهوية". غير أن البعض يجد أن المصطلح مستهجن ويتسم بالتمييز، وشكا أحد مستخدمي تويتر أن صابون الاستحمام السائل الذي طرح مؤخرا بالأسواق تفوح منه العنصرية، ونشر الشخص صورة منتج آكسي المطروح في السوبرماركت.

ويرفض سنان أوغلو هذا المنطق، ويعلق قائلا "هذا المنتج لا علاقة له بالعنصرية، فلا يوجد على الإطلاق شخص يوصف بأنه ألمان تكون فرصه أكثر سوءا في سوق العمل أو الإسكان بسبب هذه الصفة، ولكن العنصرية يكون لها هيكل اجتماعي يقوم على التمييز".

ويضيف "قد يشعر البعض بأن هذا المصطلح موجه إليهم وبأنه جارح، ولكنني أدعو إلى أخذه بالقليل من الهدوء وحس الفكاهة".

ومن ناحية أخرى، يلاحظ أن كلمة "ألمان" لم تدرج بعد في قاموس دودن، وهو المصدر الرئيسي في ألمانيا لجميع التعريفات، على الرغم من أن عملية إدخالها في القاموس قائمة.

"ألمان" لشرح معنى كلمة الحب

وبينما لا يوجد بقاموس دودن بعد أية إشارة تساعد على البحث عن كلمة "ألمان" فإن هذا القاموس ذاته استخدم الكلمة في تغريدة على تويتر لشرح معنى كلمة الحب.

المصدر : الألمانية + وكالة الأنباء الألمانية