احتفالات متعددة.. هكذا يحتفي الإيرانيون بعيد الفطر السعيد

الإيرانيون يحتفلون خلال أول أيام العيد في مركز تسوق بطهران (غيتي)

طهران- بعد أن قضى شهرا كاملا في ضيافة الله، يعيش المجتمع الإيراني أيام عيد الفطر المبارك أجواء مفعمة بالبهجة والسرور؛ فبعيد الإعلان عن تحري هلال شهر شوال تزدحم شوارع العاصمة طهران ويقصد الصائمون محال الحلويات والمعجنات احتفالا بالعيد.

ورغم أن جائحة كورونا عكّرت صفو أجواء احتفال الصائمين خلال العامين الماضيين، فإن تراجع حدة الوباء خلال الأشهر الأخيرة منح الإيرانيين أجواء أفضل للاحتفال بالعيد هذا العام.

صلاة عيد الفطر في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران (الجزيرة)

وصبيحة عيد الفطر المبارك احتضنت طهران أكبر تجمع في إيران، حيث أقيمت صلاة عيد الفطر ترافقها أناشيد وتوزيع الحلويات وتبادل التهاني، ليتوجه المصلون بعدها إلى زيارة الأقرباء ولا سيما كبار السن منهم، في حين يتوجه بعضهم إلى زيارة قبور أقربائهم المتوفين.

قوميات وتقاليد متنوعة

وبسبب تعدد القوميات والأعراق في إيران، تختلف تقاليد وطقوس عيد الفطر المبارك من محافظة إلى أخرى على مدى العطلة الرسمية للمناسبة التي أصبحت يومين منذ عام 2011، إلا أنها في المناطق العربية تبدأ قبل أيام من الفطر المبارك وتستمر أسبوعا بعده.

شبان يحيون عيد الفطر المبارك في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران (الجزيرة)

عرب إيران

ففي مدينة الأهواز والمناطق العربية الأخرى في محافظة خوزستان الواقعة جنوب غربي البلاد، يعتبر عيد الفطر المبارك هو العيد الأكبر، ويستعدون للاحتفال به خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك؛ عبر تنظيف المنازل وتغيير أثاثها وكذلك شراء ملابس العيد والحلويات وتوفير كل ما يحتاجونه لاستقبال الضيوف.

ويخصص عرب إيران اليومين الأخيرين من رمضان المبارك لتحضير المنازل لاستقبال الضيوف، ويطلقون تسمية "أم الوُصَخ" -بالفارسية- على اليوم قبل الأخير و"أم الحَلَس" على اليوم الأخير من الشهر الفضيل؛ حيث يقومون بتنظيف البيوت وتحضيرها وتحضير أنفسهم جيدا في اليوم الذي يسبق العيد.

وبعد أن عانى عرب إيران من تضييق النظام البهلوي الذي كان قد فرض الزي واللغة الموحدين علی كافة الأعراق والقوميات في البلاد، وجدوا في الجمهورية الإسلامية التي تهتم بالمناسبات الإسلامية متنفسا لتسليط الضوء على هويتهم العربية وارتداء أزيائهم الشعبية مثل الشداشة والكوفية والعقال.

الأهوازيون يجوبون الشوارع لتبادل التهاني بعيد الفطر المبارك (الجزيرة)

احتفالات عربية صاخبة

وتشهد محال بيع الأزياء العربية في الأهواز ازديادا مطردا خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد تسجيل وزارة التراث والصناعات اليدوية الإيرانية في عام 2020 الزي العربي زيا رسميا للأهوازيين.

وبعد رؤية هلال العيد، تعلو التكبيرات عبر مكبرات الصوت في المساجد، كما أن في بعض القرى العربية يتم الإعلان عن تحري الهلال عبر إطلاق النار نحو المناطق الخالية من السكان.

وصبيحة عيد الفطر، يحرص الأهوازيون -حالهم حال المواطنين العرب الآخرين الذين يقطنون بعض الجزر الإيرانية مثل قشم وكيش- على المشاركة في صلاة العيد مرتدين الأزياء العربية.

وما إن ينتهي عرب الأهواز من صلاة العيد، يسارعون إلى أداء طقسهم التقليدي المعروف بالهوسة أو الأهزوجة التي تجمع بين إلقاء الشعر الشعبي والرقصة ذات القواعد الخاصة، ويقومون بجولات جماعية على بيوت الحارة ولا سيما منازل كبار السن وشيوخ العشائر العربية.

أهوازيون يؤدون رقصة الهوسة صبيحة عيد الفطر المبارك (الجزيرة)

البخور والقهوة العربية

"عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة" "أعاده الله عليكم بالخير والعافية" و"تقبل الله صومكم وصلاتكم"، عبارات لا تفارق شفاه الأهوازيين لدى وصولهم إلى أبواب بيوت أقربائهم التي تصبح مفتوحة أمام المعايدين وتفوح منها روائح البخور والقهوة العربية.

وتحرص بلدية الأهواز كل عام على إقامة مهرجانات واحتفالات كبرى شعریة وموسیقیة بحضور عدد من الشخصيات البارزة في مجالي الفن والأدب مساء أيام العيد.

وللمقابر في هذه المناطق، حكاية أخرى في عيد الفطر المبارك تجعلك تشعر أن العيد ليس للصائمين في هذا العام فحسب، وإنما يتقاسم الأحياء فرحة العيد مع أقربائهم المتوفين بوضع أكاليل الزهور على قبورهم وفرش موائد الحلويات بالقرب منها.

فعالية احتفالية بمناسبة عيد الفطر في مركز تسوق بالعاصمة الإيرانية (غيتي)

العيد والوحدة الإسلامية

أما في المناطق التي يقطنها السُّنة، في محافظات سيستان وبلوشستان (جنوب شرق) وخراسان الشمالية (شمال شرق) وكردستان (غرب)، يحظى عيد الفطر باهتمام بالغ يفوق عيد النيروز الذي يعتبر العيد الأكبر ورأس السنة الإيرانية.

ويتوجه المسلمون في هذه المحافظات إلى المساجد والساحات العامة لأداء صلاة العيد، وسط أجواء إيمانية ترتفع فيها تكبيرات العيد، ويعقبها تبادل التهاني وتوزيع الحلويات والمعجنات علی المصلين.

إعداد أطباق الحلويات وتزيين الموائد صبيحة عيد الفطر لبث البهجة في نفوس المعايدين ولا سيما الأطفال منهم (غيتي)

وتعكف الصائمات في هذه المناطق منذ العشر الأواخر في رمضان، على إعداد أطباق الحلويات وتزيين الموائد لعيد الفطر لبث البهجة في نفوس المعايدين ولا سيما الأطفال منهم، ولتليق بالأهل والأحباب والضيوف.

وتجسد احتفالات عيد الفطر المبارك إحدى مظاهر الوحدة الإسلامية في إيران؛ إذ إن المناسبة إلى جانب عيد الأضحى تعكس جانبا من التكاتف والتضامن بين الشيعة والسُّنة، وحرص أبناء كل منهما على تهنئة الآخر بمناسبة العيد، متمنين له الصحة والعافية والسعادة وتحقيق الأماني.

المصدر : الجزيرة