مسجد القبيب.. تعرف على قصة أحد أقدم المساجد في دولة قطر

تفاصيل بناء مسجد القبيب تكشف عن استخدام التقنيات المعمارية الشعبية التي وصلت درجة كبيرة من العلم والمعرفة

44 قبة تشكل سقف مسجد القبيب بالإضافة لقبتين أصغر حجما تغطيان سقف المحراب (الجزيرة)

الدوحة ـ بمخطط يشبه المسجد النبوي الشريف، يقف مسجد القبيب في العاصمة القطرية الدوحة شاهدا على عمارة إسلامية فريدة في الشكل والتصميم، صامدا أمام السنين ليعبر عن حقبة تأسيس الدولة.

ويعود تأسيسه هذا المسجد إلى عهد مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، ونشأته لها قصة في التاريخ القطري تروى بأن المؤسس ذهب إلى منطقة الزبارة لمحاربة إحدى القبائل نتيجة قيام بعض أفرادها بالاستيلاء على بضائع تخص رعاياه.

فطلب منهم التعويض فرفضت القبيلة، واحتمى رجالها بقلعة مرير في الزبارة، فحاصر الشيخ القلعة فترة من الزمن ثم اقتحمها، فرأى داخل القلعة مسجدا لفت انتباهه، وكان سقفه مكونا من عدة قباب.

وعندما عاد الشيخ جاسم إلى منطقة البدع بالدوحة طلب من معماري شعبي اسمه "الهميلي" أن يذهب إلى الزبارة ويشاهد مسجد قلعة مرير ويبني له مسجداً مثله، فذهب "الهميلي" وألقى نظرة على المسجد ورجع، وبنى مسجدا شبيها بمسجد قلعة مرير ويفوقه حجما بمقدار الضعف.

باحة المسجد تدل على الشكل المعماري الذي أقيم عليه المسجد (الجزيرة)
باحة مسجد القبيب تدل على الشكل المعماري الذي أقيم عليه (الجزيرة)

تكوين المسجد

ويعد مخطط هذا المسجد شبيها بمخطط المسجد النبوي، فهو مكون من بيت للصلاة مبني على 3 صفوف من الأعمدة المربعة الغليظة، يتكون منها 4 أروقة في اتجاه القبلة، بالإضافة إلى رواقين أحدهما جهة الشمال والآخر في الجهة المقابلة أي الجنوب.

أما من ناحية الشرق فهناك المئذنة وحجرة طويلة موجودة في وسطها، ومن الناحية الغربية كان هناك المحراب الذي يسمى أيضا "الخلوة" ويمكن الدخول إليه من داخل ملحق المسجد.

تفاصيل البناء تكشف عن استخدام التقنيات المعمارية الشعبية التي وصلت درجة كبيرة من العلم والمعرفة، سواء من حيث الاقتصاد في المواد والجهد، أو القدرة على التحمل والتكيف مع الطبيعة، حتى إن الرواة يذكرون أن الأمطار عندما كانت تهطل بغزارة، كانت بيوتهم الطينية تتداعى وتتساقط، فلا يجدون ملاذا واحدا في الدوحة يحميهم من المطر إلا مسجد القبيب.

وظل هذا المسجد الذي أسس عام 1878 شامخا يقاوم عوامل الطبيعة القاسية أكثر من 100 عام دون الحاجة إلى ترميمات رئيسية، وهو يحوي العديد من القصص التي تؤكد تفرده وتميزه في قطر بل وفي منطقة الخليج برمتها.

المسجد لازال يحتفظ بعمارته القديمة رغم إعادة تجديده قبل 10 أعوام (الجزيرة)
مسجد القبيب مازال يحتفظ بعمارته القديمة رغم إعادة تجديده قبل 10 أعوام (الجزيرة)

تصميم المسجد

ويعتبر بيت الصلاة الجزء الهام من المسجد، وكان يحيط به جدار من 3 جهات شمالية وغربية وجنوبية، وفي هذا الجدار من جهة الشمال توجد 4 نوافذ للتهوية والإضاءة، ومن الجهة الغربية توجد 6 نوافذ مع المحراب، أما الجهة الجنوبية فمطابقة للجهة الشمالية، والناحية الشرقية كانت مفتوحة بـ 11 قوساً على فناء المسجد، وكان السقف مبنياً بنظام القبة.

ويبلغ مجموع القباب التي كانت تشكل سقف مسجد القبيب 44 قبة، بالإضافة إلى قبتين أصغر حجما تغطيان سقف المحراب.

وقد أعيد بناء المسجد من قبل المكتب الهندسي الخاص التابع للديوان الأميري قبل 10 سنوات، وذلك وفق طرازه المعماري القديم الأول، حيث حافظ هذا المعلم التراثي الذي يفتخر به كل قطري على شكل قباب تقوم على أعمدة مضلعة تحكي جانبا من القوة والعزة.

ويروي المواطن حمد الكعبي أن مسجد القبيب يعد من أهم المساجد وأكثرها ارتباطا بقلوب الشعب القطري لارتباطه بالمؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني.

ويضيف الكعبي، الذي تجاوز عقده السادس من العمر، للجزيرة نت، أنه يحرص منذ قرابة 30 عاما على القدوم إلى المسجد للصلاة لأنها يشعر براحة نفسية وخشوع كبير، خاصة في ظل العمارة الشعبية القديمة التي يتميز بها المسجد والتي تعبر عن المرحلة المتقدمة التي وصل لها الشعب القطري قديما في شكل التصميم.

ويعتبر هذا المواطن أن مسجد القبيب لا يوجد له مثيل في العالم العربي حاليا، حيث إنه سافر إلى العديد من البلدان ولم ير مثله في بساطته وجماله.

وتعتبر مئذنة مسجد القبيب، أقدم نموذج للمآذن عُرف في قطر، وهي المئذنة ذات البدن الاسطواني التي تظهر التأثير المعماري لعمارة المآذن في تركيا وشبه الجزيرة العربية، ثم تلا ذلك ظهور طرز جديدة للمآذن يُمكن تمييزها اعتمادا على التسلسل التاريخي لتطور العمارة الإسلامية في المنطقة.

المصدر : الجزيرة