شاطئ سفينة الأشباح بالجزائر.. مغامرون يقتحمون المجهول ويكسرون رهبة الجانحة صوفيا

كسرت السفينة "صوفيا" العزلة عن أحد الشواطئ العذراء الساحرة على الساحل الجزائري الذي سمي على اسمها بعدما حمل اسم مدينة "قرباز" لعشرات السنين

العائلات الجزائرية تقطع المسافات نحو شاطىء "صوفيا" للاستمتاع به وقص حكاية "السفينة" على أطفالهم (الجزيرة)

الجزائر- بمدينة قرباز التابعة لولاية سكيكدة الجزائرية، يبدو منظر شاطئ "صوفيا" كأنه ديكور لأحد أفلام الرعب الهوليودية أو أفلام القراصنة القديمة، شاطئ ساحر تتوسطه سفينة محطمة ارتدت الصدأ كأنها تريد أن تخدم الحبكة المنسوجة حولها.

منظر  عام لشاطئ "صوفيا" كأنه ديكور لأحد أفلام الرعب الهوليودية أو أفلام القراصنة القديمة (الجزيرة)

قصة السفينة

تعود قصة السفينة الجانحة "صوفيا" لتاريخ مارس/آذار 2008 عندما طلب قبطان السفينة المالطية الإغاثة من البحرية الجزائرية بعدما عجز عن تحريكها حيث ارتطمت قاعدتها بالرمل على مشارف شاطئ قرباز الكائن في مدينة سكيكدة، 500 كلم شرق العاصمة.

أعاق الرمل تحرك السفينة التي كانت تحمل البضائع، رغم هيجان البحر يومها وعلو الموجات لما يزيد على 4 أمتار، تم إرسال سفينة إنقاذ لإخراج البحارة الذين كانوا داخل السفينة ولكن سوء الأحوال الجوية أدى إلى غرق أحد المنقذين الجزائريين.

وقد اضطرت القوات حينها -نظرا لتعقد الوضع- إلى تعزيز عملية الإنقاذ باستدعاء سفينة أكبر وطاقم آخر، ونجحت السفينة الأخيرة في إنقاذ السفينتين وكل من عليهما. وظلت السفينة المالطية "صوفيا" جانحة في مكانها رغم كل المحاولات لتحريكها ومحاولة جرها نحو الشاطئ.

وقد عمل طاقمان "مصري وهولندي" على تقطيعها لقسمين لتسهيل إخراجها لكن دون جدوى بل ازداد الأمر تعقيدا، وبقيت السفينة محطمة لقسمين في ذلك الشاطئ.

الأساطير والحقيقة

تعددت الأساطير والحقيقة واحدة، يروي الشباب الزائر لهذا الشاطئ قصص رعب عاشوها خلال مبيتهم قبالة السفينة المحطمة، يقول إسماعيل (27 عاما) إنهم في إحدى الليالي التي خيم فيها ورفاقه بالشاطئ رأوا أضواء تنبعث من السفينة.

كما يتداول البعض غرق شاب حاول صعودها، في حين يروي آخرون رؤيتهم لأشخاص بأشكال غريبة يتجولون داخلها، وقصصا أخرى، منها ما يستوعبه العقل وأخرى تبدوا مشهدا من مشاهد أفلام الرعب.

تعددت الأساطير حول هذا الشاطئ قبالة السفينة المحطمة (الجزيرة)

ويؤكد أمير ورفاقه عدم صحة كل ذلك، مشيرا إلى أن سكان المنطقة أطلقوا تلك الشائعة على الشاطئ لتنفير زواره بسبب شعبية الشاطئ المفاجئة والكبيرة، التي أزعجت بعض السكان الذين تعودوا على الهدوء.

في حين لا يمكن للمقترب من "صوفيا" تجاهل الأصوات التي تصدر عنها بفعل المياه -التي غمرت بعض حجراتها الصدئة- وصوت الريح الذي يدخل من الغرف ويخرج عبر النوافذ محركا شيئا من الخوف لدى البعض وكثير من شغف الاستكشاف لدى البعض الآخر.

الشباب الزائر لهذا الشاطئ يروون قصص رعب عاشوها خلال مبيتهم قبالة السفينة المحطمة (الجزيرة)

رحلة تستحق

يحكي الشاب بوشمالة أسامة أمير (27 عاما) -وهو عضو في فريق "رحالة" للمغامرة والاستكشاف-  أحد أبناء مدينة سكيكدة ويقول -للجزيرة نت- إن المكان "كان مهجورا تماما قبل أن تجنح فيه صوفيا، هذه السفينة شدت الأنظار نحو هذا الشاطئ".

فرضت الأزمة الأمنية -التي عاشتها الجزائر في التسعينيات- العزلة على كثير من الأماكن الجبلية وحتى الشواطئ، ويحاول عشاق المغامرة في الجزائر "فتح" أماكن جديدة وبث الطمأنينة فيها كي تزول رهبتها، حسب تعبير ياسين (24 عاما) من مدينة المسيلة.

الشاطئ كان يستحق أن يزال الخوف عنه لأنه في الحقيقة آمن كما يقول شباب "رحالة" (الجزيرة)

ويؤكد أسامة أمير العضو في مجموعة "رحالة" للمغامرة أن "هذا الشاطئ كان يستحق أن يزال الخوف عنه لأنه في الحقيقة آمن"، يقطع هذا الشاب رفقة أصدقائه الثلاثة، علي وبلال وهاني، مسافة الساعة أو ما يزيد مشيا على الأقدام للوصول أخيرا إلى "صوفيا".

كسرت هذه السفينة العزلة عن أحد الشواطئ العذراء الساحرة على الساحل الجزائري، الذي سمي على اسمها بعدما حمل اسم مدينة "قرباز" لعشرات السنين، وتتدفق اليوم العائلات الجزائرية نحو الشاطئ وتقطع المسافات راجلة للاستمتاع به وقص حكاية "السفينة" على أطفالهم.

المصدر : الجزيرة