رسالة إنسانية للبناء.. "الحياة" أول إذاعة تونسية صحية تبث من القيروان

أرادت الجمعية أن تكون الإذاعة "الشمعة التي تضيء العتمة التي تغرق فيها القيروان فاختارت اسم الحياة بمفهومها الشامل بسلبياتها وإيجابياتها وقراءتها قراءة إيجابية بالنظر دائما إلى مختلف المسائل من "الجانب الملآن من الكأس"، بحسب المدير العام للإذاعة محمد ليوان

مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في تونس (الثاني من اليمين) خلال زيارته مقر إذاعة الحياة بالقيروان التونسية (الجزيرة)

تونس – بينما تجتاح مشاهد الحزن واليأس وعناوين ارتفاع أعداد الوفيات والإصابات بكورونا في محافظة القيروان (وسط غربي) نشرات أخبار وسائل الإعلام التونسية والعربية هناك من أبناء القيروان من يسعى وبكل جهده إلى زرع الأمل ورسم البسمة والتخفيف من حدة آلام سكان المنطقة ومعاناتهم.

من بين هؤلاء مجموعة من الأطباء آثروا على أنفسهم النهوض بقطاع الصحة في المحافظة فترجموا عصارة تجربتهم بإنشاء أول إذاعة تونسية جمعياتية متخصصة في الصحة اختاروا لها اسم "الحياة إف إم".

منذ سنة 2007 عملت هذه المجموعة ومن خلال "الجمعية الطبية في القيروان" على النهوض بقطاع الصحة في المنطقة عبر عقد مؤتمرات جهوية ووطنية وعالمية تدريبية للمتخصصين في هذا المجال، ولكنها كانت تطمح إلى أبعد من ذلك، وهو إفادة محيطها ومجتمعها في القيروان والتأثير الإيجابي فيه.

رسالة إنسانية

اختارت الجمعية باب الإعلام لإيصال رسالتها الإنسانية والمساهمة في تحسين أوضاع القيروان التي تتذيل -وفق الإحصائيات الرسمية- ترتيب التنمية والتمتع بالخدمات الاجتماعية والصحية، فيما تتصدر ترتيب نسب الفقر والانتحار، حسب ما يوضح محمد ليوان المدير العام للإذاعة ورئيس الجمعية للجزيرة نت.

ويضيف ليوان "أرادت الجمعية أن تكون الإذاعة الشمعة التي تضيء العتمة التي تغرق فيها القيروان، فاختارت اسم "الحياة" بمفهومها الشامل بسلبياتها وإيجابياتها وقراءتها قراءة إيجابية بالنظر دائما إلى مختلف المسائل من "الجانب الملآن من الكأس".

نظرة تفاؤلية

ولأن المواطن القيرواني "يعيش بطبعه مأساة" قررت الإذاعة أن تغرد خارج سرب بقية وسائل الإعلام المحلية والوطنية، وأن تعالج كل المسائل الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية الموجودة بنظرة تفاؤلية رافعة شعار "فمن أحيا نفسا كمن أحيا الناس جميعا".

وتتوجه إذاعة "الحياة إف إم" بكافة برامجها المتنوعة إلى مختلف الشرائح العمرية في القيروان، فخصصت لها عيادات طبية مباشرة عبر الأثير تقدم فيها النصائح والاستشارات الطبية، وإلى كافة المتخصصين في قطاع الصحة من خلال التدريب المستمر عبر محاضرات طبية إذاعية مباشرة.

ومع تزامن انطلاق بث الإذاعة في فبراير/شباط 2021 مع تفشي جائحة كورونا في البلاد كرست "الحياة إف إم" كافة برامجها لتوعية المواطنين بمخاطر هذا الوباء، وبضرورة الالتزام بإجراءات البروتوكول الصحي، وبطرق الوقاية منه، وبأهمية التسجيل لتلقي التلقيح.

أهداف الإذاعة

وتهدف الإذاعة -بحسب ليوان- إلى توعية المواطن بدوره ومسؤوليته في المحافظة على الصحة وتثقيفه في هذا المجال، ونشر المعرفة الصحية، وتحسين مستوى الخدمات في القيروان وتقريبها أكثر من المواطن، ولعب دور همزة الوصل بينه وبين مختلف الإدارات المحلية والجهوية، وتسليط الضوء على مختلف النقائص، وإطلاع السلطات المشرفة عليها.

كما تسعى إلى إحياء المدرسة الطبية للطبيب القيرواني ابن الجزار، وجمع كل مخطوطاته وكتبه الطبية التي ألفها ولم يعد لها أثر في القيروان، والتي نشر من خلالها ثقافة صحية قائمة على مسؤولية الإنسان على صحته، وفق المصدر نفسه.

عوائق وتحديات

وبالنظر إلى أن الصحافة الصحية تعد اختصاصا جديدا ونادرا في تونس فقد واجه المشرفون على "الحياة إف إم" صعوبة في تكوين فريق إذاعي صحفي مختص في هذا المجال يقدم عملا احترافيا لأهالي القيروان، غير أنه وبتكاتف مجهودات مؤسسي الإذاعة من أطباء وصحفيين نجحوا في التغلب على هذا العائق، يؤكد المدير العام للإذاعة.

ويشير إلى أن توعية المواطن القيرواني بضرورة تحسين مستوى المحافظة في قطاع الصحة يبقى أكبر تحد ينتظر هذا المولود الإعلامي الجديد.

وفي ظل مشاعر الإحباط والغضب التي تعم الشارع في القيروان وفي كافة المحافظات التونسية يشدد ليوان على أنهم أرادوا التأكيد من خلال "الحياة إف إم" على أنه "عندما نريد نستطيع" وأنه لا يأس مع الحياة.

يشار إلى أن مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في تونس إيف سوتيران أكد خلال زيارته مقر الإذاعة يوم 30 يونيو/حزيران الماضي أن "الحياة إف إم" تتشارك مع المنظمة نفس البرامج والتصورات في اعتبار أن الصحة في حياة أفضل وليس في غياب المرض وفي المرجعية الصحية المجتمعية في أبعادها الشمولية والتثقيفية والوقائية.

المصدر : الجزيرة