بعد انقطاع الزوار وبائعي التحف.. قلعة الكرك وحيدة والبتراء تشكو الغياب

قلعة الكرك الأثرية. الجزيرة . مدينة الكرك الأثرية جنوب الأردن محافظة الكرك
قلعة الكرك تتربع على تلة حصينة بمساحة 25 ألف متر مربع ويعود تاريخ بنائها للمؤابيين عام 860 قبل الميلاد (الجزيرة)

أيمن فضيلات-قلعة الكرك ومدينة البتراء

غاب ضجيج السياح وأقدام الزوار وأصوات الأدلاء السياحيين عن قلعة الكرك، بعدما زارها العام الماضي 120 ألف زائر، فجائحة كورونا أغلقت المطارات والمنافذ البرية والبحرية أمام الزوار.

المحال التجارية والمطاعم وتلك المتخصصة بالتحف الشرقية والأثرية المحيطة بقلعة الكرك أغلقت هي الأخرى أبوابها بانتظار السياح، وباتت أرزاق أصحابها في مهب الريح.

تتربع قلعة الكرك على تلة حصينة بمساحة 25 ألف متر مربع، ويعود تاريخ بنائها للمؤابيين عام 860 قبل الميلاد، وسكنها بعدهم الأنباط، ثم استخدمت كإحدى قلاع الحملات الصليبية الأردن لحماية الجهة الجنوبية لبلاد الشام، حتى فتحها صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين. 

الأربعيني سائد الضمور يعتمد في حياته اليومية على محل لبيع التحف والمطرزات الشرقية والتماثيل والمسابح، يتحدث أربع لغات أجنبية، ويتواصل مع السياح الأوروبيين والروس بكل سهولة.

الضمور -الذي بدأ البحث عن عمل جديد- يقول للجزيرة نت إن الحركة التجارية في محله متوقفة منذ شهرين، و"الانتشار العالمي للفيروس لا يبشر بخير، وأتوقع أن السياح لن يعودوا إلى قلعة الكرك خلال هذا العام، مما يضطرنا للبحث عن عمل آخر". 

وأعلنت وزارة السياحة الأردنية عن خطة طوارئ لمواجهة أزمة كورونا من خلال تخصيص عشرة ملايين دينار (14 مليون دولار) للحفاظ على المهن السياحية وتنشيط السياحة الداخلية. 

‪البتراء أصبحت خالية بعدما كانت تعج بخمسة آلاف سائح يوميا‬ (الجزيرة)
‪البتراء أصبحت خالية بعدما كانت تعج بخمسة آلاف سائح يوميا‬ (الجزيرة)

المزارات الدينية
المزارات الدينية في مدينة الكرك طالها هي الأخرى الإغلاق، فالمسجد الذي يضم أضرحة الصحابة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة -الذين استشهدوا في معركة مؤتة- مغلق أمام الزوار، وساحة المعركة الشهيرة باتت خالية سوى من أطفال يلعبون بالكرات.

وكانت الأودية المحيطة بقلعة الكرك هي الأخرى مزارا لعشاق سياحة المغامرة، خاصة وادي ابن حماد، فمياهه الصافية وجباله الشامخة تغري هواة المغامرة على خوض التجربة، وصولا إلى شواطئ البحر الميت أخفض بقعة بالعالم. 

البتراء تعاني
وجنوبا، ليست حاضرة الأنباط مدينة البتراء الوردية بأفضل حالا من جارتها قلعة الكرك، فالسياح غائبون، والخيول في مرابضها، والسيارات الكهربائية والعربات الناقلة للسياح عبر السيق متوقفة، وهواتف فنادقها الأربعين لم تعد ترن لطلب حجز أو استفسار عن أسعار الإقامة فيها.

وأغلقت مئات المحال التجارية والمطاعم أبوابها، وتوقفت الأنشطة السياحية، فلم يعد هواة التسلق يتسلقون جبالها، ولم يعد علماء الآثار يبحثون في رمالها.

الخمسيني سعد الهلالات أفنى شبابه بالعمل دليلا سياحا في مدينته الوردية، يعرفها شبرا شبرا، لم يترك كهفا ولا مغارة إلا ودخلها، ولما تقدم به العمر فتح له محلا للتحف الشرقية والمطرزات كان مقصدا للزوار خلال الأعوام الماضية، لكن كورونا غيّر وجه العالم.

ويقول الهلالات للجزيرة نت إن القطاع السياحي والأنشطة السياحية المرافقة له تعطلت أعمالها، مضيفا أن الموسم السياحي للمدينة الوردية هذا العام توقف منذ منتصف الشهر الماضي، متخوفا من أن يستمر هذا الوضع للعام المقبل.

ويتابع أن محله مغلق منذ الشهر الماضي، وبعدما غطت بضاعته الغبار قرر فتحه لتنظيفه، وهو يضم بضائع تقدر بستين ألف دينار (86 ألف دولار)، ويعمل فيه خمسة عمال باتوا يبحثون عن عمل جديد.

وشهدت مدينة البتراء العام الماضي احتفالا ضخما بزيارة مليون زائر لها، وتوجت عام 2007 كواحدة من عجائب الدنيا السبع "الجديدة"، بعدما أدرجت على لائحة التراث العالمي لليونسكو عام 1985. 

‪المنشآت الاقتصادية المرافقة للسياحة في البتراء أغلقت أبوابها (الجزيرة)‬ المنشآت الاقتصادية المرافقة للسياحة في البتراء أغلقت أبوابها (الجزيرة)
‪المنشآت الاقتصادية المرافقة للسياحة في البتراء أغلقت أبوابها (الجزيرة)‬ المنشآت الاقتصادية المرافقة للسياحة في البتراء أغلقت أبوابها (الجزيرة)

خطة صيانة
من جهته، قال رئيس سلطة منطقة البتراء سليمان الفرجات للجزيرة نت إن القطاع السياحي والقطاعات الاقتصادية المرافقة له من أكبر القطاعات المتضررة بسبب جائحة كورونا، ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي كانت البتراء تعج بأربعة آلاف سائح يوميا.

وتابع "وضعنا خطة لتنشيط السياحة الداخلية بعد تعافي المملكة من هذا الفيروس، ونعمل حاليا على صيانة وترميم المناطق الأثرية، وإعادة استكشاف عدد من المناطق الأثرية في المدينة".

ويعمل في البتراء نحو ثمانية آلاف موظف من أبناء المجتمع المحلي في مدينة البتراء والمناطق القريبة منها يعيلون نحو ثلاثين ألفا، وقد باتوا فاقدين وظائفهم بانتظار الخلاص من هذا الهم الكبير. 

وشهدت محافظات جنوب المملكة الكرك والطفيلة ومعان والعقبة تخفيفا لإجراءات حظر التجول، مما حرك الأسواق التجارية الراكدة منذ شهر، لكن الأنشطة السياحية ما زالت متوقفة. 

المصدر : الجزيرة