بطولات الطاولة والشطرنج عبر الإنترنت.. هكذا يتحدى مصريون ملل الحظر وكورونا

أحجار على رقعة الشطرنج الحديثة (بيكساباي)
لعب الشطرنج مع الأصدقاء عبر الإنترنت سرعان ما تطور إلى مسابقات وبطولات تستمر لمدة أسبوع (مواقع التواصل)

محمود صديق-القاهرة

"بين مطرقة فيروس كورونا وسندان حظر التجول الجزئي الذي فرض علينا، عشنا داخل جدران منازلنا، ينهشنا الملل، ويقتلنا بطء الوقت الذي تمر لحظاته كأنها الدهر".

هكذا يصف الموظف الحكومي المصري محمد هشام لحظات الملل التي يمر بها، على غرار العديد من المصريين الذين بحثوا في ألعاب الإنترنت عن تسلية تكسر رتابة العزل الذاتي والتباعد الاجتماعي الذي فرضه الخوف من انتشار فيروس كورونا.

اعتاد هشام أن يجلس مع أصدقائه في المساء للعب الشطرنج على أحد المقاهي، لكنه مع فرض السلطات المصرية حظر التجول منذ الساعة الثامنة مساء، بدأ يبحث عن بديل يناسب فترة الحجر المنزلي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول هشام إنه بدأ يلعب الشطرنج عبر الإنترنت، ثم دعا أصدقاءه للمشاركة في مسابقة لإشعال الحماسة، وسرعان ما تحولت المسابقة إلى بطولة ثم إلى بطولات متتالية ينظمونها ويشاركون فيها بكثير من الحماس والتنافسية.

مواقف وطرائف
"كانت فكرة ممتازة أن أشارك في بطولة شطرنج عبر الإنترنت مع الأصدقاء، حيث خففت الكثير من الضغط، خاصة مع تصرفات أبنائي الصغار المرهقة التي لم أعتد عليها سابقا، حيث كان العمل يقتطع الجزء الأكبر من وقتي"، بحسب محمد نادر أحد المشاركين في تلك البطولات.

وفي حديثه للجزيرة نت، يكمل نادر مبتسما "عند بدء البطولة أخذت ركنا في المنزل بعيدا عن الأسرة لمنح نفسي جوا من التركيز، ورغم ذلك أخسر أحيانا مباريات بسبب بكاء أحد الأبناء أو صراخ زوجتي المستمر معهم، وحين أذهب لأرى الخطب وأحاول معالجته أعود لأجد نفسي مهزوما بالانسحاب لتأخري عن اللعب".

أما أيمن علي فيشكو من أن "انقطاع الإنترنت فجأة ولو لثوان قليلة يفسد اللعبة، وإذا زاد الانقطاع عن 25 ثانية يعتبرك البرنامج منسحبا، ويحسب النقاط للخصم حتى لو كنت مسيطرا على المباراة". 

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن "فكرة البطولة رائعة وخففت من الإحساس بالحبس داخل المنزل منذ أسبوعين، وعوضت بشكل كبير التباعد الاجتماعي المفروض بسبب الخوف من انتشار الجائحة".

بدوره، يقول الثلاثيني إيهاب عادل إن اللعب منفردا على الإنترنت لا تصحبه متعة مقارعة الأصدقاء على المقهى، وهنا جاءته فكرة اللعب الجماعي التي تطورت لاحقا إلى مسابقات وبطولات يستمر بعضها لمدة أسبوع، بحسب حديثه للجزيرة نت. 

عودة المقاهي
في المقابل، يؤكد علي طايع أن زملاءه الذين يلعبون الطاولة والشطرنج بالذات ويعرفهم من المقهى، كانوا الأكثر حظا من أولئك الذين أدمنوا لعب الدومينو مثله، حيث لم تتح له معرفة طريقة تنظيم مسابقات وبطولات، كما وجد أن اللعب منفردا غير ممتع وأصابه بالملل، بحسب حديثه للجزيرة نت.

من جهته، يقول حسن عليان -صاحب أحد المقاهي- أنه علم من زبائنه السابقين أن بعض الذين اعتادوا لعب الشطرنج والطاولة والدومينو في المقهى، استعانوا بالتكنولوجيا الحديثة في استكمال هوايتهم، بل اتجه بعضهم إلى تنظيم مسابقات وبطولات كالتي كانوا ينظمونها بالمقهى.

وفي حديثه للجزيرة نت يأمل عليان أن يُقضى على الوباء سريعا حتى يتمكن من العودة إلى مصدر رزقه الوحيد، بل ومصدر رزق ثمانية شباب يعملون معه ولا يجدون الآن ما يعوضهم.


فن البلكونة
وفي سياق كسر الملل أيضا، نشر مصريون فيديوهات تصور حالات طريفة لمحاولات كسر الحظر، مثل شاب يخرج يوميا مساء ليغني أغاني شعبية، أو شاب يعزف في شرفته مقطوعة موسيقية، ورصدت الفيديوهات تجاوبا من قبل جيران هؤلاء الشباب من خلال التصفيق والغناء معهم.

وأطلقت وزارة الشباب والرياضة المصرية مبادرة تحت عنوان "الفن في البلكونة"، دعت فيها الشباب إلى تقديم مقاطع غنائية أو العزف بآلات موسيقية في شرفات المنازل خلال فترة حظر التجول، كفرصة لاكتشاف مواهب جديدة.

ومددت مصر إجراءات حظر التجول الجزئي -مع  تعديلات طفيفة- أسبوعين آخرين ينتهيان يوم 23 أبريل/نيسان الجاري، للحد من انتشار فيروس كورونا.

وشملت الإجراءات تعليق حركة الطيران، والغلق الجزئي للعمل في كافة المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة، والإغلاق التام للمقاهي. 

يذكر أن الجهاز المركزي للإحصاء قدر في إحصائية حديثة عدد المقاهي في مصر بنحو المليونين، منها 150 ألفا في القاهرة وحدها. وتصل نسبة إنفاق المصريين على المقاهي إلى نحو 40% من رواتبهم وفق ما نشرته صحيفة "أخبار اليوم" في أغسطس/آب الماضي.

المصدر : الجزيرة