العالم الجميل بجانب العالم المحطم

Globe amaranth flowers, used to make garlands and offer prayers, blooms on the field before selling them to the market for the Tihar festival, also called Diwali, in Bhaktapur, Nepal October 21, 2019. REUTERS/Navesh Chitrakar
جمال الطبيعة يبعث على الراحة والسرور (رويترز)

كاتبة هذا المقال تحكي تجربتها بعد خروجها من نوبة إنفلونزا شديدة ألمت بها طوال أسبوعين حتى تحوّلت إلى امرأة كادت لا تعرفها من اليأس والإنهاك الذي قض مضجعها طوال هذه المدة، وما إن تعافت من مرضها حتى فوجئت بفيروس كورونا وقد أصبح وباء رسميا وكل الأخبار تتحدث عن التباعد الاجتماعي سواء بإلغاء اللقاءات وحفلات العشاء أو النزهة الجماعية، واستيقظت على حقيقة أن العالم تغيّر خلال الأسبوعين اللذين قضتهما في فراش المرض.

وتقول مارغريت رينكل من مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأميركية، إن العالم حولها أصبح الآن غير معروف، ومن السابق لأوانه معرفة ما سيبدو عليه عندما يتلاشى الفيروس. ومع ذلك لم تدع هذا الأمر يغرقها في اليأس والكآبة، ونظرت إليه نظرة إيجابية، وهي أن هناك عالما آخر كان موجودا دائما بعيدا عن الحضارة وبجانبها في الوقت ذاته.

فبينما كانت مريضة أحست بأن العالم لم يعد كما عهدته، ولما شفيت وخرجت لتتنزّه خارج منزلها كان الربيع قد حل ببلدتها حيث تفتحت أزهار البنفسج وجميلات الربيع والزنبق والحوذان، فحوّلت النباتات الجميلة الحفرة المجاورة لمنزلها إلى بستان يشع باللون الأرجواني.

وأفاضت الكاتبة، في مقالها بصحيفة نيويورك تايمز، في ذكر محاسن الطبيعة المحيطة بها التي يمكن أن تخرج أي شخص من الكآبة التي يعيشها حتى مع فيروس كورونا بمجرد إطلاق العنان لفطرته وحسه السليم في تذوق جمال الكون حوله. وذكرت أن التلفاز قد يكون مفعما بمشاهد الرعب، وقد يزداد هذا الرعب في كل ساعة، لكن هناك الأشجار المليئة بالموسيقى التي تصدح بها طيور أبو زريق بهمساتها الرقيقة وزقزقة العصافير.

‪حقل زهور الحوذان‬ حقل زهور الحوذان (غيتي)
‪حقل زهور الحوذان‬ حقل زهور الحوذان (غيتي)

وقالت رينكل إن هذا العالم البديل هو ما نحتاجه الآن، عالم موجود بعيدا عن باعث الرغبة في تتبع الأخبار المقلقة في وسائل الإعلام. ولطالما كانت اللامبالاة المثالية للعالم الطبيعي أفضل علاج لقلقها، وكذلك لمن يتفكر في الطبيعة الجميلة المحيطة به في أماكن أخرى.

وهذا العالم الطبيعي موجود في كل مكان، ليس فقط في مساحة الأرض التي تعيش عليها في الضواحي، وليس فقط في الحدائق المحلية المفضلة لديها، بل يمكن العثور عليه أثناء المشي في شوراع المدينة، وموجود أيضا في النباتات المزروعة في شرفات المنازل، وفي أشجار الرصيف حيث تغير المشهد الرمادي إلى اللون الأخضر.

وانتهت الكاتبة إلى أن بإمكانها قضاء الوقت في تتبع الأخبار والقلق وهي داخل البيت، وأنها تستطيع الخروج وتتفكر في كيف تكون جزءا من شيء أكبر، شيء لا يحده زمن، عالم يتجاوزها ويشملها أيضا. وبمجرد أن تكتسي الغابة باللون الأخضر، وتمنع دخول أشعة الشمس مرة أخرى، ستنتظر النباتات الزاحفة الربيعية التي لا تتفتح إلا في ضوء الشمس في تلك الفترة القصيرة حتى يصلها الضوء مرة أخرى العام المقبل. وضوء الشمس لا يتخلف أبدا وسيعود مع العام القادم.

 
المصدر : نيويورك تايمز