بالفيديو: متحف النحل بالمغرب.. جولة مثيرة في عالم ممالك العسل

سناء القويطي-الرباط

بعد حوالي ثلاثين سنة قضاها في فرنسا، قرر المغربي إدريس الورادي العودة لوطنه وتقاسُم ما جمعه من تجارب وخبرات عن تربية النحل مع أبناء بلده وأسس متحف نحل بمدينة سلا ضواحي الرباط استجابة لشغف قديم بالطبيعة ورغبة منه في تبسيط المعلومات العلمية وجعلها في متناول الجميع.

ويقول الورادي للجزيرة نت، إن الهدف الرئيسي لهذا المتحف هو نشر المعارف حول عالم النحل وتحسيس (توعية) الزوار -كبارا وصغارا- بالدور الأساسي الذي يلعبه في التوازن والتنوع البيئيين واستمرار الحياة على كوكب الأرض.

وزار المتحف -منذ تأسيسه العام الماضي- حوالي ثلاثة آلاف شخص في إطار رحلات مدرسية وزيارات فردية يدفعهم الفضول المعرفي لاكتشاف أسرار عالم النحل العجيب.

 إدريس الورادي بجانب واحدة من الخلايا الزجاجية الشفافة بالمتحف(الجزيرة)
 إدريس الورادي بجانب واحدة من الخلايا الزجاجية الشفافة بالمتحف(الجزيرة)

أجنحة متنوعة
يتابع أطفال إحدى المدارس الخاصة باهتمام النحل وهو يتحرك في شتى الاتجاهات داخل الخلية ويشاركون بحماس كبير في ورشات متنوعة، تعرفوا خلالها على شكل الخلية وتكوينها وأنواع النحل ودوره في الطبيعة.

وخلال جولتهم في أجنحة المتحف المختلفة، حاصر الصغار إدريس الورادي بأسئلتهم الطفولية فيما بذل الورادي جهده في تبسيط المعلومات وإشباع فضولهم المعرفي وتقريبهم مما يحدث داخل ممالك العسل.

ويضم متحف النحل -الأول من نوعه في أفريقيا والعالم العربي- أقساما متنوعة، تقدم تجربة فريدة لعشاق عوالم النحل الغامضة ومغامرة غنية بالمتعة والفائدة، فهو كما يصفه مؤسسه "موسوعة تعالج كل المواضيع المتعلقة بالنحل والعسل".

ويعرض أحد الأجنحة ملصقات ولوحات تقدم معلومات عن تاريخ النحل وطرق تربيته، وعلم النحل في الحضارة العربية الإسلامية وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر، وكذلك معلومات عن فصائل النحل ودورته البيولوجية وتوزيع المهام داخل الخلية ووسائل التواصل عند النحل وتكوينه التشريحي، كما تقدم معطيات حول إنتاج العسل في العالم وغير ذلك من المعلومات.

ويعرض جناح آخر الأدوات المستعملة في تربية النحل التي تعكس اهتمام الإنسان بهذه الحشرة منذ القدم وسعيه للاستفادة منها، ويقدم للزوار تشكيلة من الكتب القديمة والحديثة التي عالجت موضوع النحل.

أنواع مختلفة من العسل معروضة داخل المتحف(الجزيرة)
أنواع مختلفة من العسل معروضة داخل المتحف(الجزيرة)

وخصص ركن في المتحف لعرض أنواع مختلفة من العسل وحبوب اللقاح ومنتجات غذائية وتجميلية مستخلصة منه إلى جانب مختبر صغير لدراسة النحل، كما يوفر المتحف خلايا زجاجية شفافة تسمح بمشاهدة ما يحدث داخل الخلية عن كثب.

ويقول الورادي إن زوار المتحف يمكنهم من خلال هذه الخلايا الشفافة متابعة النحل وهو موزع في أداء مهامه داخل الخلية، ويضيف "يرى الزوار الشغالات منهمكة في التنظيف، وأخرى في رعاية الصغار والملكة، وثالثة منشغلة في إنتاج العسل وصناعة الشمع وتهوية الخلية وحراستها والدفاع عنها من الحشرات المفترسة.. كل ذلك في توزيع دقيق وذكي وتعاون لا مثيل له".

تصحيح المعلومات
يحرص الورادي في هذا المتحف على تصحيح المعلومات الخاطئة والشائعة عن عالم النحل والعسل، ويقول إن 70% من الزوار يعتقدون أن تبلور العسل دليل على فساده وزيفه غير أن الحقيقة أن العسل الحر والحقيقي والعضوي يتبلور لأنه يتكون من حبوب اللقاح وحبيبات من الشمع وأشياء أخرى، ويرى أن تعميم المعلومات والخبرات حول تربية النحل من شأنه أن يساهم في رفع مردودية وأداء النحالة وبالتالي تطوير اقتصاد العسل في البلاد.

ويستورد المغرب الذي يصنف ثاني أغنى بلد من حيث التنوع البيئي والنباتي 95%من حاجته من العسل، ولا ينتج سنويا سوى أربعة آلاف طن مقابل أربعين ألف طن في بلد صحراوي مثل إثيوبيا.

ويعود سبب هذا الوضع -حسب الورادي-  إلى ضعف ثقافة تربية النحل ونشر المعلومات بين المواطنين، ويعتقد أن تقاسم المعارف والخبرات سينعكس بالإيجاب على الجانبين الاقتصادي والبيئي.

 الورادي حرص على نقل خبراته في مجال تربية النحل إلى بلده(الجزيرة)
 الورادي حرص على نقل خبراته في مجال تربية النحل إلى بلده(الجزيرة)

وورث الورادي حب الطبيعة عن والديه اللذين عاشا في الريف، وسار على أثرهما في الارتباط الوثيق بالأرض والبيئة، فأسس متحف النحل وجهزه بإمكانياته الذاتية، ويقول إن هذه المبادرة عمل بسيط من مواطن يريد أن يساهم ويشارك في مسار تنمية بلاده، وإنه فكر في نقل خبرته العلمية والمهنية في فرنسا -حيث عمل مديرا تربويا لعدد من المراكز المهتمة بنشر الثقافة العلمية- إلى المغرب والعالم العربي.

ويعتقد الورادي -وهو أيضا رئيس منطقة أفريقيا ضمن المنظمة العالمية لشغل أوقات الفراغ بالعلوم والتكنولوجيا- أن الدول العربية يمكنها أن تنجح في ركوب قطار التقدم إذا ما استثمرت في المعرفة ونشر الثقافة، وأسست مراكز علمية ومتاحف ورعت برامج تربوية علمية لا مدرسية.

المصدر : الجزيرة