حجارة بناء صديقة للبيئة من "رماد النفايات" في غزة

رائد موسى-غزة

حقق الدكتور حسام الأقرع جزءا من حلمه، بنجاحه في تدوير النفايات وإنتاج حجارة بناء صديقة للبيئة، لكن حلمه الأكبر هو استخدام أطنان النفايات في قطاع غزة في حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتفاقمة منذ سنوات طويلة، وإنتاج مياه مقطرة صالحة للشرب لتجاوز مشكلة ملوحة المياه.

هذا الحلم ظل يراود الأقرع (46 عاما)، الذي أنهى دراسته العليا في هندسة المواد من فرنسا التي يحمل جنسيتها، وهدفه الأسمى أن يساعد في حل أزمات القطاع الساحلي الصغير والمحاصر منذ 13 عاما.

بعد سنوات قضاها الأقرع في فرنسا -عمل خلالها في وزارة البحث العلمي الفرنسية بين عامي 2006 و2012، واكتسب خلالها خبرة كبيرة في مجال إعادة تدوير النفايات- عاد إلى غزة وكله أمل في نقل التجربة لكنه اصطدم بضعف الإمكانيات.

حجارة صديقة للبيئة
لم يستسلم الأقرع -الذي لا يزال يقطن المنزل الذي شهد طفولته في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة- للواقع الصعب الناجم عن الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي.

فإلى جانب عمله محاضرا في الجامعات المحلية، بدأ مشروعه النوعي الأول على مستوى القطاع بإنتاج "حجارة رماد النفايات".

وعن آلية الإنتاج، قال الأقرع للجزيرة نت إنه يستخدم الرماد الناجم عن حرق نفايات المنازل والمصانع القابلة للحرق، وخلطه بنسب معينة مع مواد بناء أساسية.

ويسهم مشروع الأقرع في الاستفادة من أطنان النفايات المتراكمة التي يؤدي عدم التخلص منها بطريقة سليمة إلى انتشار الأوبئة والأمراض.

‪عمال ينتجون أحجار بناء صديقة للبيئة في معمل ببلدة بيت حانون شمال غزة (الجزيرة)‬ عمال ينتجون أحجار بناء صديقة للبيئة في معمل ببلدة بيت حانون شمال غزة (الجزيرة)
‪عمال ينتجون أحجار بناء صديقة للبيئة في معمل ببلدة بيت حانون شمال غزة (الجزيرة)‬ عمال ينتجون أحجار بناء صديقة للبيئة في معمل ببلدة بيت حانون شمال غزة (الجزيرة)

ولعدم قدرته المالية لافتتاح معمله الخاص، لجأ الأقرع إلى الاتفاق مع معمل لإنتاج حجارة البناء في بلدة بيت حانون شمال القطاع، وقال إن افتتاح معمل خاص بإنتاج حجارة رماد النفايات يكلف حوالي خمسين ألف دولار أميركي.

ولا يهدف الأقرع إلى تحقيق ربح مادي كبير من وراء مشروعه، بقدر حرصه على نشر ثقافة إعادة تدوير المخلفات والنفايات والاستفادة منها في عمليات إنتاجية عدة.

وأوضح الأقرع أن طن الرماد من النفايات ينتج حوالي مئتين إلى 250 حجرا، بعد خلطه بمواد البناء الأساسية، ويتم بيع الحجر الواحد بمبلغ 2.8 شيكل (الدولار يعادل 3.5 شواكل)، في حين سعر الحجر العادي 2.5 شيكل.

مميزات الحجارة الجديدة
بيّن الأقرع أن الحجارة التي ينتجها تمتاز -إلى جانب صلابتها وجودتها وخفة وزنها- بأنها تقلل من الانبعاث الحراري وتحافظ على تدفئة المنازل السكنية في فصل الشتاء، الذي يشهد زيادة الضغط على الأحمال، ما يسهم في انخفاض الاعتماد على الكهرباء في عملية التدفئة.

وقال إن الإقبال على استخدام هذه الحجارة في ازدياد مستمر، ولكن ما يتم إنتاجه حتى اللحظة لا يفي بتغطية جميع احتياجات القطاع لأسباب عدة، أهمها أن هذه الثقافة ليست سائدة، وعدم توفر كميات كافية من النفايات التي يضطر في أحيان كثيرة إلى شرائها بسعر مئتي شيكل للطن الواحد، لتلبية طلبيات الزبائن. 

‪لأول مرة في غزة إنتاج حجارة صديقة للبيئة من حرق النفايات (الجزيرة)‬ لأول مرة في غزة إنتاج حجارة صديقة للبيئة من حرق النفايات (الجزيرة)
‪لأول مرة في غزة إنتاج حجارة صديقة للبيئة من حرق النفايات (الجزيرة)‬ لأول مرة في غزة إنتاج حجارة صديقة للبيئة من حرق النفايات (الجزيرة)

ويتطلع الأقرع إلى المساهمة في نشر ثقافة الاعتماد على منتجات تدوير النفايات، كما في كثير من الدول الأوروبية، التي تعتمد على التخطيط السليم للتخلص من النفايات، وذلك بإعادة تدويرها، واستثمارها بشتى أنواعها، سواء كانت عضوية أو غير عضوية.

ويوجد في قطاع غزة ثلاثة مكبات رئيسية، إضافة إلى عدد غير محدد من المكبات العشوائية، وبحسب تقرير رسمي صدر عن مركز الإحصاء الفلسطيني العام الماضي، فإن المنازل في غزة تخلف حوالي 716 طنا من النفايات يوميا.

وقال الأقرع إن حوالي 80% من نفايات المنازل والمصانع عضوية ويمكن حرقها بالكامل والاستفادة منها، في إنتاج حجارة صديقة للبيئة، بدلاً من التخلص منها بطرق غير سليمة تضر بالإنسان والبيئة.

الحلم الأكبر
أكد الأقرع أن هذه الكميات من النفايات يمكن توظيفها من خلال عمليات الحرق في أفران خاصة لحل أكبر أزمتين يعاني منهما القطاع، وهما انقطاع الكهرباء وملوحة المياه، فضلا عن إنتاج الحجارة وأشياء أخرى، وبالتالي توفير آلاف فرص العمل.

‪الدكتور حسام الأقرع‬ يأمل في
‪الدكتور حسام الأقرع‬ يأمل في

ولفت الأقرع إلى أن إقامة مثل هذا المشروع بحاجة إلى تمويل يقدر بنحو خمسمئة مليون دولار، لكن الأهم توفر ضمانات دولية بعدم تعرضه للاستهداف الإسرائيلي.

وبحسب شركة توزيع الكهرباء في غزة، يحتاج القطاع الذي يقطنه حوالي مليوني نسمة ما بين 450 إلى خمسمئة ميغاوات من الكهرباء، في حين أن المتوفر لا يتجاوز مئتي ميغا، توفرها ثلاثة مصادر هي محطة التوليد الوحيدة (بحوالي خمسين ميغا)، والخطوط الإسرائيلية (بـ 120 ميغا)، والخط المصري الذي يغذي نسبيا مدينة رفح الحدودية (بثلاثين ميغا).

المصدر : الجزيرة