لأكثر من نصف قرن.. المقرئ كامل اللالا يرافق المتسحرين بالأردن

المقرء الشيخ كامل اللالا
الشيخ كامل اللالا تفرغ للقرآن الكريم وأمتع بصوته الأردنيين (الجزيرة)

أيمن فضيلات عمان

على وقع ترتيله لآيات القرآن الكريم وترانيم تسابيح موشحاته الدينية، يتسحر الصائمون في رمضان بالأردن في حالة روحانية إيمانية امتدت لأكثر من 50 عاما على صوت المقرئ الشيخ كامل اللالا فترة السحر.

يوميا ودون تأخر يتجه الشيخ اللالا من بيته الساعة الثالثة فجرا متوجها للمسجد الحسيني في قلب العاصمة عمان لإسعاد المتسحرين بتلاواته القرآنية وموشحاته الدينية التي تبدأ بـ"أفلح من قال لا إلاه الا الله" عبر أثير إذاعة القرآن الكريم والأذان الموحد في عمان.

هاجر الشيخ اللالا مع عائلته من فلسطين عام 1948 وكان عمره آنذاك 3 أعوام متجهين إلى منطقة الأغوار الأردنية الحدودية ليستقر بهم المقام بمخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين عام 1955.

فُتح قرب مخيم الحسين من المسجد الحسيني الباب واسعا أمام الشيخ اللالا لحفظ القرآن، فبدأ عام 1956 حفظ القرآن بالتلقين على يد شيخه مصطفى مرعي رحمه الله في المسجد، وتمكّن خلال عامين من حفظ القرآن كاملا، وفق حديثه للجزيرة نت.

ويحرص الشيخ اللالا على تلاوة القرآن يوميا ومراجعته كاملا خلال الأسبوع، ويتلو كل يوم خمسة أجزاء منه، فضلا عن حفظه الكثير من الأشعار والمدائح النبوية.

في رحلة اللجوء والشتات، أصيب الشيخ بمرض في عينيه أدى إلى ضعف شديد في النظر، مما جعله يحتاج إلى رفيق في المسير.

التفرغ للقرآن
تفرغ الشيخ للقرآن الكريم منذ صغره فأتقن الحفظ بأحكام التجويد ورزق صوتا جميلا يطرب السامعين وتخشع له القلوب، وعيّن في وزارة الأوقاف الأردنية مقرئا للقرآن في المسجد الحسيني.

‪الجزيرة)‬  الشيخ كامل اللالا يتلو القرآن الكريم بمسجد الحسيني بعمان
‪الجزيرة)‬  الشيخ كامل اللالا يتلو القرآن الكريم بمسجد الحسيني بعمان

وتعلم الشيخ فنون التجويد ومقامات الصوت على يد الشيخ حسين بطاح والكثير من القرّاء والمشايخ الآخرين، ويقول "كل يوم كنت أحفظ صفحة من صفحات المصحف وأراجعها ثم أُسمّعها للشيخ في اليوم التالي مشافهة وأسمع منه بالتلقين الصفحة التي بعدها لأحفظها وكان حفظي سماعا للقرآن الكريم وبأحكام التجويد".

ويشارك الشيخ بتلاوة القرآن في افتتاحيات المؤتمرات والندوات والاحتفالات الدينية، ويمتّع الأردنيين بتلاواته عبر شاشة التلفزيون وأثير الإذاعة الأردنية.

وزار الشيخ مدينة نابلس عام 1962 مع مشايخه في ذلك الحين لتلاوة القرآن في رمضان، وسافر للعاصمة البريطانية لندن عام 1990 بدعوة من الجاليات الإسلامية ليمتع المسلمين هناك بقراءة القرآن.

تمكّن الشيخ من تحقيق أمنيته بتسجيل القرآن الكريم كاملا بصوته على أثير الإذاعة الأردنية، ويهدي كلا من زاره في بيته نسخة على قرص مغناطيسي (سي دي) للمصحف الشريف بصوته.

اليوم الرمضاني
في رمضان، يبدأ يوم الشيخ اللالا منذ الساعة الثانية فجرا فيتسحّر ويتوضأ ويغادر متجها للمسجد الحسيني يقرأ القرآن على مكبرات صوت مساجد العاصمة عبر أثير الأذان الموحد، ويستمر في تلاوة القرآن للظهر ويعود لبيته لنيل قسط من الراحة استعدادا لصلاة التراويح.

ويصف الشيخ في حديثه للجزيرة نت المسجد الحسيني ببيته الأول، ويقول إنه يجد فيه راحته وطمأنينته، ويضيف "المسجد مقصد الأردنيين الزائرين والساكنين في عمان وتقام فيه حلقات العلم والذكر وتوزع على الفقراء والمحتاجين وجبات الطعام التي يجود بها المحسنون في رمضان".

ويحفظ الشيخ إلى جانب القرآن الكثير من القصائد الشعرية والابتهالات الدينية في حب الله ورسوله وشهر رمضان المبارك، ويردد أشعارا وقت السحر تتحدث عن عظمة الخالق جل جلاله ومحبة المسلمين لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم واستقبال شهر رمضان.

وحفظ الشيخ هذه الأشعار عن ظهر قلب ويرددها بأسلوب شائق وبحالة إيمانية روحانية فريدة عبر وسائل الإعلام وفي الاحتفالات الدينية.

المصدر : الجزيرة