في الطريق إلى جامعة الموصل تبدو الشوارع المحيطة بها مزدحمة بالسيارات والمارة، فقد أعلنت إدارتها عن قرب الدوام الرسمي، وبعد إجراءات تفتيش تدخل الجامعة ليستقبلك مبنى رئاستها المدمر بطيران التحالف.
مع قرب انتهاء العام الدراسي الحالي، يبدع طلاب قسم الميكاترونكس بكلية الهندسة بمدينة الموصل (شمالي العراق) في مشاريعهم البحثية التي تعد أحد متطلبات حصولهم على شهادة البكالوريوس.
ورغم أن هذا القسم لم تمر على تأسيسه سوى أعوام قليلة وتوقفت الدراسة فيه لثلاث سنوات بسبب حرب الموصل (2014-2017)، فإن بعض الطلاب أبدعوا هذا العام في مشاريعهم.
ويقول رئيس قسم هندسة الميكاترونكس الدكتور سعد القزاز إن القسم استحدث عام 2006 ويعد واحدا من ثلاثة أقسام ميكاترونكس في العراق، وإن طلاب القسم أبدعوا بمشاريع تخرجهم، رغم احتراق مختبرات القسم بسبب حرب الموصل الأخيرة.
ومصطلح الميكاترونكس يستعمل للدلالة على اختصاص هندسي واسع ومتشعب يجمع بين الهندسة الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية وهندسة الحاسوب.
أطراف صناعية
من بين المشاريع الأكثر إبداعا هذا العام هو مشروع للتحكم بطرف صناعي (ذراع روبوت) عن طريق الإشارات الكهربائية الناتجة من العضلة، الذي شارك فيه الطالبان عبد الله مرتضى وزهير عبد القادر.
ويقول عبد الله مرتضى إن الذراع مصنوعة بصيغة ثلاثية الأبعاد لتقليل التكلفة، وإن طريقة التحكم بها تتم عن طريق حساسات تتلقى الإشارات الكهربائية الواصلة إلى أعصاب العضلة من الدماغ، وإن الحساسات هي عبارة عن طوق يلبس في الذراع.
ويوضح مرتضى أن الذراع هي شكل هندسي ديناميكي يحتاج إلى تحويله ليتوافق مع أي شخص مبتور الذراع، وأن تدريب أي شخص عليه لا يستغرق أكثر من ساعة.
وعن أهم التحديات التي واجهها المشروع، يؤكد مرتضى أن الحساسات المستخدمة مخصصة بالأساس لألعاب الفيديو التفاعلية وليست للغرض المستخدم في المشروع، وأنه وقع تحوير استخدامه ليتوافق مع المتطلبات بعد تحليله والحصول على البيانات، وقال إن الحساسات تلتصق بالجلد فقط دون تدخل جراحي وتقرأ القوة الكهربائية من خلاله والتي تساوي 50 مايكروفولتا.
واختتم مرتضى حديثه للجزيرة نت بالإشارة إلى أنهم ابتاعوا الحساسات من موقع أمازون بتكلفة إجمالية للمشروع بلغت ألف دولار أميركي فقط في الوقت الذي تبلغ فيه كلفة الطرف الصناعي المماثل عالميا قرابة 20 ألف دولار.
وكشف رئيس قسم الميكاترونكس سعد القزاز أن المشروع حصد المرتبة الأولى على مستوى العراق، وتأهل للمرحلة النهائية في المنتدى الإقليمي لبرنامج القيادات الشابة في تونس.
ويقول زياد خضر في حديثه للجزيرة نت إن المشروع انبثق من واقع الموصل والحرب التي عاشتها المدينة بين عامي 2014 و2017 وعمليات البحث عن الجثث والمفقودين تحت الأنقاض.
ويضم الروبوت ثلاثة أجزاء رئيسية هي: الذراع المتحركة التي بإمكانها التقاط الأشياء، وكاميرا صغيرة لديها القدرة على البث المباشر، والمحركات التي تحرك الروبوت والتي يمكن تشغيلها بسرعتين بطيئة وسريعة.
ويضيف خضر أن الروبوت يمكن أن يصل لأماكن خطرة لا قدرة للإنسان على الوصول إليها، إذ تمت برمجة العقلين المستخدمين في الروبوت من خلال الذكاء الصناعي وباستخدام اللغة البرمجية "++C"، وأنه يمكن تطوير الروبوت باستخدام لغات أخرى أكثر تقدما كلغة جافا، كما يمكن صنع تطبيق على الهاتف للتحكم به بالكامل.
وكلف المشروع قرابة 700 دولار أميركي دون أي دعم مالي من وزارة التعليم العالي أو جامعة الموصل، بحسب خضر.
مشروع طالبات
يتمحور مشروع الطالبات ملاك مقداد وميلاد قحطان ومريم فراس حول مراقبة الوضع الصحي للمريض عن بعد من خلال إرسال بياناته الصحية كضغط الدم والسكر ونبضات القلب ونسبة الأكسجين إلى الطبيب المشرف مباشرة من خلال الإنترنت.
وتقول ملاك مقداد في حديثها للجزيرة نت إنهن استخدمن الأجهزة الطبية المتوفرة في الأسواق وهي رخيصة الثمن، كجهاز قياس ضغط الدم الرقمي الذي لا تزيد قيمته عن 20 دولارا.
وتضيف مقداد أن الجهاز المستخدم هو للاستخدام المنزلي بالأساس وتم تطويره ليرتبط بالإنترنت ويرسل البيانات إلى خادم (سيرفر) معين يحفظها ويمكن للطبيب الاطلاع عليها في أي وقت من خلال كود خاص.
وعلى الرغم من وجود مثل هذه الأجهزة التي تراقب الوضع الصحي للمريض في المستشفيات، فإن مقداد تؤكد أن الجهاز محمول وصغير الحجم ويغني عن المكوث في المستشفيات لفترات طويلة.
صعوبات
تكمن الصعوبات في هذا المشروع في المعالجات المعقدة التي تطلبت تحويله للاتصال بالإنترنت، غير أن مقداد وزميلتيها استطعن الدخول إلى "IC Chip" للجهاز عن طريق "call to c"، وبعد ذلك تمت معالجات البيانات من خلال جهاز محلل بيانات خاص حوّلها إلى "الهيكسا ديسميل".
وتختتم مقداد حديثها بالإشارة إلى التكلفة الرخيصة جدا للمشروع، وقالت إن تكلفته لم تتجاوز 150 دولارا، وتأتي ذلك في وقت يفيد فيه كثير من المراقبين بأنه لو كان هناك دعم حكومي لمثل هذه المشاريع لاستطاعت الجامعات العراقية أن تغني الدولة عن استيراد كثير من الأجهزة الذكية والمعدات التي تكلف ملايين الدولارات.