الفراشات تدخل البهجة إلى البصرة

الاف الأطفال لم يتسنى لهم رؤية الفراشات على طبيعتها والمرح معها
فاطمة تلاحق الفراشات في حديقة منزلها (الجزيرة نت)

البصرة–عمار الصالح

ببراءة الطفولة تلاحق فاطمة ابنة الخمسة أعوام ما تراه عيناها من فراشات ترفرف بحديقة منزلها في البصرة (جنوبي العراق) التي شهدت مع دخول الربيع انتشار أسراب كبيرة منها في المنازل والشوارع والساحات العامة.

فاطمة واحدة من آلاف الأطفال في البصرة الذين لم يتسن لهم رؤية الفراشات على طبيعتها والمرح معها بعد أن اختفت مثل غيرها من الحشرات والطيور من صورة المدينة نتيجة الجفاف وحالة التصحر التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.

الأمطار والفراش
يقول الناشط البيئي هشام خير الله للجزيرة نت إن الأعداد الكبيرة من الفراشات وصلت من الصحاري العراقية والجزيرة العربية بعد ما شهدته تلك المناطق من أمطار غزيرة غير اعتيادية خلال فصل الشتاء الأخير.

وأضاف أن الأمطار الكثيرة التي هطلت مؤخرا على الصحاري في العراق والأردن وسوريا والسعودية حولتها إلى مروج خضراء وتفتحت أزهارها بكثرة وفقس الفوج الأول منها، وهي تعد بالملايين لتتزاوج هي الأخرى وتعطي جيلا ثانيا يقدر بالمليارات وهو ما وصل إلى البصرة مع فصل الربيع الحالي.

تعرف فصيلة الفراشات التي شهدتها البصرة وبقية المدن في وسط وجنوب العراق بـ"فراش الخبيزاء" والشهير بـ"السيدة الملونة"، وهي من الأنواع المنتشرة عالميا والتي لا تهاجر إلا بعد زيادة أعدادها لتقصد في مسيرتها أوروبا وتستقر في بريطانيا معقلها الرئيس.

يذكر خير الله الذي يهتم بتوثيق الحياة البرية في البصرة أن هذه الظاهرة شهدها العراق في عام 1986 عندما ارتفع معدل الأمطار وما رافقه من فيضانات أسهمت في زيادة أعداد الفراش وهجرتها.

البصرة شهدت انتشارا كبيرا للفراشات بعد الأمطار التي هطلت عليها مؤخرا (الجزيرة نت)
البصرة شهدت انتشارا كبيرا للفراشات بعد الأمطار التي هطلت عليها مؤخرا (الجزيرة نت)

عودة الأمل
بالمقابل يرى الحاج أحمد الموسوي أن وجود الفراشات حالة جميلة أضافت المتعة في مشاهدتها ووفرت حالة من الأمل في إمكانية عودة الحياة إلى طبيعتها السابقة بعد مواسم الجفاف التي عانى منها العراق خلال الفصول الأخيرة.

وأضاف الموسوي -وهو من أهالي البصرة- أن "أغلب الأطفال حاليا غاب عنهم معرفة ورؤية مثل هذه الحشرات التي كنا في أيام الطفولة نحتفي بحضورها في الحدائق".

وذكر أن موسم الأمطار لم يقتصر على عودة الفراشات بل عاد معها طائر السنونو الأسود يحلق في سماء البصرة بعد أن اختفى سنوات.

الفراش يتغذى من رحيق الأزهار ويسهم في تلقيحها (الجزيرة نت)
الفراش يتغذى من رحيق الأزهار ويسهم في تلقيحها (الجزيرة نت)
خوف وحذر
رافق موسم الفراشات حالة من الخوف والحذر لدى الفلاحين خشية تعرض محاصيلهم الزراعية إلى الضرر، كما يقول حسن ناظم الذي لم يعهد هذه الظاهرة في سنوات عمله بزراعة الخضراوات في قضاء أبو الخصيب بمحافظة البصرة.
 
وقال إن وجود أعداد كبيرة من الفراشات خاصة في المزارع التي تزهر محاصيلها خلال الفترة الحالية سببت الذعر من تعرض المزارع للتلف.

وفيما تلاشت مخاوف الفلاحين مع تأكيدات المختصين بعدم وجود أضرار على الزراعة كون هذا الفراش يتغذى من رحيق الأزهار ويسهم في تلقيحها، شكلت ظاهرة انتشار الفراشات حالة من البهجة عند البصريين الذين لم يضيّعوا فرصة تصوير هذه الحشرة وعرضها في صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، احتفاء بما حملته معها من مؤشر على إمكانية عودة الحياة البرية في مدينتهم إلى طبيعتها السابقة.

المصدر : الجزيرة