قصة ضبع جريح تشغل السلطة الفلسطينية وتثير الاحتلال

عوض الرجوب-الخليل

بدأت القصة بمنشور على مواقع التواصل وتطورت لمعضلة سياسية وانتهت بحملة أمنية.. إنها حكاية ضبع صغير قبض عليه مواطن فلسطيني في الخلاء ونقله إلى منزله لعلاجه.

يقول الأربعيني محمود قزاز من منطقة الخليل بالضفة الغربية إنه عثر على صغير الضبع مصابا بعد ضربه بسيارة في شارع عام، فحمله إلى المنزل ونشر صورته على حسابه بفيسبوك، لكن الحدث لم يكن عاديا إذ انتشر الخبر والصورة بسرعة بين أصدقائه وعلى مواقع التواصل.

ولم يتوقف الأمر عند مواقع التواصل بل توافد لمنزله العشرات لأخذ الصور مع الضبع، وهكذا بات "ضبع محمود قزاز" الشغل الشاغل لكثيرين مع ما رافق القصة من سخرية وتهكم.

اتصال إسرائيلي
والضبع حيوان بري غير مألوف فلسطينيا، بل إنه ورد في أغلب قصص الموروث الشعبي على أنه عدو الإنسان ويأكل البشر رغم عدم وجود قصة واقعية وحقيقية تؤكد ذلك.

كل ما سبق ورغم غرابته يمكن استيعابه، كما يقول قزاز وهو أسير سابق، لكن الأغرب والمفاجئ أن تتصل السلطات الإسرائيلية مهددة وتطلب منه تسليم الضبع عند حاجز قريب "حاجز بيت عوا" العسكري جنوب غرب الخليل.

رد قزاز على المتصل من الجانب الإسرائيلي بأن الضبع في مكان آمن، وبإمكانه أن يحضر بنفسه لأخذه، وطلب منه ألا يتصل به ثانية وإذا أراد منه شيئا عليه أن يتواصل مع الارتباط الفلسطيني باعتباره جهة التواصل الرسمية.

ويضيف أن الأمور أخذت منحى آخر أكثر جدية عندما فوجئ بقوة من جيش الاحتلال تفتش ليلا محيط منزله والمكان الذي يوجد فيه الضبع، لكنه وجد الضبع في مكانه عند الصباح.

أما المفاجأة الصادمة بالنسبة للرجل كانت مساء ذلك اليوم، إذ حضرت قوة من الشرطة الفلسطينية لأخذ الضبع، وفوجئ ببيان يقول إنه يجانب الصواب دون دليل.

جاء في بيان شرطة حماية البيئة أنها قامت "بإنقاذ ضبع صغير من الموت بعد قيام أحد الأشخاص بحجزه في الخليل". 

‪الضبع المخطط جزء من الطبيعة الفلسطينية ومهدد بالانقراض‬ (الجزيرة)
‪الضبع المخطط جزء من الطبيعة الفلسطينية ومهدد بالانقراض‬ (الجزيرة)

وأضافت الشرطة أنها توجهت للمنزل وعثرت على ضبع صغير "محتجز بطريقة غير إنسانية"، وبناء على ذلك قامت الشرطة بضبط هذا الضبع وتسليمه لسلطة جودة البيئة من أجل إعادة إطلاق سراحه بالبرية، "كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المشتبه فيه".

ونوه البيان بأن الشرطة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية الصارمة بحق كل من يحاول العبث بالتوازن البيئي الحيواني أو تعريض الحيوانات المهددة بالانقراض للخطر.

ويؤكد قزاز أن ما أثار سخطه المعلومات غير الدقيقة في بيان الشرطة "أنا لم أعرض الضبع للبيع، وجدته مصابا وقمت بعلاجه وأطعمته اللحم، وجاء العشرات لأخذ صور معه، أما الشرطة فقتلت بالرصاص ضبعا قبل سنوات".

ويضيف ساخرا "الضبع حيوان، فكيف سأعامله معاملة "إنسانية"؟! عاملته معاملة حيوانية محترمة".

أعلى المستويات
ويضيف أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه وتحول من منشور عادي وربما ساخر إلى قضية تدخلت فيها سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية وفق أعلى المستويات.

ويقول قزاز ردا على ما اتهموه به "عمر أبو ليلى الشهيد الذي قتله اليهود (قرب رام الله أواسط مارس/آذار الماضي) لماذا لم تنقذوه؟!".

وعلى مواقع التواصل، استمر التفاعل مع قصة الضبع فكتب قزاز نفسه "أول شروط صفقة القرن تسليم الضبع"، وفي ضوء استمرار مشاورات تشكيل الحكومة الفلسطينية كتب آخر "ضبع محمود قزاز أصبح أشهر من أعضاء بعض الفصائل الفلسطينية".

وأعرب نشطاء عن استغرابهم لحجم تداول الإعلام المحلي لقضية الضبع، متجاهلين فيه الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون دفاعا عن حقوقهم وكرامتهم.

رأي مختص
لأنصار الطبيعة رأي فيما جرى، فرغم أن مدير جمعية الحياة البرية عماد الأطرش استغرب تفاصيل القصة، لكنه قال إن الإجراءات المتخذة متوقعة.

وأضاف أن الضبع المخطط جزء من الطبيعة الفلسطينية ومهدد بالانقراض، إذ تقدر أعداده في فلسطين بنحو 400 فقط، وفلسطين ملزمة وفق اتفاقيات حماية التنوع الحيوي بحماية الضباع إضافة إلى أصناف أخرى مهددة بالانقراض وبينها الغزال والذئب والبدن، حيث تصل العقوبة إلى بضعة أشهر.

ودافع الأطرش عن الضبع بأنه جزء من نظافة الطبيعة، فلا يأكل إلا الجيف فضلا عن كونه حيوانا ضعيفا وغير هجومي.

المصدر : الجزيرة