التنقيب عن دفائن الذهب في الأردن.. ملاذ الكثيرين رغم المخاطر

دفائن الذهب المحفورة في الصخر
صائدو الكنوز يبحثون عن الذهب المدفون منذ العهود القديمة (الجزيرة)
بسبب ما يعاني منه الأردن -في العقد الأخير- من ظروف اقتصادية خانقة، أصبح ما يعرف بالتنقيب عن دفائن الذهب، ملاذا للحالمين بحياة كريمة ووسيلة للخروج من مربع الفقر، إذ إن الحديث عن التنقيب ومغامراته، ونجاح تجارب كثيرين وفشلهم، لم يعد سرا لدى عموم الأردنيين، بالرغم من العقوبة القانونية لممارسي هذه الأنشطة، التي تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات.
 
وسط العاصمة عمّان، اصطحبنا صائد الكنوز أحمد العلقة -اسم مستعار- إلى منزل يشتبه في وجود دفائن ذهبية به.
 
خلف المنزل وفي حديقته الواسعة حيث كنا، بدأ العلقة، بإعداد آلة التنقيب عن الذهب، وفحص المكان، للتأكد من صحة ادعاء صاحب المنزل.

وبالرغم من سهولة وصولنا لصائدي الكنوز، كان من الصعب علينا التقاط صور من المكان، إذ يخشى هؤلاء الأشخاص من كشف وجوههم، كي لا يتعرضوا للمساءلة القانونية، لكن العلقة زوّدنا بصور لمواقع سابقة عمل بها.

ولم يلبث العلقة دقائق معدودة حتى تبين له عدم وجود أثر للذهب في باطن الأرض، عندها تغير لون صاحب المنزل وأصيب بخيبة أمل، لكنه أبدى نيته مواصلة الحفر حتى يحصل على كنزه المنشود.

‪صائدو الكنوز يخشون كشف أمرهم خوفا من تعرضهم للمساءلة القانونية‬ (الجزيرة)
‪صائدو الكنوز يخشون كشف أمرهم خوفا من تعرضهم للمساءلة القانونية‬ (الجزيرة)

العلقة الذي ينشط في التنقيب عن دفائن الذهب منذ 14عاما، لم يحالفه الحظ كثيرا، وفي أغلب المرات ينكشف أمره قبل إتمام عملية استخراج الذهب، إذ يروي للجزيرة نت، إحدى القصص التي ضبط فيها متلبسا مع أربعة شركاء من صائدي الكنوز.

فبعد أن رصد العلقة موقعا قرب سكة الحديد العثمانية، في منطقة القطرانة -جنوب العاصمة عمّان- وبعد عملية حفر استمرت يومين، تم كشف أمره بعد رصد إحدى الوحدات العسكرية القريبة من المكان الذي كان يحفر به، وتم ضبط الكنوز ومصادرتها، وتحويل العلقة وشركائه إلى محكمة أمن الدولة، لكن – حسب قوله- خرج من القضية بعد العديد من "الوساطات".

أجهزة الكشف عن الدفائن
العلقة الذي يعمل في مجال الكهرباء، لم يفقد الأمل بتعثر حظه بعد حادثة القطرانة، وقام بادخار مرتبه لاقتناء جهاز لكشف الكنوز والدفائن، ويضيف العلقة أن أسعار هذه الأجهزة يصل إلى 28 ألف دولار، وتتنوع في تقنياتها عبر الليزر أو التصوير الطبقي، ويتم تهريبها من الخارج إلى الأردن عبر مهربين مختصين، لتباع في السوق السوداء، على حد وصفه.

 

‪علامات لمقابر رومانية قديمة مع دفائن كنوز‬ (الجزيرة)
‪علامات لمقابر رومانية قديمة مع دفائن كنوز‬ (الجزيرة)

دفائن يهودية ورومانية وأخرى تركية
يشير العلقة إلى أنه ساد اعتقاد لدى اليهود والرومان، الذين سكنوا الأردن قديما، بأن يدفنوا كنوزهم معهم عند الموت "لينفقوا على أنفسهم بالحياة الأخرى"، الأمر الذي يعزز من فرضية وجود العديد من هذه الدفائن في مقابر جماعية.

ويتابع العلقة أن الأتراك -عندما انسحبوا من البلاد إبان ما يوصف بالثورة العربية الكبرى- قاموا بدفن كنوزهم بجوار السكة الحديد التي أنشأها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لإيمانهم بالعودة بعد الحرب، وقاموا بوضع علامات مستعجلة تشير إلى وجود ذهب مدفون، مثل وجود آثار طلقات نارية على السكة الحديد، أو علامة لهلال أو نجمة مرسومة.

كميات محدودة من الذهب
ويؤكد عالم وخبير الآثار الأردني زيدان كفافي، وجود دفائن ذهبية في باطن الأرض لكن بشكل محدود، ويقتصر على قطع مثل الأساور وعملة الذهب الخاصة بالفترات الرومانية واليونانية والبيزنطية والإسلامية.

وينفي كفافي -للجزيرة نت- وجود كنوز بالكميات التي يتحدث عنها الناس، ويستشهد بتجربته عام 1975، في إحدى الحفريات الأثرية، حيث وجد قطعة لعملة ذهبية، في موقع أثري بمحافظة جرش، شمال غرب الأردن.

ويشير كفافي إلى إمكانية تقديم المواطنين طلب تصريح من الحكومة للتنقيب عن الذهب -شبيه بالتصريح المعطى لبعثات الآثار والجامعات- ويدفع المتقدم مبالغ مالية كبيرة على أعمال التنقيب التي تكون تحت إشراف الدولة والفِرق المختصة، وفي حال تم العثور على الذهب، تقوم الدولة بإعطاء صاحب الأرض حصة منه، بحسب كفافي.

 

‪عالم الآثار الأردني زيدان كفافي يؤكد وجود دفائن ذهبية في باطن الأرض لكن بشكل محدود‬ (الجزيرة)
‪عالم الآثار الأردني زيدان كفافي يؤكد وجود دفائن ذهبية في باطن الأرض لكن بشكل محدود‬ (الجزيرة)

عقوبة التنقيب عن الدفائن
وبحسب الناشط القانوني إياد ملحم، فإن عقوبة التنقيب عن الآثار دون الحصول على رخصة قانونية، هي الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، إضافة لتغريم مرتكبيها بمبلغ لا يقل عن 4236 دولارا، ويسري ذلك على كل من تاجر بالآثار أو ساعد أو شارك أو تدخل أو حرض على ذلك.

جدل مستمر
ينفي نقيب الجيولوجيين الأسبق جورج حدادين، ادعاء المنقبين بوجود دفائن يهودية ورومانية في الأردن، ويصف ادعاءاتهم "بالأساطير التي لا تمت للواقع بصلة"، فبحسبه فإن اليهود لم يسكنوا الأردن سوى فترة بسيطة، تقدر بأربعين عاما، جاءوا فيها محتلين، وقام بإخراجهم الملك الأردني ميشع المؤابي، في عام 851 قبل الميلاد.

المصدر : الجزيرة