المطارات والطائرات المسيرة.. حوادث متكررة وقلق متزايد

A drone flies near an Airbus A340 aircraft in Colomiers near Toulouse, France, October 19, 2017. REUTERS/Regis Duvignau
طائرة مسيرة تطير قرب طائرة "إيرباص أي340" رابضة في مطار قرب مدينة تولوز الفرنسية(رويترز-أرشيف)

برزت في السنوات الأخيرة فوائد لاستخدام الطائرة المدنية المسيّرة في مجالات مثل مراقبة تطور المزروعات، والإخبار بوجود أشخاص في خطر كمتسلقي الجبال، أو إيصال مساعدات طبية للمحتاجين إليها، ولذلك زاد استخدامها، خصوصا أن أسعارها أصبحت في متناول شريحة لا بأس بها من المواطنين.

غير أن ثمة وجها آخر ينطوي على خطورة جراء اقتراب هذه الطائرات من المطارات، وتحليقها على مقربة من الطائرات المدنية.

فقد تسببت طائرات مسيرة يتحكم بها هواة في اضطرابات وتعطل حركة الطيران في عدد من المطارات بأوروبا والمنطقة العربية خلال الأشهر القليلة الماضية، مما نبه السلطات التنظيمية إلى ضرورة وضع مزيد من الضوابط والتشريعات لتلافي تحول هذه الآلات إلى خطر على حركة الملاحة الجوية.

سلسلة حوادث
ذكرت إدارة الطيران الاتحادية بالولايات المتحدة أنه خلال شهري فبراير/شباط 2017 وأبريل/نيسان 2018، رصد ربابنة الطائرات المدنية 6117 طائرة مسيرة في وضع طيران غير آمن قرب الطائرات، وهو ما يفوق بخمس مرات العدد المسجل عامي 2014 و2015.

وفي 22 يناير/كانون 2019، عُطلت الحركة في مطار نيورك قرب نيويورك لبعض الوقت عقب رصد طائرة مسيرة على مقربة من المطار. كما أدى تحليق طائرة مسيرة أخرى قرب مطار غيتويك قرب العاصمة البريطانية لندن إلى إغلاق المنشأة الحيوية لمدة 36 ساعة يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي في ذروة عطلة أعياد الميلاد، وألغيت ألف رحلة وتضرر من ذلك 120 ألف مسافر.

وبعد حادث مطار غيتويك، الذي كلف الخزينة البريطانية 20 مليون جنيه أسترليني في أسبوعين (8 يناير)، أدى رصد طائرة مسيرة إلى إيقاف حركة الرحلات لمدة ساعة في مطار هيثرو البريطاني، وهو ثالث أكثر مطارات العالم من حيث حركة الطيران.

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أوقفت الحركة في مطار دبي الدولي لمدة نصف ساعة بسبب رصد طائرة مسيرة قرب المطار المزدحم بحركة الطائرات. وكلف هذا الإيقاف الإمارات 30 مليون دولار، بمعدل خسارة مليون دولار كل دقيقة حسب خبير الطيران البريطاني أليكس ماتشيراس.

ويضيف الخبير نفسه أن الطائرات المسيرة التي يتحكم بها هواة أصبحت خطرا متزايدا على مطارات العالم، ومنها مطار دبي، وذلك في ظل وقوع حوادث شبيهة لرصد طائرات مسيرة قريبة من المطارات، يتم بعدها مباشرة تعليق حركة الطائرات حرصا على سلامة الركاب.

‪صيني يحمل طائرة مسيرة في ميدان تدريب بضواحي بكين لنيل رخصة للتحكم بهذا النوع من الطائرات‬ (رويترز)
‪صيني يحمل طائرة مسيرة في ميدان تدريب بضواحي بكين لنيل رخصة للتحكم بهذا النوع من الطائرات‬ (رويترز)

وفي الوقت الذي تسعى فيه السلطات التنظيمية في دول العالم لتشجيع وتأطير الاستخدامات الإيجابية للطائرات المسيرة، فإنها تضع قواعد ومحددات لتلافي الجانب السلبي لها.

ويقول العديد من الفاعلين بقطاع الطيران العالمي إن القلق من مخاطر الطائرات المسيرة على حركة الطيران سيظل قائما ما لم تدمج هذه الطائرات الصغيرة ضمن نظام مراقبة حركة الملاحة، خصوصا أن العديد من المطارات وهيئات الطيران المدني والحكومات ليست جاهزة بعد للتعامل مع حوادث اقتراب الطائرات المسيرة من المطارات والطائرات وهي في الأجواء.

ويرى البعض أن الخطر يأتي أساسا من مستخدمين سيئي النيات لا يسجلون طائراتهم المسيرة لدى السلطات، لكي يمكنهم مخالفة القوانين المنظمة لتحليق هذه الطائرات دون أن يتم رصدهم، وبالتالي يتجنبوا الوقوع تحت طائلة المتابعة القانونية.

‪جندي أميركي من المارينز يحمل جهازا للتشويش يتيح التحكم في الطائرات المسيرة‬ (رويترز)
‪جندي أميركي من المارينز يحمل جهازا للتشويش يتيح التحكم في الطائرات المسيرة‬ (رويترز)

الحلول والخيارات
– أعلنت الحكومة البريطانية في النصف الثاني من فبراير/شباط الماضي تشديد التشريعات المتعلقة باستخدام الطائرات المسيرة قرب مطارات البلاد، إذ حظر تحليقها في دائرة حول المطارات يبلغ قطرها خمسة كيلومترات، وذلك لضمان سلامة حركة الملاحة الجوية. وسيدخل هذا الحظر حيز التنفيذ يوم 13 مارس/آذار الحالي. كما تعمل حكومة لندن على إصدار قانون يعطي جهاز الشرطة صلاحية إيقاف وملاحقة الأشخاص الذين يجعلون طائراتهم المسيرة تحلق ضمن النطاق المحظور حول المطارات.

– أدخلت العديد من الشركات المشهورة في مجال تصنيع الطائرات المسيرة معطيات إلكترونية جديدة ضمن منظومة تشغيل هذه الآلات، بحيث تمنعها تلقائيا من الطيران فوق المناطق المحظورة بموجب التشريعات القائمة.

– اقتربت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) من وضع نظام إدارة لحركة مرور الطائرات المسيرة في الاختبار النهائي. وتخطط ناسا بالتعاون مع إدارة الطيران الاتحادية لاستعراض قائمة كبيرة من التقنيات، بما في ذلك قدرات الكشف والتفادي المدمج بالطائرات المسيرة، والاتصالات من مركبة إلى أخرى، وتجنب الاصطدام، بالإضافة إلى تقنيات الهبوط الآمنة التلقائية.

– بسبب المخاطر المترتبة على استخدام أسلحة تقليدية مثل الصواريخ والليزر لإسقاط طائرة مسيرة في مناطق مدنية مكتظة، فقد تم إنتاج منظومات إلكترونية تتيح التشويش على منظومة قيادة الطائرة والتحكم بها وإنزالها على الأرض. وفي هذا الإطار أنتجت شركة "رايثون" الأميركية المتخصصة في تصنيع الأسلحة نظاما تكنولوجيا للتحكم في الطائرات المسيرة بطريقة سريعة بعد رصدها بواسطة مستشعرات متقدمة.

وقد طلبت إدارة مطار غيتويك عقب الحادث الشهير الذي وقع في ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ من الجيش البريطاني نصب معدات للتشويش على حركة الطائرات المسيرة حول المطار، وهو الشيء نفسه الذي فعله مطار هيثرو.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية