شاهد: شباب متلازمة داون بغزة يحاربون إعاقتهم بصناعة الدمى

جمانة عماد-غزة

داخل جمعية الحق بالحياة شرق حي الشجاعية بمدينة غزة، يجلس عشرة من المصابين بمتلازمة داون، يعملون بجد واجتهاد لإنتاج الدمى، حتى تكون مهنتهم في المستقبل القريب.

فخلف طاولة مستطيلة تجلس إيمان (14 عاماً) برفقة زملائها التسعة، تلتقط الإبرة لتغرسها داخل قطعة القماش، وتساعدها هيا (20 عاماً) في وضع العيون بالمكان المناسب، وعمر (18 عاماً) يضع القطن الأبيض داخل تلك القماشة، لتنتفخ وتأخذ شكل الدبدوب، وأخيرا يتشاركون سويا حياكتها حتى تصبح جاهزة للتسويق.

يأتي هذا النشاط ضمن أنشطة المبادرة الشبابية "أصحاب الهمم" التي تهدف لدمج المصابين بمتلازمة داون.

باب سعادة
إيمان الطناني (14 عاماُ)، وهي إحدى المشاركات، تقول في حديثها للجزيرة نت "تعلمت بمساعدة المشرفين كيفية صناعة الدمى، وأنا سعيدة جدا لأني تمكنت من صناعة عدد من الدمى بمشاركة عدد من زملائي وزميلاتي في الجمعية".

‪إيمان بالمرحلة الأخيرة من صناعة دمية‬ (الجزيرة)
‪إيمان بالمرحلة الأخيرة من صناعة دمية‬ (الجزيرة)

وتضيف وبيدها دمية زرقاء اللون شاركت بصناعتها "صنعت الدمى داخل الجمعية، وسوف أحصل على الفلوس لتوفير مصروفي الشخصي، ومساعدة والدتي، وأتمنى أن يكون لي متجر خاص لبيع الدمى".

وفي هذا السياق يقول فداء اللداوي منسق مبادرة "أصحاب الهمم" الذي يتولى مهمة تدريب الطلبة على صناعة الدمى في حديثه للجزيرة نت "إن المصابين بمتلازمة داون يعانون من عدم الحصول على فرص عمل، نتيجة لظروفهم التي لازمتهم منذ الولادة، لذلك قررنا تخصيص نشاط خاص بهم ضمن أنشطة المبادرة".

فرصة عمل منتج
ويضيف اللداوي "صناعة الدمى كانت النشاط الأنسب للمصابين بمتلازمة داون، فتوجهنا لجمعية الحق بالحياة، والتي تقدم الرعاية الكاملة لهؤلاء الأشخاص، وتم اختيار عشرة من طلبة المستوى المتوسط، والذين لديهم القدرة على الاستيعاب والعمل للإنتاج والانخراط في سوق العمل مستقبلا".

ويواصل حديثه "تم اختيار مهنة صناعة الدمى، لأنها تخلو من الصعاب ولا يوجد بها أدوات حادة من شأنها إيذاء المشاركين، وتكون لهم مهنة مستقبلية يتغلبوا من خلالها على مصاعب الحياة".

‪فريق العمل‬ (الجزيرة)
‪فريق العمل‬ (الجزيرة)

ويفيد اللداوي بأن ما ينتجه المشاركون يتم تسويقه من خلال مؤسسات وشركات ومكتبات، بما يساعد على شراء أقمشة وماكينات خياطة، وزيادة عدد المستفيدين من المبادرة من ذوي متلازمة داون.

ويبين أن الهدف من تلك المبادرة تغيير النظرة المجتمعية السائدة تجاه المصابين بمتلازمة داون، وتقديم الدعم المعنوي والنفسي لهم، إضافة لإيجاد فرص عمل، تضمن لهم حياة كريمة في ظل الأوضاع القاسية التي يعاني منها سكان القطاع منذ عدة سنوات.

وسيلة دعم نفسي
في زاوية أخرى من الورشة داخل مقر جمعية الحق بالحياة، تجلس فاطمة الهباش (55 عاماً) تحاول مساعدة ابنتها فاطمة المصابة بمتلازمة داون على قص القماش وحكايته بشكل يناسب "دبدوب باندا".

تقول في حديثها للجزيرة نت "منذ انطلاق مشروع صناعة الدمى، وأنا أرافق فاطمة لتقديم الدعم النفسي لها، والإشراف على الأعمال التي تنتجها، ففي البداية كانت تشعر بالخوف، ولكن بعد مساندتي لها وتوجيهها، أتقنت تلك المهنة وأصبحت على دراية تامة بها، وأنتجت عددا من الدمى تحت إشرافي".

‪الأمهات يساعدن أبناءهن لصناعة الدمى‬ (الجزيرة)
‪الأمهات يساعدن أبناءهن لصناعة الدمى‬ (الجزيرة)

وتضيف "بعد انتهاء دوام فاطمة من الجمعية أدربها داخل المنزل، وأعلمها مهارات جديدة، في القص والحياكة، على أمل أن تكون تلك المهنة مصدر دخل لها، تتغلب من خلالها على مصاعب الحياة".

وتردف قائلة "بعد أن صنعت فاطمة أول دمية، وعرضت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فرحت فرحا شديدا، لأنها استطاعت أن تتحدى إعاقتها التي لازمتها منذ الولادة، وأثبتت للآخرين أن الإبداع لا تحده الظروف".

اكتساب خبرات عملية
من جهته يقول نبيل جنيد مدير قسم البرامج بجمعية الحق بالحياة للجزيرة نت "هذه الجمعية هي الوحيدة في قطاع غزة التي تقدم الخدمات التعليمية للمصابين بمتلازمة داون، وتؤهلهم لكسب خبرات عملية في عدد من التخصصات، للانخراط في سوق العمل بعد انتهاء فترة تدريبهم داخل الجمعية".

‪يضعون حشوة الصوف داخل الدمى‬ (الجزيرة)
‪يضعون حشوة الصوف داخل الدمى‬ (الجزيرة)

ويضيف "يوجد في قطاع غزة الآلاف من المصابين بمتلازمة داون، تضم الجمعية 1200 منهم، جميعهم لديهم برامج خاصة بهم تساعدهم على الاندماج في المجتمع، وليثبتوا للآخرين أنهم وعلى الرغم من إعاقاتهم فإنهم قادرون على العمل بطاقة إيجابية ودافع نفسي".

المصدر : الجزيرة