التعليم عن بعد بالمغرب.. دروس ومحاضرات للجميع في كل مكان

عبد الغني بلوط-مراكش

يراقب الشاب المغربي مجد على حاسوبه الشخصي درسا في الرياضيات يبث مباشرة لعدد من تلاميذ المرحلة الثانوية في كل من أوروبا وأفريقيا وآسيا، وتظهر على ملامحه علامات الرضا وهو يدون ملاحظاته على سجل خاص بخصوص السير العام للدرس سواء فيما تعلق بأداء الأستاذ أو تفاعل التلاميذ.

ويقول مجد حيكون رئيس جمعية الحسنى للجزيرة نت بعدما يرد على رسالة نصية تصله على الهاتف "نسعى أن نجود خدماتنا التربوية بكل الإمكانيات المتاحة لمؤسستنا" مضيفا أن الفكرة تتلخص في نقل درس حقيقي يتضمن تفاعلا مباشرا بين الأستاذ وتلاميذه بالفصل ويتابعه تلاميذ آخرون من منازلهم أو من أي مكان آخر عبر الإنترنت.

مبادرة فريدة
تعمل الجمعية في مدينة مراكش -بشراكة مع وزارة التربية الوطنية وجمعيات متخصصة، في مبادرة فريدة- على تقديم خدمة التعليم عن بعد أو بالمراسلة لمن لا يستطيعون متابعة دروسهم بالطريقة العادية.

ويفرق حيكون المشرف على هذه المبادرة التربوية بين هذا النوع من التعليم وبين تعليم الفرصة الثانية أو الجيل الجديد، مبرزا أن المستفيدين من داخل المملكة وخارجها هم ممن يريدون الحصول على شهادات تعليمية وفق النظام التعليمي المغربي.

ويوضح أن المستفيدين ينتمون إلى صنفين من التلاميذ أولهما يشمل من هم بعيدون عن المدرسة لوجودهم خارج الوطن، وثانيهما يخص تلاميذ منعتهم ظروف صحية أو اجتماعية أو أسرية من الذهاب إلى المدرسة.

‪‬  تقنية البث المباشر للدرس ومراقبة أعمال التلاميذ(الجزيرة)
‪‬  تقنية البث المباشر للدرس ومراقبة أعمال التلاميذ(الجزيرة)

ضد الإدمان
يزور حيكون مركز طب الإدمان بحي الملاح بالمدينة القديمة كل مرة دعت الضرورة إلى ذلك، ينعش وجوده بالمركز آمال العديد من التلاميذ الذين يحفزهم على إتمام دراستهم في حين يشرح المدرب/المشرف بجمعية باراكا إدمان الشاب محمد بباش أن فكرة التعليم عن بعد مناسبة لفئات من المراهقين والشباب الذين انقطعوا عن المدرسة ويرفضون العودة إليها بسبب عدم قدرتهم على التأقلم لإصابتهم بـ "مرض الإدمان".

ويضيف بباش أن الشراكة بين جمعيتهم وجمعية الحسنى حوالي 16 تلميذا بين ذكور وإناث من استئناف دراستهم قصد الحصول على شهادة نهاية الدروس الإعدادية التي ستمكنهم من مواصلة مشوارهم الدراسي في التكوين المهني وبعدها الاندماج في سوق الشعل.

‪يشيد بالتعاون مع جمعية الحسنى‬  بباش(الجزيرة)
‪يشيد بالتعاون مع جمعية الحسنى‬  بباش(الجزيرة)

في المستشفى
يهتم حيكون بتلاميذ يمنعهم مرض القصور الكلوي من متابعة الدراسة ويهدد مستقبلهم المهني والاجتماعي بعدما حرصت جمعية الحسنى أيضا على عقد شراكة مع جمعية عطاء الموجودة داخل المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش. 

وتقول رئيسة جمعية عطاء الشابة حسناء سمان للجزيرة نت إن الأطفال المرضى المقيمين داخل المستشفى يبتعدون عن أجواء الفصول الدراسية مما يصيبهم بالملل والإحباط، وإن التعليم عن بعد فتح نافذة أمل جديدة لهؤلاء التلاميذ من أجل متابعة دراستهم والتمسك والعودة إلى المدارس متى أتموا العلاج.

وأطلقت وزارة التربية الوطنية حملة واسعة لتنزيل مفهوم التربية الدامجة التي تمكن ذوي الإعاقة من متابعة دروسهم وفق قدرتهم البدنية والذهنية، ويقول رئيس جمعية الحسنى إن التعليم عن بعد يندرج في إطار هذا المفهوم وإن المستفيدين من المشروع يجب أن يتوفر لديهم حد أدنى من الاستيعاب.

 ويضيف أن طفلة "قمرية" -لا تستطيع التعرض لضوء الشمس من مدينة الرباط- تستفيد من المبادرة، وتفاعلها الإيجابي يحث الجمعية على البحث عن حالات مشابهة.

أسف
يحرص الشاب مجد على ترتيب الملفات الخاصة لتلاميذ لا يستطيعون متابعة دروسهم عن بعد، ويقول "هذه ملفات تلاميذ من الفئات المهمشة ممن لا يستطيعون توفير الإنترنت في منازلهم لعدم قدرة أسرهم على تحمل تكلفتها المالية".

‪نسعى أن نجود خدماتنا التربوية بكل الإمكانيات المتاحة لمؤسستنا‬ حيكون:  (الجزيرة)
‪نسعى أن نجود خدماتنا التربوية بكل الإمكانيات المتاحة لمؤسستنا‬ حيكون: (الجزيرة)

ويضيف "نسعى لعقد شراكات مع جهات حكومية أو غير حكومية للتكفل بهؤلاء ونهدف إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من التلاميذ المغاربة في كل دول العالم".

مغاربة العالم
يتطلع عدد من المغاربة القاطنين بالخارج أن يحصل أبناؤهم على شهادات مدرسية رسمية وفق النظام التعليمي المغربي، ويقول مجد "بفضل نشاطنا على مواقع التواصل تصل خدمة جمعيتنا إلى 17 تلميذا مغربيا عبر العالم بعدد من الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وألمانيا، ونقدمها لتسعة تلاميذ بالدول العربية منها قطر وتونس والسعودية والإمارات، ويبرز ما نتلقاه من ملاحظات إيجابية، مما يجعلنا نفكر في تطوير جودة البث وسرعة الرد على الاستفسارات وتجويد التفاعل بين الأطر التربوية والتلاميذ".

المصدر : الجزيرة