"تاونزة".. بوابة أمل لتعليم مختلف بالجزائر

Said سعيد - أطفال تاونزة في مسابقة داخلية للروبوت مع تهاية الموسم المنصرم شهر ماي 2018،غرداية،الجزائر. (3) - مدرسة تاونزة العلمية.. تسعى لتعليم مختلف بالجزائر

هشام بومجوط–غرداية (الجزائر)

في قلب صحراء الجزائر، وعلى بعد ستمئة كيلومتر من العاصمة، تشرئب رقاب الأطفال شوقا للعلم وطلبا للمعرفة، غير أنهم لا يجدون غالبا إلا تعليما يرتكز على الحفظ، ولا يضيف شيئا يبني قدراتهم وينمي مهاراتهم.

هذا الواقع دفع عددا من المتخصصين إلى إنشاء مدرسة "تاونزة" العلمية الخاصة في عام 2007 سعيا لتقديم نمط تعليمي مختلف.

و"تاونزة" كلمة أمازيغية تعني "الأمل"، واختيرت اسما لهذه المدرسة الخاصة على أمل أن تصبح ذات يوم رمزا للعمل والتفوق.

وبالفعل، وخلال فترة وجيزة لا تزيد على 11 موسما دراسيا، تمكنت المدرسة من منافسة أقوى وأقدم المدارس محليا وعربيا، وحصلت على المراتب الأولى في الاختبارات المحلية، كما توجت بالعديد من الجوائز على المستوى الدولي.

وفازت المدرسة بالمرتبة الأولى في أولمبياد اللغة الإنجليزية في العمل الجماعي بالأردن في مايو/أيار 2018 حول موضوع الصحة، واحتلت المركز الرابع في مسابقة تحدي القراءة العربي بالإمارات عام 2016، كما حققت المركز الثالث في مسابقة قطار المعرفة في دبي مرتين على التوالي عامي 2014 و2015.

‪تلاميذ مدرسة تاونزة في مسابقة الأولمبياد العالمي للغة الإنجليزية بالأردن‬ (الجزيرة)
‪تلاميذ مدرسة تاونزة في مسابقة الأولمبياد العالمي للغة الإنجليزية بالأردن‬ (الجزيرة)

نجاح هذه المدرسة لم يكن سهلا، بل كان ثمرة جهود مضنية وعمل جماعي، حسب ما أكده مدير العلاقات العامة للمدرسة إلياس الحاج موسى الذي أوضح أن المدرسة تتبنى منهجا خاصا في العمل استمد من تجارب مختلفة عبر العالم.

وأشار الحاج موسى إلى أن المدرسة تتميز عن المدارس الحكومية بإضافة تعليم اللغتين الإنجليزية والفرنسية منذ السنة الأولى ابتدائي، ومادتي الإعلام الآلي والروبوت، إضافة إلى مادة الإبداع.

وخلافا للمدارس الحكومية التي تعتمد على مدرس واحد لتلقين التلاميذ كل المواد المقررة، تخصص مدرسة تاونزة معلما لكل مادة، اعتقادا بأن الطريقة الأولى ثبت علميا أنها منافية لقواعد التعليم الحديث.

وشرعت المدرسة مؤخرا في إنشاء نادي المقاولاتية لتلاميذ الطور الثانوي، وهو ناد يهدف إلى تلقين التلميذ فنيات إدارة المشاريع، وإعداده لتولي مسؤوليات أو إنشاء مشاريع في المستقبل.

تلاميذ تاونزة مع مدير المدرسة  ومدير العلاقات العامة في ملتقى آسيا للعلوم بكوريا الجنوبية (الجزيرة)
تلاميذ تاونزة مع مدير المدرسة ومدير العلاقات العامة في ملتقى آسيا للعلوم بكوريا الجنوبية (الجزيرة)

وقال الحاج موسى إن المدرسة تحرص على التجديد المستمر في المقرر الدراسي، وإدراج مواد جديدة حسب الحاجة، والسعي لأن تكون "تاونزة" مدرسة متعددة الفرص تعنى بتنمية قدرات التلميذ وذكائه من كل النواحي.

ولهذا الغرض تحرص المدرسة على تنظيم "معتكف الرباط البحثي"، وهو فضاء سنوي يجمع أساتذة المؤسسة خلال أسبوعين في فترة الصيف من أجل البحث وإعداد مناهج دراسية جديدة، أو إعداد مؤلفات تساعد التلاميذ وأوليائهم على فهم المقررات الدراسية ومتابعتها.

وللربط بين المدرسة والأسرة تأسس مشروع "وسام الأسرة الفاعلة" بهدف تحقيق التواصل الفعال والمستمر بين البيت والمدرسة.

كما تحرص المدرسة على توظيف الوسائط التكنولوجية لتعزيز التواصل بين أولياء التلاميذ والأساتذة والإدارة.

جانب من مشاركة تلاميذ مدرسة تاونزة في البطولة العربية للروبوت في مصر (الجزيرة)
جانب من مشاركة تلاميذ مدرسة تاونزة في البطولة العربية للروبوت في مصر (الجزيرة)

أيمن عباس الذي يتابع دراسته في الطور الثانوي، يرى أن المدرسة وفرت له ولأقرانه فرصة لتنمية مهاراتهم المختلفة، ومكنتهم من تعزيز قدراتهم في المواد العلمية مع التحكم المبكر في اللغة الإنجليزية.

وتعمل إدارة المدرسة على متابعة المستجدات والتطورات الحاصلة في عالم التربية عبر المشاركة في المؤتمرات العربية والدولية.

كما تسعى الإدارة لإزالة كافة العقبات التي تعرقل عمل أفراد المؤسسة والاستماع لاهتماماتهم وانشغالاتهم عبر بطاقات متوفرة في كافة أرجاء المدرسة تمكن من تدوين هذه الانشغالات والملاحظات، التي تتم مناقشتها كل أسبوع.

ووضعت الإدارة أيضا نظام حوافز قويا للطاقم التربوي من خلال تخصيص منح مالية للمجتهدين من المعلمين وتقييم جهودهم مع نهاية كل موسم.

تلاميذ مدرسة تاونزة في مسابقة داخلية للروبوت (الجزيرة)
تلاميذ مدرسة تاونزة في مسابقة داخلية للروبوت (الجزيرة)

تجربة المؤسسة تلقى إشادة من الجهات الرسمية في الجزائر، واعتبر مدير التربية بولاية غرداية عمر تيباني أن المدرسة بلغت مستوى تربويا عاليا، وأصبحت نموذجا يمكن الاقتداء به.

وهنا يرى مدير المدرسة ياسين سليمان بوعصبانة أن الانفتاح على العالم ضرورة ملحة لمواكبة كل جديد في المجال.

وفي هذا السياق، مثلت المدرسة الجزائر في مناسبات علمية مختلفة بعدد من الدول، ومن بينها قطر وكوريا الجنوبية والأردن ومصر وسلطنة عمان وفرنسا، كما وقعت العديد من اتفاقيات التعاون مع جهات داخل الجزائر وخارجها بهدف التطوير والتحسين المستمر لمخرجات التعليم.

النجاح الذي حققته المدرسة شجع إدارتها على السعي لنقل التجربة إلى مناطق أخرى بالجزائر، ويتم حاليا الإعداد لفتح فرع جديد للمدرسة في العاصمة الجزائرية حسبما أكده مدير المدرسة.

المصدر : الجزيرة