جزر الأميرات ببحر مرمرة تودع "الحنطور"

Coachmen of horse-drawn carriages wait for customers on Grand Island which is one of the nine Prince Islands in Marmara Sea, near Istanbul, Turkey on Tuesday 03 May 2005. Princes Islands, also known as Istanbul Islands, are a popular escape from the city for citizens and toursits. Transportation on the islands is provided with carriages since motor traffic is not allowed. EPA/KERIM OKTEN
عربات حنطور متجمعة في كبرى جزر الأميرات التي ستغيب عنها هذه العربات لتحل محلها سيارات كهربائية (الأوروبية-أرشيف)

خليل مبروك-إسطنبول

بعد جولة لا تزيد على 15 دقيقة بمحاذاة الشاطئ المحيط بالجزيرة الكبرى "بيوك أدا"، والذي يبلغ طوله نحو 2300 متر، يطلب "الحنطورجي" أرام كولتشو من الركاب الهبوط في إحدى الاستراحات لبعض الوقت، لينشغل بدوره في سقاية الخيل ومسح أعناقها بالماء ليخفف عنها قليلا من قيظ شهر أغسطس/آب.

يجهل كولتشو ما ستؤول إليه أحواله عندما يتخلى عن خيله، لكنه يتوقع أن تبادر الحكومة لتنفيذ برنامج يعيد تأهيله مع زملائه لقيادة السيارات الكهربائية التي ستحل مكان الأحصنة في نقل الزوار والسياح بجزر الأميرات.

وتعمل إحدى الشركات التركية على تصنيع عربات كهربائية شبيهة بالسيارات الكلاسيكية القديمة لتحل محل عربات الخيل التي يستخدمها السياح وزوار الجزيرة من المحليين والأجانب على السواء.

وتقول سلطات السياحة التركية إن العربات الجديدة ستحل مشكلة التلوث والروائح الكريهة التي يخلفها تنقل مئات العربات التي تجرها الخيول في الجزيرة يوميا.

كما ستحد هذه الخطوة من انتهاكات حقوق الحيوان، إذ تعمل الخيول ساعات طويلة في نقل الركاب داخل الجزيرة التي لا تتحرك في شوارعها السيارات والحافلات.

‪أرام كولتشو: الخيول رفيقةٌ لساستها وليست مجرد وسيلة نقل‬ (الجزيرة نت)
‪أرام كولتشو: الخيول رفيقةٌ لساستها وليست مجرد وسيلة نقل‬ (الجزيرة نت)

عنوان الجزيرة
وتمثل قيادة عربات الخيول في الجزيرة مصدر رزق لكثير من سائقي الحنطور الذين يتوجب عليهم إما تأهيل أنفسهم للعمل في قيادة السيارات الكهربائية أو البحث عن أعمال جديدة.

لكن أرام يؤكد للجزيرة نت أن أصحاب الخيل يحسنون سياستها، فيقدمون لها الطعام والشراب اللازمين ويمنحونها وقت الراحة الكافي، معبرا عن أمله في أن لا يدخل قرار الاستبدال حيّز التنفيذ.

ويوضح أرام أن الخيول رفيقة لساستها وليست مجرد وسيلة نقل توفر لهم الدخل وقوت اليوم. وبوسع سائس الخيل في الجزيرة قيادتها في جولة الحنطور لما بين أربع وست مرات في اليوم الواحد، بحسب الطلب الذي يتناسب مع عدد الزوار.

ويجني سائق الحنطور الذي يقوده حصانان سبعين ليرة تركية (قرابة 15 دولارا) من كل جولة، مما يجعل العمل على الحناطير مصدر دخل معقول للعاملين في قيادتها.

أما بالنسبة للسياح فتمثل الخيول معلما فلكلوريا تمتاز به جزر الأميرات التي لا تدخلها السيارات العادية ويصعب التنقل على متنها باستخدام المواصلات التقليدية.

تقول سائحة أسكتلندية التقتها الجزيرة نت إنها سبق أن زارت جزيرة بيوك أدا عام 2007 وعادت لها اليوم، فلم تذكر من معالمها إلا صوت الخيول ومنظرها وهي تقطع الشوارع.

‪نحو سبعة آلاف تركي يقطنون جزر الأميرات لكنها تكتظ خلال النهار بالزوار والسياح‬ (الجزيرة نت)
‪نحو سبعة آلاف تركي يقطنون جزر الأميرات لكنها تكتظ خلال النهار بالزوار والسياح‬ (الجزيرة نت)

تغيرات العصر
لكن تلك السائحة لا تخفي انزعاجها من رائحة روث الخيل المنبعث في أجواء الجزيرة خاصة خلال أسابيع الحر الشديد التي تكاد تنحصر بين شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب من كل عام.

ووفقا للسلطات التركية فإن المهندس التركي خلوق شاهين يقود مشروعا تعهدت تنفيذه شركة تركية بولاية دنيزلي غربي البلاد لإنتاج السيارات الكهربائية.

وتمتاز السيارة المنتظرة بخصائص صديقة للبيئة من حيث قدرات المحرك وانخفاض الضجيج الصادر عنه والشكل الكلاسيكي الجذاب للركاب، لتحل محل الحنطور.

ويمكن للسيارات الجديدة قطع مسافة ثمانين كيلومترا دون الحاجة للتزود بالشحن الذي يستغرق أربع ساعات في كل مرة. وينسجم التوجه إلى العربات الكهربائية مع طبيعة المجتمع التركي الذي يراعي بشدة حقوق الحيوانات ويجعل رعايتها جزءا من قواعده الأخلاقية.

ووفقا لمصادر صحفيةٍ تركية، فإن 1500 حصان تتواجد في جزر الأميرات تشغّل قرابة 285 عربة تستخدم في نقل السياح.

وجزر الأميرات -أو الجزر الحمراء- هي تسع جزر وصخرتان في المنطقة الشمالية الشرقية من بحر مرمرة قرب إسطنبول، من بينها خمس مأهولة منذ العهد البيزنطي.

وتعد جزيرة "بيوك أدا" أكبر الجزر إذ تبلغ مساحتها 5.4 كيلومترات مربعة ويقطنها قرابة سبعة آلاف تركي يشكلون حوالي نصف تعداد سكان الجزر الخمس، لكنها تبدو شديدة الازدحام نهارا بسبب السياحة وحركة الزوار.

المصدر : الجزيرة