حذاء التزلج.. حافلة سفر فردية في باكستان

براء هلال-إسلام أباد
 
هي عودة بذاكرة الزمن الجميل إلى الوراء، إلى أيام السفر على الأقدام، لكنها عودة إبداعية أطلقها بلال، الشاب الباكستاني الذي لا يزال في مقتبل العشرينيات، حين نفذ فكرته المجنونة التي كانت تداعب خياله.
 

سافر بلال من العاصمة الباكستانية إسلام أباد إلى قريته في مردان بإقليم خيبر مستغنيا عن كل الحافلات ووسائل النقل، قاطعا مسافة 140 كلم راكبا حذاءه المطاطي ذو العجلات.

كان بلال يذهب إلى مدرسته كل صباح قاطعا مسافة طويلة سيرا على أقدامه أحيانا، وجريا في منافسة أخيه شهزاد أحيانا أخرى، مما حدا به إلى أن يصبح عدّاء من النوع الفريد.

حصل في طفولته على عدد من الميداليات والجوائز، وأبرز تلك الجوائز كان حذاء ذا عجلات، بعد أن فاز بسباق الضاحية في مدرسته، ومن ذلك اليوم بدأ المشوار.

  بلال وفريقه من أجمل المناظر التي تجذب قلوب السياح وسكان المدينة وتبهر الناظرين(الجزيرة نت)
  بلال وفريقه من أجمل المناظر التي تجذب قلوب السياح وسكان المدينة وتبهر الناظرين(الجزيرة نت)

جذب السياح
أصبح بلال اليوم مع فريقه من الأطفال الصغار الذين يتزلجون بأحذيتهم في الطرقات والحدائق وسط العاصمة، من أجمل المناظر التي تجذب قلوب السياح وسكان المدينة وتبهر الناظرين.

لكن ذلك لم يكن يشبع رغبة في نفس الفتى الطامح الذي كان يرغب في أن يحدث ثورة في مفهوم الرياضة على حد وصفه، حيث أكد في حديثه للجزيرة نت أنه كان يسعى لأن تصبح الرياضة جزءا من حياة الناس تخدم مصالحهم وشؤون معيشتهم لا أن تظل مجرد هواية تمارس لدقائق قليلة في اليوم.

كان بلال يلح على أخيه شهزاد لتنفيذ تلك المحاولة المجنونة، بالاستغناء عن الحافلة تماما لدى زيارتهم الأسبوعية إلى قريتهم والتزلج إليها على أقدامهم.

يقر بلال أنها كانت فكرة ساذجة في البداية ووجهت بالسخرية، ولكنه يستدرك "نقلتني هذه التجربة مع أخي شهزاد إلى عالم النجومية الرياضية نقلة نوعية منذ نشرت مقطع الفيديو أول مرة". وأتموا الرحلة في وقت قياسي استغرق أربع ساعات، رغم أنه ضعف المدة التي تستهلكها السيارة عادة.

وقد أضحى هذا السفر الطويل عادة لدى الأخوين، لكن لم تعد المرات اللاحقة مثل المرة الأولى، حيث يقول بلال "إننا لم نعد وحدنا، ففي كل مرة ترافقنا وسائل الإعلام والهواة والمشجعون، بسياراتهم ودراجاتهم، لقد أصبح لدينا أصدقاء كثيرون، وأصبحنا مشهورين جداً".

الطفل داود يرى التزلج متعة حقيقية إذ صار أسلوب حياته(الجزيرة نت)
الطفل داود يرى التزلج متعة حقيقية إذ صار أسلوب حياته(الجزيرة نت)

حركات بهلوانية
ويصطف المشجعون لبلال ومن معه في المدن والقرى التي يجتازها وصولا إلى قريته، ويوزعون عليهم الماء البادر والعصائر ويلتقطون معهم صورا تذكارية ولا ينسى أن يستعرض أمامهم بعض حركاته البهلوانية كالسير على قدم واحدة أو الدوران على رؤوس الأصابع والشقلبة في الهواء.

لقيت مبادرة الرياضيين الشابين صدى واسعاً في الأوساط المحلية والإعلامية وصار يتدفق المتدربون على ناديهم من كل حدب وصوب ومن كافة الفئات العمرية، حيث يقوم بلال وأخوه بتدريب الصغار على التزلج في الأماكن العامة والمفتوحة والأسواق.

ويسعى بلال لجعل حذاء التزلج ثقافة مواصلات جديدة تشكل جزءا من منظومة النقل في المستقبل بعيدا عن وسائط النقل الآلية، لأن الاعتماد على حذاء التزلج واسطة للتنقل في الهواء الطلق ضمن المدينة نشاط صحي ورياضي يفيد الجسم، ولا يسبب ازدحاما في السير ولا تلوثا للبيئة، على حد وصفه.

وقال داود، وهو طفل تدرب على يد بلال، إن التزلج متعة حقيقية إذ صار أسلوب حياته، ولم يعد مجرد هواية، فهو يذهب بحذائه إلى المدرسة ولم يعد بحاجة لانتظار الحافلة كل صباح، وأصبح منظر الحذاء ذي العجلات مألوفا لدى زملائه ومدرسيه.

ويوجه داود الذي يتدرب مع أخته سمية رسالة إلى أصدقائه قائلا "بلال كان الشعلة التي جعلت الفكرة واقعا.. بلال يسافر متزلجا على أقدامه.. كن مثل بلال".

المصدر : الجزيرة