شباب مغاربة يدعمون السياحة بمغامرة من قمة جبل "توبقال"

تقرير نوادي السياحة/شباب مغاربة حولوا شغف المغامرة لعمل سياحي منظم
أحد الشباب المغامرين فوق قمة جبل توبقال بالمغرب (الجزيرة)

مريم التايدي-الرباط

يقضي مصطفى معظم أيام الأسبوع في دوامة العمل بإحدى بنوك الدار البيضاء، لكنه يتحول إلى مغامر نهاية الأسبوع، حيث أصابه عشق البادية وحب الأدغال منذ الصغر، وعندما أتعبته حياة المدينة المثقلة بالقلق وجد في السفر ملاذا.

تسلق مصطفى قمة جبل "توبقال" (أعلى قمة في شمال أفريقيا) أكثر من 18 مرة.. لم تكفِه متعته فراح يقتسمها مع الجمهور عبر الفيسبوك، ودعا إلى "الرفقة"، فانتقل من رحلة جماعية مرة كل شهر، إلى ثلاث رحلات ضمن مجموعات صغيرة تصل إلى 14 شخصا.

‪مصطفى عشق المغامرات والتحدي منذ الصغر‬ (الجزيرة)
‪مصطفى عشق المغامرات والتحدي منذ الصغر‬ (الجزيرة)

يقول مصطفى للجزيرة نت "أردت أن أتقاسم هذه المتعة وأعرّف بحياة البادية وحياة الأدغال"، مؤكدا أنها أنعشت السياحة وخلقت فرص العمل، وساعدت في التعريف بالمناطق المعزولة.

مصطفى واحد من مجموعة من الشباب في المغرب الذين حولوا شغفهم بالمغامرات وتسلق الجبال إلى عمل سياحي منظم، فانتظموا في نواد ومجموعات، ونظموا الرحلات إلى قمم ومنتزهات. وعبر منصات التواصل الاجتماعي أطلقوا العروض والمقترحات لزيارة أماكن كانت حتى وقت قريب مقتصرة فقط على الأجانب والهواة.

حركة ساهم فيها بشكل كبير مرشدو السياحة الجبلية، وساهم في انتعاشها اقتسام الصور عبر الفيسبوك.

حسن أثناء إحدى رحلاته اليومية بتوبقال (الجزيرة)
حسن أثناء إحدى رحلاته اليومية بتوبقال (الجزيرة)

مصدر رزق
يقول مرشد السياحة الجبلية حسن اد بوسالم للجزيرة نت إن تسلق جبل توبقال بالنسبة له مشوار شبه يومي، حيث يصعد إلى قمته ثلاث مرات أسبوعيا.

تمرن حسن على يد أبيه، وعمل مع كبريات وكالات السفر، وتدرج من المساعدة في الطهي بمأوى في إمليل (نقطة انطلاق الراغبين في تسلق توبقال، بضواحي مراكش) ونقل أمتعة المتسلقين بالبغال، إلى امتلاك وحدة سياحية تقدم جميع الخدمات من بداية الرحلة إلى نهايتها.

ينجح حسن بمهارة في التوفيق بين مهام كثيرة وحساسة في الوقت ذاته، ويدير فريق عمل من مرشدين وحمالين وطباخين ومساعدين في المأوى، دون أن تفارقه ابتسامته.

ويؤكد أن المجموعات الشبابية التي تأتي عبر الفيسبوك أصبحت في السنوات الأخيرة مصدر رزق، وسببت انتعاشا حقيقيا للخدمات المقدمة في هذا المجال.

‪رشيدة فوق قمة جبل توبقال‬ (الجزيرة)
‪رشيدة فوق قمة جبل توبقال‬ (الجزيرة)

قصة رشيدة
أما رشيدة عاشقة السفر والمغامرة والتحدي، فتحكي للجزيرة نت قصتها مع رحلة "توبقال" في الشتاء والصيف، ونكهة الفوز والانتصار رنانة في صوتها "كنت أقوم برحلات بسيطة لا مشقة فيها رفقة العائلة، لكن طموحي كان الوصول إلى أماكن وعرة".

تضيف وقد زادت نبرة الفوز في صوتها أن "الصعود إلى توبقال مدرسة تعلّم الإصرار على الهدف، والصبر، وتعلم التضامن والتعاون والانخراط في الفريق".

اكتشفت رشيدة القساوة التي يعيشها الناس، وصعوبات عمل المرشدين، وكيف يصعدون إلى قمة الجبل وينزلون منها، وكيف يتفانون في الخدمة والإرشاد والتوجيه كي يصل الجميع بسلام، وتقول إن "المرشد ساعدني.. هو يعرف الطريق، ويحمل الماء، ويقدم الإسعافات.. يحفز ويشجع، ويوفر كل الخدمات".

وأضافت أن "تحدي صعود الجبال في الثلج صعب جدا، لكنه في الوقت نفسه تحد للذات، والذهاب إلى أبعد نقطة في التحمل، تمتزج فيه المشاعر وتختلط الأحاسيس بين المتعة والتعب حد البكاء". 

‪حملة أمتعة خلال المشاركة في تحدي توبقال على البغال‬ (الجزيرة)
‪حملة أمتعة خلال المشاركة في تحدي توبقال على البغال‬ (الجزيرة)

رسالة موحدة
رسالة موحدة توجهها كل النوادي، وأجمع عليها كل من تحدثت معهم الجزيرة نت، تدعو إلى السفر واكتشاف الأماكن والذات، ومن خلاله الإسهام في فك العزلة عن مناطق نائية، والمساهمة في تنميتها.

تقول رشيدة "أنصح الجميع بوضع هدف، وبزيارة المناطق النائية والوعرة.. ستحس بالسعادة عند تحقيقه وتنتشي بالانتصار"، بينما يؤكد مصطفى أن جمالية التجربة تدفع صاحبها إلى اقتسام الفكرة والتعريف بها.

أما حسن فيقول "كنا لا نرى المغاربة في توبقال، اليوم وبفضل النوادي ووسائل التواصل الاجتماعي والاقتسام، نعمل مع المغاربة، ومعهم نعيش ونمارس المهنة".

المصدر : الجزيرة