رغم رسوخها.. شجرة الأرز غير قادرة على النمو في لبنان

ارز لبنان في مهب التغيرات المناخية
محمية تنورين (الجزيرة)

بشرى عبد الصمد-بيروت

بين لبنان وشجرة الأرز علاقة قديمة، لا بل إن تاريخ غابات الأرز في هذه المنطقة يعود ثلاثين ألف سنة إلى الوراء.

لكن شجرة الأرز -التي صمدت لسنوات أمام العوامل الطبيعية والمناخية ويد الانسان- تبدو اليوم مهددة بفعل التغيرات المناخية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن هذه الاشجار لن تكون بحلول 2100 قادرة على النمو إلا في شمال البلاد حيث الجبال ذات الارتفاعات العالية.

وقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) -في تقرير لها عام 2016 بعنوان "التراث العالمي والسياحة في مناخ متغير"- غابات الأرز في لبنان كأحد المواقع التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة وتفاقم موجات الجفاف.

وسبق للاتحاد الدولي للمحافظة على البيئة أن أدرج هذه الشجرة ضمن قائمة الأصناف المهددة بالانقراض عام 2009.

حشرة السيفلسيا  
عوامل عدة ساهمت في تقلص غابات الأرز في لبنان، فقد استخدمت أخشابه في حضارات مختلفة على مر العصور لبناء المعابد والمراكب، ثم بدأ التمدد العمراني يدفع بتلك الغابات إلى ارتفاعات أعلى.

‪د. نمر: ارتفاع درجات الحرارة يدفع السيفلسيا للخروج وغزو أشجار الأرز‬ د. نمر: ارتفاع درجات الحرارة يدفع السيفلسيا للخروج وغزو أشجار الأرز (الجزيرة)
‪د. نمر: ارتفاع درجات الحرارة يدفع السيفلسيا للخروج وغزو أشجار الأرز‬ د. نمر: ارتفاع درجات الحرارة يدفع السيفلسيا للخروج وغزو أشجار الأرز (الجزيرة)

أما بيئيا فقد ساهم الاحتباس الحراري -الذي أدى إلى تقلص فصل الشتاء وقلة تساقط الثلوج والأمطار- في إضعاف شجرة الأرز لا سيما أنه ضاعف من أعداد الحشرات الضارة والفتاكة وخصوصا حشرة السيفلسيا تنوريناس التي اكتشفت في غابات تنورين وحملت اسمها.

وبحسب د. نبيل نمر المتخصص في عالم الحشرات، فقد قتلت تلك الحشرة 7.5% من أشجار الغابات بين عامي 2006 و2018، قبل أن يبدأ الخبراء باستخدام الفطريات التي تقضي على يرقات الحشرة بشكل طبيعي.

ويشير بحديث للجزيرة نت إلى أن حشرة السيفلسيا التي ترعى على إبريات الأرز اليانعة تستطيع التأقلم مع التغيرات المناخية بسرعة، وهي تعيش عادة تحت التراب لفترات قد تمتد لخمس سنوات فلا يخرج منها عادة إلا نسبة قليلة لا تتجاوز 25%، لكن غياب الصقيع والثلج وارتفاع الحرارة المبكر يدفع السيفلسيا للخروج بشكل جماعي وغزو البراعم الجديدة للأرز مما يجعل هذه الأغصان والشجرة يابسة خلال ثلاث إلى خمس سنوات.

اهتمام محلي
لكن السنوات العشر الأخيرة شهدت اهتماما متزايدا بغابات الأرز التي تحولت إلى محميات طبيعية، كما تكثفت عمليات التشجير في محيط تلك المحميات، وعام 2015 أطلقت وزارة الزراعة مشروعا لغرس أربعين مليون شجرة بما يعني زيادة الغطاء الأخضر إلى 20%.

ويؤكد د. نمر أن شجرة الأرز صلبة وقوية وقادرة على التأقلم مع التغيرات، كما أن مساحات الأرز -التي كانت تقدر قبل خمسين عاما- بـ 1600 إلى 1800 هكتار توسعت اليوم إلى حوالي 4500 هكتار.

‪محمية أرز الشوف‬ محمية أرز الشوف (الجزيرة)
‪محمية أرز الشوف‬ محمية أرز الشوف (الجزيرة)

وتشكل محمية أرز الشوف نموذجا للجهود المبذولة، فالمحمية التي أنشئت عام 1996 توسعت مساحتها 3% حتى أصبحت تشكل 5% من مساحة لبنان وهي تضم 24 بلدة في منطقتي الشوف والبقاع.

وقد تمكنت تعاونيات مزارعي الشتول الحرجية من تحسين الأوضاع لمواكبة التغيرات المناخية.

ومن جانبه يقول منذر بو وادي منسق أعمال الحقل في محمية أرز الشوف -في حديثه للجزيرة- إن المشاتل استطاعت أن تؤمن 27 صنفا من الأشجار للمحمية بهدف إعادة تأهيل النظم الأيكولوجية.

ويتابع المسؤول للجزيرة أن إدارة المحمية أدخلت ايضا حيوانات كانت منقرضة في لبنان من بينها 12 وعلا جبليا أحضرت من الأردن.

المصدر : الجزيرة