الطربوش إرث عثماني وصناعة مصرية

epa04106070 A photograph made available on 02 March 2014, shows a typical Egyptian Tarboosh (Fez hat), being fashioned at the two hundred and six years old last shop still making them, in el-Ghouria street of Khan al-Khalil popular area, Cairo, Egypt, 01 March 2014. The Tarboosh (Fez hat) was at first a product of the city of Fez in Morocco, its use spread throughout North Africa and was later introduced largely in most of the Ottoman empire. The ottomans brought it with them to Egypt. The Late Egyptian president Gamal Abdelnasser who was amidst a modernization campaign, had banned its use in 1954 as he saw it a symbol of Turkish dominance. It is now used only by al-Azhar clerics and students as well as for historic movies or though in a simpler version for tourists. Khan al-Khalil area of Egypt is mostly known for its tourist souvenir shops, an historical mosques and buildings in one side and the narrow street in the backside where artisans and smaller shops fill the bazaar with noise, smells and a bygone atmosphere. EPA/AMEL PAIN
يتم كي الجوخ (نوع من القماش لونه أحمر) في قالب مقاس رأس الشخص ليأخذ شكل الطربوش (الأوروبية)

في أحد شوارع القاهرة القديمة يعود بك التاريخ إلى حقب سابقة كانت تشتهر بارتداء الطربوش، بمحل يكاد يكون الوحيد المحافظ على تلك الصناعة.

الطربوش، ذلك الإرث العثماني الذي ظل رمزاً للمكانة الاجتماعية في مصر قبل أن يتوارى شيئا فشيئاً، لا يزال على قيد الحياة بفضل ثلاثة زبائن لم يتوقفوا عن طلبه.

الزبائن الثلاثة يتمثلون في علماء الأزهر الذين يرتدون إحدى قبعاته الشهيرة، والفنانين لاستخدامه في أعمالهم، والسياح، وذلك وفقا لأحد صناعه.

تختلف الروايات حول بداية ظهور الطربوش في مصر، فيقال إن بداية صناعته تعود إلى نحو 400 سنة، وأول ظهور له كان في اليونان وألبانيا، ثم انتقل إلى العرب خلال الحقبة العثمانية، فأصدر السلطان سليمان القانوني عدة فرمانات في غرب المنطقة ومشارقها بتعميمه كزي بروتوكولي.

وعرفت مصر صناعة الطربوش في عهد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، وكان ارتداؤه عادة عثمانية، ثم أصبح مكوناً أساسياً في زي موظفي الحكومة، ويعاقب من لا يلتزم به.

‪الطربوش التقليدي لونه أحمر‬ (رويترز)
‪الطربوش التقليدي لونه أحمر‬ (رويترز)

مظهر للوقار
وظل الطربوش ﻣﻈﻬﺮﺍً مهماً ﻟﻠﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ في ﻣﺼﺮ حتى قيام ثورة يوليو/تموز 1952، حين قرر الرئيس جمال عبد الناصر إلغاء فكرة إلزامية ارتدائه.

في وسط القاهرة وتحديدًا منطقة الغورية، تقع ورشة محمد الطرابيشي، أحد أقدم الورش لصناعة الطرابيش هناك.

عن صناعة الطربوش يقول أحد ورثة المهنة عن أجدادهم وهو الأربعيني المصري أحمد الطرابيشي "في البداية يتم الحصول على مقاس رأس الشخص، ونتعرف منه على الارتفاع الذي يريده في الطربوش".

ويضيف "بعد ذلك نأتي بخوص النخيل (السعف) من منطقة رشيد (شمالي مصر)، وبعدها نكوي الخوص في قالب نحاسي خاص بمقاس الطربوش، حيث يوجد أكثر من عشرة قوالب، حسب مقاس رأس كل شخص، ثم نضع القالب على النار كي يتم كيها ثم نتركها حتى تبرد".

ووفق أحمد الطرابيشي، يأتي بعد ذلك الصانع بالجوخ (نوع من القماش لونه أحمر) ويكويه في قالب مقاس رأس الشخص ليأخذ شكل الطربوش.

ويضيف "بعدها نلصق الخوص والجوخ بمادة لاصقة مع كيهما مرة ثانية، ثم نبطّن الخوص بقماش عن طريق الخياطة وبعدها نضع زر الحرير (خيوط من الحرير فوق العمامة) الذي يوجد منه أكثر من لون ويتم اختياره حسب رغبة الشخص ومهنته".

وعن الأسعار يقول الطرابيشي إنها مختلفة حسب نوع الخوص والجوخ المستخدمين في صناعة الطربوش، فتبدأ من 20 جنيهًا (نحو دولار واحد)، ويصل سعره في بعض الأحيان 250 جنيهاً (نحو 13 دولاراً).

‪تتعدد ألوان الطرابيش‬ (رويترز)
‪تتعدد ألوان الطرابيش‬ (رويترز)

أشكال مختلفة
من جهته يقول الخمسيني ناصر عبد الباسط الذي يعمل في المهنة منذ كان عمره 5 سنوات، إن الطربوش المتداول خلال مرحلة ما قبل عبد الناصر هو الذي اختفى من على رؤوس الناس، ورغم ذلك يتم بيعه للعاملين في مجال السينما والتلفزيون.

ويشير عبد الباسط إلى أن صانعي الطرابيش يعتمدون حاليًا على البيع للمقرئين والأئمة والخطباء الذين يشترون الطربوش لكونه يعطي صاحبه الوقار.

وعن أشكال الطرابيش يقول إنها تختلف فيما بينها باختلاف "الزر" (قطعة قماش تتدلى من الطربوش) فكل زر له دلالة معينة، فعمّة المقرئ تكون باللون الأحمر وزر لبني.

ويضيف "هناك طربوش أحمر بزر أسود يرتديه الواعظ والإمام والداعية والمدرس وشيخ المعهد، ويوجد طربوش خاص بالصوفيين لونه أخضر، بالإضافة إلى طرابيش أخرى بألوان مختلفة للسياح خاصة سُياح دول شرق آسيا".

المصدر : وكالة الأناضول